موسوعة أصول الفقه

المَسألةُ الثَّانيةُ: طُرُقُ التَّرجيحِ بَينَ الأقيِسةِ التي تَرجِعُ إلى العِلَّةِ


لمَّا كانتِ العِلَّةُ هيَ رُكنَ القياسِ الأعظَمِ كانت مَحَلَّ النَّظَرِ والِاعتِبارِ عِندَ تَعارُضِ الأقيِسةِ وكَثرةِ المُرَجِّحاتِ العائِدةِ إليها، ومِن هذه المُرَجِّحاتِ:
أوَّلًا: كَونُ العِلَّةِ في أحَدِ القياسَينِ مَظنونًا بها ظَنًّا أغلَبَ مِنَ الآخَرِ
إذا تَعارَضَ قياسانِ وكانتِ العِلَّة مَظنونًا وجودُها في أحَدِ القياسَينِ ظَنًّا أقوى مِنَ الآخَرِ، فإنَّه يُقدَّمُ على الظَّنِّ غَيرِ الأغلَبِ، وذلك بأن تَكونَ إحداهما مَردودةً إلى أصلٍ مُجمَعٍ عليه، والأخرى إلى أصلٍ مُختَلَفٍ فيه، أو تَكونَ إحداهما مُفسَّرةً، والأخرى مُجمَلةً ، ومِمَّن نَصَّ عليه: الغَزاليُّ ، وابنُ عَقيلٍ ، والآمِديُّ ، وابنُ الحاجِبِ .
ومَثَّل الكَلْوَذانيُّ لكَونِ إحداهما مُفسَّرةً، والأخرى مُجمَلةً، قائِلًا: (كقياسِنا: في الأكلِ في رَمَضانَ أنَّه لا كَفَّارةَ فيه لأنَّه إفطارٌ بغَيرِ مُباشَرةٍ، فأشبَهَ إذا ابتَلَعَ الحَصاةَ: أَولى مِن قياسِهم: أفطَرَ بمُسَوِّغِ جِنسِه؛ لأنَّ المُفسَّرَ في الكِتابِ والسُّنَّةِ يُقدَّمُ على المُجمَلِ، وكذلك في المُستَنبَطِ مِنهما) .
ثانيًا: كَونُ أصلِ إحدى العِلَّتَينِ قد نُصَّ على القياسِ عليه
العِلَّةُ المَردودةُ إلى أصلٍ قاسَ الشَّارِعُ عليه: راجِحةٌ على غَيرِها، ومِمَّن نَصَّ عليه: الشِّيرازيُّ ، وابنُ عَقيلٍ ، والطُّوفيُّ .
وذلك كَقياسِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الحَجَّ على دَينِ الآدَميِّ في حَديثِ الخَثْعَميَّةِ ، فلَو قال قائِلٌ: الحَجُّ عنِ المَعضوبِ لا يُجزِئُ بالقياسِ على الصَّلاةِ، لَقُلنا: القياسُ على ما قاسَ عليه الشَّارِعُ أَولى، لأنَّه أعلَمُ بالأحكامِ ومَصالِحها ومَفاسِدِها، ويَصيرُ القياسُ المُعارِضُ لقياسِ الشَّارِعِ كالقياسِ المُعارِضِ لنَصِّه، بَل هو مُعارِضٌ لنَصِّه حَقيقةً؛ لأنَّه نَصَّ على الحُكمِ، ثُمَّ أوضحَه بالقياسِ على أصلٍ واضِحٍ ؛ لأنَّه قال للخَثْعَميَّةِ: ((حُجِّي عن أبيك)) .
ثالِثًا: تَقديمُ العِلَّةِ المنصوصةِ على المُستَنبَطةِ
إذا تَعارَضَ قياسانِ، وكانت عِلَّةُ أحَدِهما ثابِتةً بالنَّصِّ، والأخرى ثابِتةً بالِاستِنباطِ، فإنَّ التي تَثبُتُ عِلِّيَّتُها بالنَّصِّ تُقدَّمُ على التي ثَبَتَت عِلِّيَّتُها بالِاستِنباطِ؛ لأنَّ نَصَّ الشَّارِعِ أَولى مِنِ اجتِهادِ المُجتَهِدِ؛ لعِصمةِ النَّصِّ دونَ اجتِهادِ المُجتَهِدِ ، ومِمَّن نَصَّ عليه: إمامُ الحَرَمَينِ ، والشِّيرازيُّ ، وابنُ عَقيلٍ .
ومِثالُها: تَعليلُ حُرمةِ بَيعِ الرُّطَبِ بالتَّمرِ بأنَّه جِنسٌ رِبَويٌّ بِيعَ بَعضُه ببَعضٍ على صِفةٍ يَتَفاضَلانِ في حالِ الكَمالِ والِادِّخارِ، فأشبَهَ الحِنطةَ بالدَّقيقِ؛ فإنَّ هذا القياسَ يُقدَّمُ على تَعليلِ مَن عَلَّل بوُجودِ التَّماثُلِ في الحالِ ؛ لأنَّ العِلَّةَ الأولى مَنصوصٌ عليها؛ فإنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَصَّ على مَعنى هذا التَّعليلِ في حَديثِ: ((أيَنقُصُ الرُّطَبُ إذا يَبِسَ؟)) ؛ فكانت أَولى مِنَ المُستَنبَطةِ .
رابِعًا: كَونُ مَسلَكِ العِلَّةِ نَصًّا قَطعيًّا في أحَدِ القياسَينِ
إذا تَعارَضَ قياسانِ، وكان مَسلَكُ العِلَّةِ في أحَدِهما نَصًّا قَطعيًّا، والآخَرِ نَصًّا ظاهرًا، أو إيماءً؛ فإنَّ القياسَ ذا المَسلَكِ القَطعيِّ يُقدَّمُ لكَونِ مَسلَكِه أقوى مِن مَسلَكِ القياسِ الثَّاني ، ومِمَّن نَصَّ عليه: الشِّيرازيُّ ، والرَّازيُّ ، والآمِديُّ ، وابنُ الحاجِبِ ، وابنُ السُّبكيِّ ، ومُحِبُّ الدِّينِ بنُ عبدِ الشَّكورِ .
خامِسًا: كَونُ مَسلَكِ العِلَّةِ في أحَدِ القياسَينِ نَصًّا ظاهرًا وفي مُقابِلِه إيماءً
إذا تَعارَضَ قياسانِ، وكان مَسلَكُ العِلَّةِ في أحَدِهما نَصًّا ظاهرًا، وفي الآخَرِ إيماءً، فإنَّه يُقدَّمُ ما كان مَسلَكُه مِنَ النَّصِّ الظَّاهرِ على ما كان مَسلَكُه مِنَ الإيماءِ، ومِمَّن نَصَّ عليه: الشِّيرازيُّ ، وأبو المُظَفَّرِ السَّمعانيُّ ، وابنُ السُّبكيِّ ؛ وذلك لأنَّ دَلالةَ النَّصِّ الظَّاهرِ على العِلَّةِ أقوى مِن دَلالةِ الإيماءِ، واحتِمالُه لغَيرِ العِلَّةِ أضعَفُ مِنه في الإيماءِ .
سادِسًا: تَرجيحُ القياسِ المُعَلَّلِ بالوَصفِ الحَقيقيِّ على القياسِ المُعَلَّلِ بالوَصفِ غَيرِ الحَقيقيِّ
إذا تَعارَضَ قياسانِ، وكان أحَدُهما مُعَلَّلًا بوصفٍ حَقيقيٍّ، والآخَرُ مُعَلَّلًا بوصفٍ اعتِباريٍّ، أو حِكمةٍ مُجَرَّدةٍ أو وَصفٍ حُكميٍّ؛ فإنَّه يُرَجَّحُ المُعَلَّلُ بالوَصفِ الحَقيقيِّ ، ومِمَّن نَصَّ عليه: الرَّازيُّ ، والآمِديُّ ، وابنُ الحاجِبِ ، وابنُ السُّبكيِّ .
فيُرَجَّحُ التَّعليلُ بالسَّفرِ الذي هو مَظِنَّةُ المَشَقَّةِ على التَّعليلِ بنَفسِ المَشَقَّةِ، ويُرَجَّحُ قياسُ المَنيِّ على الطِّينِ في الطَّهارةِ، بأن يُقالَ في المَنيِّ: مُبتَدَأُ خَلقِ بَشَرٍ فأشبَهَ الطِّينَ، فيُقدَّمُ على القَولِ بتَحريمِه؛ لأنَّه مانِعٌ سَبَبُه الغُسلُ، فأشبَهَ الحَيضَ .
سابِعًا: تَقديمُ القياسِ المُعَلَّلِ بالوَصفِ الوُجوديِّ على المُعَلَّلِ بالوَصفِ العَدَميِّ
إذا تَعارَضَ قياسانِ، وكان أحَدُهما مُعَلَّلًا بوَصفٍ وُجوديٍّ، وآخَرُ مُعَلَّلًا بوَصفٍ عَدَميٍّ؛ فإنَّه يُقدَّمُ المُعَلَّلُ بالوَصفِ الوُجوديِّ على المُعَلَّلِ بالوَصفِ العَدَميِّ؛ لاتِّفاقِ الأصوليِّينَ على صِحَّةِ التَّعليلِ بالوُجوديِّ بخِلافِ العَدَميِّ ، ومِمَّن نَصَّ عليه: الرَّازيُّ ، والآمِديُّ ، وابنُ الحاجِبِ ، والزَّركَشيُّ .
وذلك كالقَولِ في فاكِهةِ السَّفرجَلِ: مَطعومٌ، فكان رِبَويًّا كالبُرِّ؛ فإنَّه يُقدَّمُ على قَولِ مَن قال: ليس بمَكيلٍ ولا مَوزونٍ، فلا يَكونُ رِبَويًّا؛ لأنَّ الأوَّلَ -وهو كَونُه مَطعومًا- وصفٌ وُجوديٌّ، والثَّاني -وهو كَونُه ليس بمَكيلٍ ولا مَوزونٍ- وصفٌ عَدَميٌّ .
قال الشُّوشاويُّ: (مِثالُه: اختِلافُهم في قَليلِ النَّبيذِ؛ قال مالِكٌ: شَرابٌ يُسكِرُ كَثيرُه فيَحرُمُ قَليلُه، أصلُه الخَمرُ. وقال أبو حَنيفةَ: شَرابٌ لا يُسكِرُ فلا يَحرُمُ، أصلُه اللَّبَنُ. فالوَصفُ الوُجوديُّ هو قَولُنا: يُسكِرُ، والحُكمُ الوُجوديُّ، هو قَولُنا: يَحرُمُ، والوَصفُ العَدَميُّ، هو قَولُنا: لا يُسكِرُ، والحُكمُ العَدَميُّ هو قَولُنا: فلا يَحرُمُ) .
ثامِنًا: كَونُ العِلَّةِ في أحَدِ القياسَينِ مُنتَزَعةً مَن أصلَينِ وفي الآخَرِ مِن أصلٍ واحِدٍ
إذا تَعارَضَ قياسانِ أحَدُهما يَشهَدُ لعِلَّتِه أصلانِ، والآخَرُ لا يَشهَدُ لعِلَّتِه إلَّا أصلٌ واحِدٌ؛ فإنَّه يُقدَّمُ ما يَشهَدُ لعِلَّتِه أصلانِ ؛ لأنَّ كَثرةَ الأصولِ في المَعنى الذي صارَ الوَصفُ به حُجَّةً بمَنزِلةِ الِاشتِهارِ في المَعنى الذي صارَ الخَبَرُ به حُجَّةً ، وهو اختيارُ الدَّبُوسيِّ ، وأبي المُظَفَّرِ السَّمعانيِّ ، واختارَه الغَزاليُّ فيما إذا كان طَريقُ الِاستِنباطِ مُختَلِفًا ، وابنُ السُّبكيِّ .
ومِثالُه: ما قاله الحَنَفيَّةُ في مَسحِ الرَّأسِ: إنَّه مَسحٌ، فلا يُسَنُّ تَكرارُه كَسائِر الممسوحاتِ ؛ فإنَّه أَولى مِن قَولِ الشَّافِعيِّ: إنَّه رُكنٌ، فيُسَنُّ تَكرارُه كالغُسلِ، فيُرَجَّحُ رَأيُ الحَنَفيَّةِ؛ لأنَّه يَشهَدُ لتَأثيرِ المَسحِ في عَدَمِ التَّكرارِ أصولٌ، كمَسحِ الخُفِّ، والتَّيَمُّمِ، ومَسحِ الجَبيرةِ، ولا يَشهَدُ لتَأثيرِ الرُّكنِ في التَّكرارِ إلَّا أصلٌ واحِدٌ، وهو الغُسلُ .
قال الغَزاليُّ: (مِثالُه: أنَّا إذا تَنازَعنا في أنَّ يَدَ السَّومِ لم توجِبِ الضَّمانَ، فقال الشَّافِعيُّ رَحِمَه اللهُ: عِلَّتُه أنَّه أخَذَ لغَرَضِ نَفسِه مِن غَيرِ استِحقاقٍ، وعَداه إلى المُستَعيرِ.
وقال الخَصمُ: بَل عِلَّتُه أنَّه أخَذَ ليَتَمَلَّكَ، فيَشهَدُ للشَّافِعيِّ في عِلَّتِه -رَحِمَه اللهُ- يَدُ الغاصِبِ ويَدُ المُستَعيرِ مِنَ الغاصِبِ، ولا يَشهَدُ لأبي حَنيفةَ -رَحِمَه اللهُ- إلَّا يَدُ الرَّهنِ، فلا يَبعُدُ أن يَغلِبَ رُجحانُ عِلَّةِ الشَّافِعيِّ عِندَ مُجتَهِدٍ، ويَكونَ كُلُّ أصلٍ كَأنَّه شاهِدٌ آخَرُ، وكذلك الرِّبا إذا عُلِّلَ بالطُّعمِ، يَشهَدُ له المِلحُ أيضًا، وإن عُلِّل بالقُوتِ لم يَشهَدْ له، فلا يَبعُدُ أن يَكونَ ذلك مِنَ التَّرجيحاتِ) .

انظر أيضا:

  1. (1) يُنظر: ((الإحكام)) للآمدي (4/271)، ((تشنيف المسامع)) للزركشي (3/541)، ((رفع الحاجب)) لابن السبكي (4/638).
  2. (2) يُنظر: ((المستصفى)) (ص: 379).
  3. (3) يُنظر: ((الواضح)) (2/305).
  4. (4) يُنظر: ((الإحكام)) (4/271).
  5. (5) يُنظر: ((مختصر منتهى السؤل والأمل)) (2/1304).
  6. (6) ((التمهيد)) (4/245). ويُنظر: ((العدة)) لأبي يعلى (5/1532)، ((الواضح)) لابن عقيل (2/305).
  7. (7) يُنظر: ((اللمع)) (ص: 119).
  8. (8) ((الواضح)) (2/357).
  9. (9) ((شرح مختصر الروضة)) (3/718).
  10. (10) أخرجه النسائي (5389)، وابن ماجه (2909)، ولَفظُ النَّسائيِّ: عنِ الفَضلِ بنِ عبَّاسٍ أنَّه كان رَديفَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غَداةَ النَّحرِ، فأتَته امرَأةٌ مِن خَثعَمٍ، فقالت: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ فريضةَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ في الحَجِّ على عِبادِه أدرَكَت أبي شَيخًا كَبيرًا لا يَستَطيعُ أن يَركَبَ إلَّا مُعتَرِضًا، أفأحُجُّ عنه؟ قال: نَعَم، حُجِّيّ عنه؛ فإنَّه لو كان عليه دَينٌ قَضَيتِه. صَحَّحه الألبانيُّ في ((صحيح سنن النسائي)) (5389). والحَديثُ أخرجه البخاري (1853) ومسلم (1335) مُختَصَرًا دونَ ذِكرِ الدَّينِ، ولفظُ مُسلِمٍ: عنِ الفضلِ أنَّ امرَأةً مِن خَثعَمٍ، قالت: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ أبي شَيخٌ كَبيرٌ، عليه فريضةُ اللهِ في الحَجِّ، وهو لا يَستَطيعُ أن يَستَويَ على ظَهرِ بَعيرِه، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فحُجِّي عنه. وأخرجه البخاري (1852) من حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنها، وذَكَرَ أنَّ المَرأةَ مِن جُهَينةَ، ولفظُه: عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ امرَأةً مِن جُهَينةَ جاءَت إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالت: إنَّ أمِّي نَذَرَت أن تَحُجَّ، فلم تَحُجَّ حتَّى ماتَت، أفأحُجُّ عنها؟ قال: نَعَم، حُجِّي عنها، أرَأيتِ لو كان على أمِّكِ دَينٌ، أكُنتِ قاضيةً؟ اقضوا اللَّهَ؛ فاللهُ أحَقُّ بالوَفاءِ.
  11. (11) يُنظر: ((روضة الناظر)) لابن قدامة (2/400)، ((شرح مختصر الروضة)) للطوفي (3/718). قال مُحَمَّد الأمين الشِّنقيطيُّ: (وإيضاحُه أنَّ الإنسانَ إذا ماتَ ولم يَحُجَّ حَجَّةَ الإسلامِ وقد تَرَكَ مالًا، فقد قال بَعضُ أهلِ العِلمِ: يَجِبُ أن يَحُجَّ عنه مالُه؛ لأنَّ الحَجَّ دَينٌ في ذِمَّتِه، فيَجِبُ قَضاؤُه عنه بَعدَ المَوتِ كَسائِرِ دُيونِه، فقاسوا الحَجَّ على دَينِ الآدَميِّ، بجامِعِ أنَّه مُطالَبٌ بالجَميعِ، ويَسقُطُ عنه بالأداءِ في الجَميعِ، ويَنتَفِعُ بالقَضاءِ في الجَميعِ. وقال بَعضُ أهلِ العِلمِ: لا يَلزَمُ الحَجُّ عنه مالَه إن لم يوصِ به؛ لأنَّ الحَجَّ عِبادةٌ بَدَنيَّةٌ، فتَسقُطُ المُطالَبةُ بها بالمَوتِ قياسًا على الصَّلاةِ، فيَرجِعُ القياسُ الأوَّلُ بأنَّه ورَدَت أحاديثُ مُتَعَدِّدةٌ بأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سُئِلَ عنِ الحَجِّ عنِ المَيِّتِ فشَبَّهَه بالدَّينِ، وقال: أرَأيتِ لو كان على أُمِّك دَينٌ فقَضَيتِه عنها، أكان يَنفعُها؟ قالت: نَعَمْ. قال: فدَينُ اللهِ أحَقُّ بالقَضاءِ، والحاصِلُ أنَّ القياسَ الأوَّلَ يَتَرَجَّحُ بأنَّ عِلَّتَه جَمعَ بها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَينَ ذلك الأصلِ والفرعِ، فصارَت مَردودةً إلى أصلٍ قاسَ الشَّارِعُ عليه، كما مَثَّلنا). ((مذكرة أصول الفقهـ)) (ص: 524).
  12. (12) أخرجه الترمذي (885) واللَّفظُ له، وأبو يعلى (312)، والبيهقي (13642). عن عَليِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضِيَ اللهُ عنه. صَحَّحه الترمذي، وحَسَّنه الألبانيُّ في ((صحيح سنن الترمذي)) (885)، وحَسَّن إسنادَه شُعَيب الأرناؤوط في تَخريج ((شرح مشكل الآثار)) (2535).
  13. (13) يُنظر: ((الواضح)) لابن عقيل (2/357)، ((شرح مختصر الروضة)) للطوفي (3/716)، ((رفع الحاجب)) لابن السبكي (4/638).
  14. (14) يُنظر: ((البرهان)) (2/230).
  15. (15) يُنظر: ((اللمع)) (ص: 119).
  16. (16) يُنظر: ((الواضح)) (2/357).
  17. (17) قال الكاسانيُّ: (فأبو حَنيفةَ -رَحِمَه اللهُ- يَعتَبِرُ المُساواةَ في الحالِ عِندَ العَقدِ، ولا يَلتَفِتُ إلى النُّقصانِ في المَآلِ، ومُحَمَّدٌ -رَحِمَه اللهُ- يَعتَبِرُها حالًا ومَآلًا، واعتِبارُ أبي يوسُف مِثلُ اعتِبارِ أبي حَنيفةَ، إلَّا في الرُّطَبِ بالتَّمرِ؛ فإنَّه يُفسِدُه بالنَّصِّ). ((بدائع الصنائع)) (5/188). ويُنظر أيضًا: ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (7/29:27).
  18. (18) عن عبدِ اللهِ بنِ يَزيدَ مَولى الأسودِ بنِ سُفيانَ أنَّ زَيدًا أبا عَيَّاشٍ مَولًى لبَني زُهرةَ أخبَرَه أنَّه سَألَ سَعدَ بنَ أبي وقَّاصٍ عنِ اشتِراءِ البَيضاءِ بالسُّلتِ. فقال له سَعدٌ: أيَّتُهما أفضَلُ؟ قال: البَيضاءُ. فنَهاني عنه وقال: إنِّي سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سُئِلَ عنِ اشتِراءِ الرُّطَبِ بالتَّمرِ، فقال: أيَنقُصُ الرُّطَبُ إذا يَبِسَ؟ قالوا: نَعَم، فنَهى عن ذلك. أخرجه أبو داود (3359)، والترمذي (1225)، وابن ماجه (2264) واللَّفظُ له. صَحَّحه الترمذي، وابن حبان في ((صحيحهـ)) (4997)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/477)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجهـ)) (2264).
  19. (19) يُنظر: ((رفع الحاجب)) لابن السبكي (4/638)، ((الفوائد السنية)) للبرماوي (5/273).
  20. (20) يُنظر: ((المستصفى)) للغزالي (ص: 379)، ((تشنيف المسامع)) للزركشي (3/541)، ((رفع الحاجب)) لابن السبكي (4/638)، ((التعارض والترجيح في الأقيسة)) لجيلاني البالي (ص: 260).
  21. (21) يُنظر: ((اللمع)) (ص: 119).
  22. (22) يُنظر: ((المحصول)) (5/452).
  23. (23) يُنظر: ((الإحكام)) (4/271).
  24. (24) يُنظر: ((مختصر منتهى السؤل والأمل)) (2/1304).
  25. (25) يُنظر: ((جمع الجوامع)) ((ص: 116).
  26. (26) يُنظر: ((مسلم الثبوت)) ضمن شرحه ((فواتح الرحموت)) (2/376).
  27. (27) يُنظر: ((اللمع)) (ص: 118).
  28. (28) يُنظر: ((قواطع الأدلة)) (2/235).
  29. (29) يُنظر: ((جمع الجوامع)) (ص: 116).
  30. (30) يُنظر: ((مختصر منتهى السؤل والأمل)) لابن الحاجب (2/1304)، ((البحر المحيط)) للزركشي (8/217)، ((فواتح الرحموت)) للكنوي (2/376)، ((التعارض والترجيح في الأقيسة)) لجيلاني البالي (ص: 260).
  31. (31) يُنظر: ((الإحكام)) للآمدي (4/273)، ((رفع الحاجب)) لابن السبكي (4/639)، ((التعارض والترجيح في الأقيسة)) لجيلاني البالي (ص: 281،280).
  32. (32) يُنظر: ((المحصول)) (5/445).
  33. (33) يُنظر: ((الإحكام)) (4/273).
  34. (34) يُنظر: ((مختصر منتهى السؤل والأمل)) (2/1304).
  35. (35) يُنظر: ((جمع الجوامع)) (ص: 117).
  36. (36) يُنظر: ((المجموع)) للنووي (2/553)، ((تشنيف المسامع)) للزركشي (3/548)، ((رفع الحاجب)) لابن السبكي (4/639).
  37. (37) يُنظر: ((الإحكام)) للآمدي (4/273)، ((البحر المحيط)) للزركشي (8/214)، ((فواتح الرحموت)) للكنوي (2/377)، ((التعارض والترجيح في الأقيسة)) لجيلاني البالي (ص: 283).
  38. (38) يُنظر: ((المحصول)) (5/447).
  39. (39) يُنظر: ((الإحكام)) (4/273).
  40. (40) يُنظر: ((مختصر منتهى السؤل والأمل)) (2/1304).
  41. (41) يُنظر: ((البحر المحيط)) (8/214).
  42. (42) يُنظر: ((تشنيف المسامع)) للزركشي (3/548).
  43. (43) ((رفع النقاب)) (5/572).
  44. (44) يُنظر: ((المستصفى)) للغزالي (ص: 381).
  45. (45) يُنظر: ((أصول السرخسي)) (2/261).
  46. (46) يُنظر: ((تقويم الأدلة)) (ص: 347).
  47. (47) يُنظر: ((قواطع الأدلة)) (2/236).
  48. (48) يُنظر: ((المستصفى)) (ص: 381).
  49. (49) يُنظر: ((جمع الجوامع)) (ص: 117،116).
  50. (50) مَسحُ الرَّأسِ مَرَّةً واحِدةً، وعَدَمُ مَشروعيَّةِ التَّكرارِ، هو مَذهَبُ الجُمهورِ: مِنَ الحَنَفيَّةِ، والمالِكيَّةِ، والحَنابِلةِ. يُنظر: ((فتح القدير)) للكمال بن الهمام (1/33)، ((حاشية الدسوقي)) (1/98). ((الإنصاف)) للمرداوي (1/163).
  51. (51) يُنظر: ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/188).
  52. (52) يُنظر: ((التعارض والترجيح في الأقيسة)) لجيلاني البالي (ص: 294).
  53. (53) ((المستصفى)) (ص: 381).