المَطلَبُ الرَّابِعُ: مُؤَلَّفاتٌ غَيرُ مُستَقِلَّةٍ في القَواعِدِ الفِقهيَّةِ
مِنَ المُؤَلَّفاتِ التي أولَت عِلمَ القَواعِدِ الفِقهيَّةِ عِنايةً: بَعضُ المُؤَلَّفاتِ غَيرِ المُستَقِلَّةِ بعِلمِ القَواعِدِ، لكِنَّها ضَمَّتِ القَواعِدَ وأولَتها أهَمِّيَّةً في البَحثِ والنَّظَرِ والإحالةِ عليها، وصارَ بَعضُها مَصدَرًا للقَواعِدِ الفِقهيَّةِ، ومن ذلك:
1- "الموافَقات":لأبي إسحاقَ الشَّاطِبيِّ (ت 790هـ).
فقد أثرى كِتابَه المَقاصِديَّ بكَثيرٍ مِنَ القَواعِدِ الفِقهيَّةِ وعَوَّلَ عليها، وأحالَ إلَيها.
ومِن ذلك قَولُه: (وإذا نَظَرتَ بالنَّظَرِ المَسوقِ في هذا الكِتابِ تَبَيَّن به مِن قُربٍ بَيانُ القَواعِدِ الشَّرعيَّةِ الكُلِّيَّةِ، التي إذا انخَرَمَ مِنها كُلِّيٌّ واحِدٌ انخَرَمَ نِظامُ الشَّريعةِ، أو نَقَصَ مِنها أصلٌ كُلِّيٌّ)
[595] ((الموافقات)) (4/ 257). .
وقَولُه أيضًا: (قَولُه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ
((لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ )) [596] أخرجه ابن ماجه (2341)، وأحمد (2865). حسَّنه النووي في ((بستان العارفين)) (35)، والسيوطي في ((الجامع الصغير)) (9880)، والزرقاني في ((مختصر المقاصد)) (1200)، وحسَّنه الألباني بمجموع طرقه في ((حقوق النساء في الإسلام)) (67). وذهب إلى تصحيحه ابنُ رجب في ((جامع العلوم والحكم)) (2/211). ورُوي عن عُبادةَ بنِ الصَّامتِ: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قضى أنْ لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ)). أخرجه ابن ماجه (2340)، وعبد الله بن أحمد في ((زوائد المسند)) (22778). حسَّنه النووي في ((بستان العارفين)) (35)، والسيوطي في ((الجامع الصغير)) (9880)، وقال ابن كثير كما في ((الدراري المضية)) للشوكاني (285): مشهورٌ. وذهب إلى تصحيحه ابنُ رجب في ((جامع العلوم والحكم)) (2/211)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجهـ)) (2340). ؛ فإنَّه داخِلٌ تَحتَ أصلٍ قَطعيٍّ في هذا المَعنى، فإنَّ الضَّرَرَ والضِّرارَ مَبثوثٌ مَنعُه في الشَّريعةِ كُلِّها، في وقائِعَ جُزئيَّاتٍ، وقَواعِدَ كُلِّيَّاتٍ، كقَولِه تَعالى:
ولا تُمسِكوهُنَّ ضِرارًا لتَعتَدوا [البقرة: 231] )
[597] ((الموافقات)) (3/ 185). .
وقاعِدةُ: "الضَّروراتُ تُبيحُ المَحظوراتِ"
[598] يُنظر: ((الموافقات)) (5/99). ، وقاعِدةُ: "الأعمالُ بالنِّيَّاتِ"
[599] يُنظر: ((الموافقات)) (2/ 340). ، وقاعِدةُ: "دَرءُ المَفاسِدِ مُقدَّمٌ على جَلبِ المَصالِحِ"
[600] يُنظر: ((الموافقات)) (3/ 465). ، وقاعِدةُ المَشَقَّةِ
[601] يُنظر: ((الموافقات)) (2/ 268) وما بعدها. . وغَيرُها كَثيرٌ؛ فقد شَحَنَ كِتابَه بنَحوِ (100) قاعِدةٍ فِقهيَّةٍ مَبثوثةٍ في أثنائِه
[602] يُنظر فهرس كتاب ((الموافقات)) (6/ 446- 451). .
2- "المبسوط":لشَمسِ الأئِمَّةِ السَّرَخسيِّ (ت 483 هـ).
وهو مَوسوعةٌ فِقهيَّةٌ حَنَفيَّةٌ، وتَمتازُ بحَشدٍ كَبيرٍ لزُمرةٍ مِنَ القَواعِدِ الفِقهيَّةِ. ولا يَكادُ يُخلي حُكمًا عَن تَعليلٍ أو إرجاعٍ إلى أصلٍ فِقهيٍّ وقاعِدةٍ فِقهيَّةٍ، ومِن ذلك:
قاعِدةُ: "الأجرُ والضَّمانُ لا يَجتَمِعانِ"
[603] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (15/147، 168)، و(16/54)، و(30/160). ، وقاعِدةُ: "فإذا لم يَثبُتْ ما هو الأصلُ لا يَثبُتُ ما في ضِمنِه"
[604] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (17/ 37). ، وقاعِدةُ: "الاستِدامةُ فيما يُستَدامُ كالإنشاءِ"
[605] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (1/ 188) ونحوه: (3/66)، (4/89). ، وقاعِدةُ: "اليَقينُ لا يُزالُ بالشَّكِّ"
[606] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (1/ 2، 50، 59، 121، 143) وغيرها. .