موسوعة القواعد الفقهية

المَبحَثُ الخامِسُ: الأصلُ في ضَمانِ العُقودِ هو القيمةُ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "الأصلُ في ضَمانِ العُقودِ هو القيمةُ" [4173] يُنظر: ((العناية)) للبابرتي (9/9)، ((البناية)) للعيني (10/144). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
الأصلُ في التَّعويضِ أوِ الضَّمانِ الذي يُلزَمُ به الطَّرَفُ المسؤولُ عنِ الإضرارِ أوِ الإخلالِ بالعَقدِ هو التَّعويضُ بالقيمةِ، ولا يُصارُ إلى الثَّمَنِ إلَّا عِندَ وُجودِ العَقدِ حَقيقةً مُستَكمِلًا أركانَه وشُروطَه، وإذا لم يوجَدْ صُيِّرَ إلى الأصلِ، فهذه القاعِدةُ تَتَعَلَّقُ ببَيانِ كَيفيَّةِ الوفاءِ بالضَّمانِ عِندَ تَلَفِ شَيءٍ، أوِ الإضرارِ به، أوِ الإخلالِ بالاتِّفاقاتِ التي تَنشَأُ عنِ الالتِزاماتِ في العُقودِ [4174] يُنظر: ((العناية)) للبابرتي (9/9)، ((البناية)) للعيني (10/144). .
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بقاعِدةِ (الأصلُ في المُتَقَوِّماتِ القيمةُ)، ويُضافُ إليها مِنَ المَعقولِ: أنَّ القيمةَ في العُقودِ هيَ مِثلٌ كامِلٌ للعَقدِ، فهيَ أقرَبُ إلى العَدلِ [4175] يُنظر: ((العناية)) للبابرتي (9/9)، ((دقائق أولي النهى)) للبهوتي (2/318). .
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، مِنها:
1- إذا تَلِف المَبيعُ في يَدِ المُشتَري في بَيعٍ فاسِدٍ بلا تَعَدٍّ مِنه، سَواءٌ في ذلك قَبلَ الفسخِ أو بَعدَه، أو أتلَفه المُشتَري واستَهلَكَه، أو وهَبَه إلى آخَرَ وسَلَّمَه إيَّاه، أو وُجِدَ سَبَبٌ مِنَ الأسبابِ مِمَّا يَجعَلُ رَدَّ المَبيعِ عَينًا مُتَعَذِّرًا- يَلزَمُ الضَّمانُ بقيمَتِه لا الثَّمَنُ المُسَمَّى [4176] يُنظر: ((درر الحكام)) لعلي حيدر (1/395). .
2- لَوِ اشتُرِطَ عَمَلُ رَبِّ المالِ مَعَ المُضارِبِ، فسَدَتِ المُضارَبةُ، وكان الرِّبحُ لرَبِّ المالِ، وللمُضارِبِ أُجرةُ مِثلِه، وذلك لأنَّها حَصَلَت إجارةٌ بأجرٍ مَجهولٍ، والإجارةُ إذا فسَدَت أوجَبَت أجرَ المِثلِ للعَمَلِ [4177] يُنظر: ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (3/368، 381)، ((المبسوط)) للسرخسي (22/88). .
3- إن ماتَ العامِلُ في المُساقاةِ، أو فسَخَ رَبُّ المالِ المُساقاةَ قَبلَ ظُهورِ الثَّمَرةِ وبَعدَ الشُّروعِ في العَمَلِ، فللعامِل أجرُ عَمَلِه؛ لأنَّ العَقدَ يَقتَضي العِوَضَ المُسَمَّى، ولَم يَرضَ العامِلُ بإسقاطِ حَقِّه مِنه؛ لأنَّ المَوتَ لَم يَأتِه باختيارِه في المَسألةِ الأولى، ولأنَّ رَبَّ المالِ مَنَعَه مِن إتمامِ العَمَلِ بفَسخِه في المَسألةِ الثَّانيةِ، فإذا تَعَذَّرَ المُسَمَّى رُجِع إلى أجرِ المِثلِ [4178] يُنظر: ((شرح منتهى الإرادات)) لابن النجار (6/85،84). .

انظر أيضا: