موسوعة القواعد الفقهية

المَطلبُ الثَّاني: مِنَ القَواعِدِ المُندَرِجةِ تَحتَ قاعِدةِ كُلُّ ما حُرِّمَ لصِفَتِه لا يُباحُ إلَّا بسَبَبِه، وما يُباحُ لصِفَتِه لا يُحَرَّمُ إلَّا بسَبَبِه: ما حَرَّمَه اللهُ تَحريمًا مُطلقًا لا يُباحُ إلَّا إذا وُجِدَ سَبَبُ حِلِّه


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "ما حَرَّمَه اللهُ تَحريمًا مُطلقًا لا يُباحُ إلَّا إذا وُجِدَ سَبَبُ حِلِّه" [295] يُنظر: ((الفتاوى الكبرى)) لابن تيمية (6/206). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ الأشياءَ التي حَرَّمَها اللهُ عَزَّ وجَلَّ تَحريمًا مُطلقًا بدونِ تَعليقٍ على شَرطٍ -كَحُرمةِ الخَمرِ ونَحوِها مِنَ المُحَرَّماتِ التي حَرَّمَها اللهُ تَحريمًا مُطلقًا- فإنَّها لا تُباحُ إلَّا إذا وُجِدَ سَبَبٌ مُبيحٌ كالإكراهِ أوِ الاضطِرارِ؛ فإنَّ المُكرَهَ والمُضطَرَّ يُباحُ له تَناوُلُ المُحَرَّمِ لأجلِ السَّبَبِ الطَّارِئِ، وتُعتَبرُ هذه القاعِدةُ أخَصَّ مِنَ القاعِدةِ الأُمِّ، فهيَ أحَدُ شِقَّيِ القاعِدةِ، وقدِ انفرَدَ بذِكرِ هذه القاعِدةِ ابنُ تيميَّةَ [296] يُنظر: ((قواعد الأحكام)) للعز بن عبدالسلام (2/111:109)، ((الفروق)) للقرافي (3/96)، ((الفتاوى الكبرى)) لابن تيمية (6/206). .
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
دَلَّ على هذه القاعِدةِ ما سَبَقَ مِن أدِلَّةٍ في قاعِدةِ (كُلُّ ما حُرِّمَ لصِفتِه لا يُباحُ إلَّا بسَبَبِه، وما يُباحُ لصِفتِه لا يُحَرَّمُ إلَّا بسَبَبِهـ) وقاعِدةِ (الضَّروراتُ تُبيحُ المَحظوراتِ).
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- الخَمرُ؛ فإنَّها حَرامٌ، لكِن مَن أُكرِهَ على شُربِها، أو غَصَّ ولم يَجِدْ ما يُسيغُ به الغُصَّةَ سِواها، فإنَّه يَلزَمُه ذلك، وتَكونُ مُباحةً وَقتَها؛ لأنَّ حِفظَ الحَياةِ أعظَمُ في نَظَرِ الشَّرعِ مِن رِعايةِ المُحَرَّماتِ المَذكوراتِ [297] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (24/32)، ((قواعد الأحكام)) للعز بن عبدالسلام (1/93)، ((المغني)) لابن قدامة (9/161)، ((الفتاوى الكبرى)) لابن تيمية (6/205)، ((شرح تنقيح الفصول)) (ص: 87)، ((الذخيرة)) (5/207) كلاهما للقرافي، ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 82)، ((إيضاح المسالك)) للونشريسي (1/365)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (8/13). .
2- الفِطرُ في رَمَضانَ؛ فإنَّه حَرامٌ ولا يُباحُ إلَّا إذا وُجِدَ سَبَبٌ مُبيحٌ، كالسَّفَرِ أوِ المَرَضِ [298] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (3/76)، ((المغني)) لابن قدامة (3/116)، ((الفروق)) (2/123)، ((الذخيرة)) (5/207) كلاهما للقرافي، ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 82)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/186). .

انظر أيضا: