موسوعة القواعد الفقهية

الفرعُ الثَّالثُ: ضَمانُ القيمةِ مَعَ ضَمانِ الثَّمَنِ لا يَجتَمِعانِ.


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "ضَمانُ القيمةِ مَعَ ضَمانِ الثَّمَنِ لا يَجتَمِعانِ" [4160] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (25/183)، ((المحيط البرهاني)) لابن مازه (5/520). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
الشَّخصُ المُتَعَدِّي أو مَن يَدُه على الشَّيءِ يَدُ ضَمانٍ، إذا تَلف الشَّيءُ أوِ استُهلكَ عِندَه، فعليه أن يَضمَنَه بقيمَتِه السُّوقيَّةِ، وليس ما دَفعَه المُشتَري أوِ البائِعُ كَثَمَنٍ له، ويُقصَدُ بضَمانِ الثَّمَنِ أنَّ على الشَّخصِ دَفعَ الثَّمَنِ المُحَدَّدِ للشَّيءِ كما هو مَذكورٌ في العَقدِ، لا قيمَتِه السُّوقيَّةِ، فتُفيدُ القاعِدةُ أنَّ الضَّمانَ بالقيمةِ والثَّمَنِ لا يُمكِنُ أن يَجتَمِعا، أي: أنَّه لا يُمكِنُ أن يَتَحَمَّلَ الشَّخصُ الضَّمانَ بالقيمةِ والضَّمانَ بالثَّمَنِ مَعًا في نَفسِ الوقتِ في مُعامَلةٍ واحِدةٍ؛ فإمَّا أن يَكونَ الضَّمانُ بالقيمةِ أو بالثَّمَنِ، ولا يُمكِنُ أن يَكونَ بهما مَعًا، وتُعتَبرُ هذه القاعِدةُ مُكَمِّلةً لقاعِدةِ (الأصلُ في المُتَقَوِّماتِ القيمةُ).
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقَواعِدِ والمَعقولِ:
1- مِنَ القَواعِدِ:
يُستَدَلُّ لَها بالقَواعِدِ الآتيةِ:
- قاعِدةُ (الأجرُ والضَّمانُ لا يَجتَمِعانِ).
- وقاعِدةُ: (مَن ثَبَتَ له أحَدُ أمرَينِ، فإنِ اختارَ أحَدَهما سَقَطَ الآخَرُ، وإن أسقَطَ أحَدَهما ثَبَتَ الآخَرُ) [4161] يُنظر: ((القواعد)) لابن رجب (2/337). .
2- مِنَ المَعقولِ:
وهو أنَّ كُلًّا مِنَ القيمةِ والثَّمَنِ بَدَلٌ للسِّلعةِ، ولا يَجتَمِعُ بَدَلانِ على مُبدَلٍ واحِدٍ، فإذا وجَبَتِ القيمةُ سَقَطَ الثَّمَنُ، وإذا وجَبَ الثَّمَنُ سَقَطَتِ القيمةُ.
قال ابنُ رَجَبٍ: (لا يَصِحُّ الجَمعُ بَينَ البَدَلِ والمُبدَلِ) [4162] ((القواعد)) (1/107). .
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- إذا فسَدَ البَيعُ بفَسادِ الشَّرطِ في أحَدِ العِوَضَينِ فالبَيعُ الفاسِدُ لا يُفيدُ المَلكَ عِندَ الشَّافِعيَّةِ، سَواءٌ اتَّصَلَ به القَبضُ، أو لَم يَتَّصِلْ، ثُمَّ ما قَبَضَه المُشتَري مَضمونٌ عليه، ولَو تَلِف في يَدِه لَزِمَته قيمَتُه للبائِعِ، ولا يَضمَنُه بالثَّمَنِ؛ لفَساد البَيعِ [4163] يُنظر: ((نهاية المطلب)) لأبي المعالي الجويني (5/383). .
2- إذا فسَدَتِ الإجارةُ، وكان المُستَأجِرُ قدِ استَوفى بَعضَ المَنافِعِ، فإنَّه يَلزَمُه أُجرةُ المِثلِ لا الثَّمَنُ المُسَمَّى، وقد ثَبَتَ أنَّه لَوِ ابتاعَ بَيعًا فاسِدًا فأتلَفَه، أنَّ عليه قيمَتَه، فكَذلك الإجارةُ [4164] يُنظر: ((مختصر اختلاف العلماء)) للجصاص (4/134)، ((الإشراف)) لعبد الوهاب (2/658)، ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 164)، ((القواعد)) لابن رجب (1/312). .

انظر أيضا: