موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ الثَّاني: الاختِلافُ في قُيودِ القاعِدةِ


بَعضُ القَواعِدِ قد يَحصُلُ الاتِّفاقُ على أصلِها، لكِن يُختَلَفُ في قُيودِها، فيُقَيِّدُها البَعضُ بقَيدٍ أو قُيودٍ، ويُحَرِّرُها البَعضُ الآخَرُ مِن تلك القُيودِ أو يُقَيِّدُها بقُيودٍ أُخرى.
ومِن أمثِلةِ ذلك:
قاعِدةُ "إذا بَطَلَ الشَّيءُ بَطَلَ ما في ضِمنِه"، فالأصلُ عِندَ أبي يوسُفَ: أنَّه إذا لم يَصِحَّ الشَّيءُ لم يَصِحَّ ما في ضِمنِه. وعِندَ أبي حَنيفةَ: يَجوزُ أن يَثبُتَ ما في ضِمنِه وإن لم يَصِحَّ. ومُحَمَّدٌ مَعَ أبي حَنيفةَ في كَثيرٍ مِن مَسائِلِ هذه القاعِدةِ.
فأبو يوسُفَ اشتَرَطَ لاعتِبارِ ما في ضِمنِ الشَّيءِ أن يَصِحَّ الشَّيءُ نَفسُه، بمَعنى: إذا بَطَلَ الشَّيءُ بَطَلَ ما في ضِمنِه. أمَّا أبو حَنيفةَ فحَرَّرَ القاعِدةَ مِن ذلك الشَّرطِ. وعليه: فإذا أودَعَ رَجُلٌ صَبيًّا مَحجورًا عليه مالًا، فاستَهلَكَه الصَّبيُّ، فعِندَ أبي حَنيفةَ ومُحَمَّدٍ أنَّه لا ضَمانَ على الصَّبيِّ؛ لأنَّه قد صَحَّ تَسليطُه على إتلافِ هذا المالِ، وإن لم يَصِحَّ عَقدُ الوديعةِ. وعِندَ أبي يوسُفَ: يَضمَنُ؛ لأنَّ التَّسليطَ لو صَحَّ فإنَّما يَصِحُّ ضِمنَ عَقدِ الوديعةِ، وعَقدُ الوديعةِ لم يَصِحَّ، فلَم يَصِحَّ ما في ضِمنِه [488] يُنظر: ((تأسيس النظر)) للدبوسي (ص: 63)، ((الأشباه والنظائر)) لابن نجيم (ص: 338- 339). .

انظر أيضا: