الموسوعة التاريخية


العام الهجري : 637 العام الميلادي : 1239
تفاصيل الحدث:

وجَّهَ أوجتاي بن جنكيزخان ثلاثةَ جيوش أحدها إلى كوريا، والثاني إلى إمبراطورية سونغ في جنوب الصين الذين ساعدوه بالأمس ضد إمبراطورية كين في شمال الصين، والجيش الثالث إلى شرقي أوروبا وقائد هذا الجيش الأخير هو باتو بن أخيه جوجي، فدخل باتو بلاد البلغار، وهي قازان، ثم دخل موسكو واتجهوا إلى كييف أكبر مدنِ روسيا آنذاك، فأبادوها وقتلوا أهلَها وقطعوا آذانَهم وجمعوها في أكياسٍ، ثم انقسم جيشُ باتو إلى قسمين: قسمٍ بقي في إمرته وسار ناحية بلاد المجر، والآخر بإمرة بيدار واتجه نحو بولندا، فانتصر الأوَّلُ على المجر، وذُبِحَ الجيش المجري كاملًا، أمَّا الجيش الثاني فأحرق ما استطاع عليه من مدن بولندا.

العام الهجري : 637 العام الميلادي : 1239
تفاصيل الحدث:

بعد أن رأى الصليبيون أعمال المغول التتار في البلاد التي يسيرون إليها ويحتلُّونها وشناعَتَهم ووحشيَّتَهم وما فعلوه في روسيا وبولندا من غزوهم أوروبا. قام البابا غريغور التاسع بالدعوة إلى حرب صليبية، ولكن هذه المرة ضد المغول، وليس ضد المسلمين، علمًا بأنَّه قد قيل إن الصليبيين هم من حرَّضوا المغول على التحرك إلى بلاد المسلمين خوارزم وأذربيجان وغيرها؛ وذلك حتى يجعلوا المسلمين بين فكَّي كماشة: من الشرق المغول، ومن الغرب الصليبيين، ولكن لما رأوا استفحالَ أمر المغول واختلاطهم بالمسلمين، أصبحوا يخافون أن يُسلِموا، وبالتالي يصبح مصيرهم مصير التتر الذين أسلموا وأصبحوا قوَّةً للإسلام بعد أن كانوا قوةً عليها.

العام الهجري : 637 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1239
تفاصيل الحدث:

استهلت هذه السَّنةُ وسلطانُ دمشق نجم الدين الصالح أيوب بن الكامل مخيِّم عند نابلس، يستدعي عمَّه الصالح إسماعيل؛ ليسيرَ إلى الديارِ المصريةِ؛ لأخْذِها من صاحبها العادل بن الكامل، فلما كان يومُ الثلاثاء السابع والعشرين من صفر هجم الملك الصالح إسماعيل وفي صحبته المجاهِدُ أسد الدين شيركوه صاحب حمص على دمشقَ، فدخلاها بغتةً من باب الفراديس، فنزل الصالح إسماعيل بدارِه من درب الشعارين، ونزل صاحِبُ حمص بداره، وجاء نجم الدين بن سلامة فهنأ الصالحَ إسماعيل، وأصبحوا فحاصروا القلعةَ وبها المغيث عمر بن الصالح نجم الدين، ونَقَبوا القلعة من ناحية باب الفرج، وهتَكوا حُرمَتَها ودخلوها وتسَلَّموها واعتقلوا المغيثَ في برج هنالك، ولما وصل الخبَرُ بما وقع إلى الصالح أيوب تفَرَّق عنه أصحابه والأمراء خوفًا على أهاليهم من الصالحِ إسماعيلَ، وبَقِيَ الصالح أيوب وحده بمماليكِه.

العام الهجري : 637 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1239
تفاصيل الحدث:

في يوم الأحد رابع عشر ربيع الأول وقع بين الفرنج وبين العسكر المصري المقيم بالساحلِ حَربٌ، انحسَرَ فيها الفرنج، وأُخِذَ من الفرنج ملوكُهم وأكنادُهم، وثمانون فارسًا، ومائتان وخمسون راجلًا وصَلوا إلى القاهرة، وقُتِلَ منهم ألف وثمانمائة، ولم يُقتَل من المسلمين غيرُ عشرة رجال.

العام الهجري : 637 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1239
تفاصيل الحدث:

انتهت مدةُ الصلح المعقود بين الملك الكامل بن الملك العادل وبين فردريك الثاني ملك الألمان على ما ذكرناه سنة 624، وكانت المدة عشر سنوات، وكان بموجبه قد تسلم الصليبيون القدس، وبه نَصَّب فردريك نفسه ملكًا على القُدسِ.

العام الهجري : 637 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1239
تفاصيل الحدث:

في يوم الأربعاءِ ثالث ربيع الآخر وليَ الشيخ عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم السلمي خَطابةَ جامِعِ دمشقِ.

العام الهجري : 637 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1239
تفاصيل الحدث:

في أثناءِ الاختلاف بين الملوك التركمان استغل الفرنجُ الوضع فعَمَروا في القُدسِ قلعةً، وجعلوا برجَ داود أحدَ أبراجها، وكان قد تُرِكَ لَمَّا خرب الملك المعظم أسوارَ القُدس، فلما بلغ الناصرَ داود بن الملك المعظَّم صاحب الكرك والأردن عمارةُ هذه القلعة، سار إلى القدسِ ورمى عليها بالمجانيقِ حتى أخَذَها، بعد واحد وعشرين يومًا في يوم تاسع جمادى الأولى عَنوةً بمن معه من عسكر مصر، وتأخَّر أخْذُ برج داود إلى خامس عشر فأُخِذَ من الفرنج صلحًا على أنفُسِهم دون أموالهم، وعَمَر الناصِرُ برج داود واستولى على القُدسِ، وأخرج منه الفرنجَ، فساروا إلى بلادِهم.

العام الهجري : 637 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1240
تفاصيل الحدث:

بعد استيلاء الصالح إسماعيل والمجاهد أسد الدين شيركوه على دمشقَ ولَمَّا وصل الخبر إلى الصالح نجم الدين وهو مقيمٌ في نابلس يتجهَّزُ للمسير إلى مصر، افتَرَق عنه عسكرُه وبقي وحيدًا، فاستغل الفرصةَ الملك الناصر داودُ بن الملك المعظَّم صاحب الكرك والأردن فأرسل إليه من أخَذَه من نابلس مهانًا على بغلةٍ بلا مهماز ولا مُقَدمة، فاعتقله عنده سبعةَ أشهر، فأرسل العادِلُ من مصر إلى الناصر ِيطلب منه أخاه الصالحَ أيوبَ، ويعطيه مائة ألف دينار، فما أجابه إلى ذلك، بل عكس ما طلب منه بإخراجِ الصالحِ مِن سجنه والإفراج عنه وإطلاقه من الحبسِ، فعند ذلك حاربت الملوك من دمشق ومصر وغيرهما الناصرَ داود، وبرز العادِلُ من الديار المصرية إلى بلبيس قاصدًا قتال الناصر داود، فاضطرب الجيشُ عليه واختلفت الأمراءُ، وقَيَّدوا العادل واعتقلوه في خركاه- بيت من الخشب- وخُلِعَ العادل في يوم الجمعة تاسع شوال، فكانت مُدَّة ملكه سنتين وشهرين وثمانية عشر يومًا، وأرسلوا إلى الصالحِ أيوب يستدعونه إليهم، فامتنع الناصرُ داود من إرساله حتى اشتَرَط عليه أن يأخذ له دمشق وحمص وحلب وبلاد الجزيرة وبلاد ديار بكر ونصف مملكة مصر، ونصف ما في الخزائن من الحواصل والأموال والجواهر، فأجاب الصالحُ أيوب إلى ذلك مُكرهًا، وهو خائِفٌ أن تكونَ هذه الكائنة من المصريين مكيدةٌ، فلمَّا وصل الصالح أيوب إلى المصريين مَلَّكوه عليهم ودخل الديار المصرية سالِمًا مُؤيَّدًا منصورًا، مظفرا محبورًا مسرورًا، فأرسل إلى الناصر داود عشرين ألف دينار فرَدَّها عليه ولم يقبَلْها منه، واستقَرَّ مُلكه بمصر.

العام الهجري : 637 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1240
تفاصيل الحدث:

بعد وفاة الملك الكامل محمد سنة 635 (1238م) تعرضت الدولة الأيوبية في مصر والشام لخطر الانقسام والفوضى، فاستولى الصالح نجم الدين أيوب على دمشق سنة 636 (1239م)، وكان هذا إيذانًا بدخوله في صراعٍ مع أخيه الملك العادل الصغير بن الكامل الذي خلَف أباه على حكم مصر والشام، واستعان كلٌّ منهما بأنصارٍ مِن البيت الأيوبي للوقوفِ في وجه الآخر، وفي غمرة الصراع قفَزَ عمُّهما الصالح إسماعيل على دمشق واستولى عليها، وطرد الصالحَ أيوب منها، والذي وقع في قبضة الناصرِ داود بن الملك المعظم صاحب الأردن والكرك، ثمَّ لم يلبث أن أفرَجَ عنه، واتفقا معًا على القيام بحملةٍ عسكرية على مصر والاستيلاء عليها من قبضة العادِلِ الصغير, وقد كانت الظروفُ مُهَيَّأة تمامًا لنجاح حملة الصالحِ أيوب؛ فكبار أمراء العادلِ الصغير مستاؤون منه لاحتجابه عنهم، وانشغاله باللهو واللعب عن تدبير شئون الدولة، فقبضوا على سلطانهم اللاهي واستدعوا أخاه الصالح نجم الدين أيوب لتولي مقاليد البلاد الذي دخل القاهرة في 25 ذي الحجة 637 (17 يوليو 1238م) وجلس على عرشها، واستأثر بها دون الناصر داود.

العام الهجري : 638 العام الميلادي : 1240
تفاصيل الحدث:

بعد أن بدأ الخلاف في البيت الأيوبي وخاف كل أميرٍ من الآخر، لم يجدوا سبيلًا إلا الاستنجاد بالكُفَّار على إخوانهم، وتعهدوا لهم بعهودٍ ومواثيق وتسليمِ للبلاد, فسَلَّم الملك الصالح إسماعيل صاحب دمشق حصن شقيف أرنون لصاحب صيدا الفرنجي وسلَّمه غيرها من المدن، فاشتد الإنكارُ عليه من الناس عامَّةً؛ بسبب ذلك، حتى إن الشيخ عز الدين بن عبد السلام خطيب البلد، والشيخ أبا عمرو بن الحاجب شيخ المالكية ندَّدا به وقطعا الخطبة له، فاعتقلهما مدةً ثم أطلقهما وألزمهما منازِلَهما، وولى الخطابةَ وتدريس الغزالية لعماد الدين داود بن عمر بن يوسف المقدسي خطيب بيت الأبار، ثم خرج الشيخان من دمشق، فقصد أبو عمرو الناصر داود بن الملك المعظَّم بالكرك، ودخل الشيخ عز الدين الديارَ المصريَّة.

العام الهجري : 638 العام الميلادي : 1240
تفاصيل الحدث:

لَمَّا أطلق الملك الصالح إسماعيل صاحب دمشق سراح الشيخ عز الدين بن عبد السلام من سجنه بسبب إنكاره عليه تسليمَه أراضي المسلمين للصليبيين، ترك الشام وانتقل إلى الديار المصريَّة، فتلقاه صاحبها الملك الصالح نجم الدين أيوب بالاحترامِ والإكرامِ، وولَّاه خطابة القاهرة وقضاءَ مصر، واشتغل عليها أهلُها، فكان ممن أخذ عنه الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد- رحمهما الله تعالى.

العام الهجري : 638 العام الميلادي : 1240
تفاصيل الحدث:

استولى الصالح نجم الدين أيوب على مصر، ثم استولى عمه الصالح إسماعيل على دمشق، ثم إن الناصر داود بن الملك المعظَّم الذي كان أطلق الصالح نجم الدين أيوب مِن أسرِه إلى مصر فمَلَكها على أن يعطيه بعضَ البلاد فخلفه، فانحاز إلى الصالح إسماعيل ومعهم كذلك صاحب حمص، كل هذه الأمور من النزاعات بين أمراء البيت الأيوبي أدت إلى تولد شرارة الحرب بينهم، فخاف الصالح عماد الدين صاحب دمشق من الملك الصالح نجم الدين صاحب مصر، فكاتب الفرنج، واتفق معهم على معاضدته ومساعدتِه، ومحاربة صاحب مصر، وأعطاهم قلعةَ صفد وبلادها، وقلعة الشقيف وبلادها، ومناصفة صيدا وطبرية وأعمالها، وجبلَ عاملة وسائر بلاد الساحل، وعزم الصالح عماد الدين على قصد مصر لِمَا بلغه من القبض على المماليك الأشرفية والخُدَّام ومُقَدَّمي الحلقة وبعض الأمراء، وأن من بقي من أمراء مصر خائف على نفسه من السلطان، فتجهَّز وبعث إلى المنصور صاحب حمص، وإلى الحلبيين وإلى الفرنج يطلب منهم النجدات، وأذن الصالح إسماعيل للفرنج في دخول دمشق وشراء السلاحِ، فأكثروا من ابتياع الأسلحة وآلات الحرب من أهل دمشق، فأنكر المسلمون ذلك، ثمَّ برز الصالح إسماعيل من دمشق، ومعه عساكِرُ حمص وحلب وغيرها، وسار حتى نزل بنهر العوجاء، فبلغه أن الناصر داود قد خيم على البلقاء، فسار إليه، وأوقع به، فانكسر الناصرُ داود، وانهزم إلى الكرك وأخذ الصالحُ أثقاله، وأسَرَ جماعة من أصحابه، وعاد إلى العوجاء وقد قَوِيَ ساعده واشتدت شوكتُه، فبعث يطلب نجدات الفرنج، على أنَّه يعطيهم جميع ما فتحه السلطان صلاح الدين يوسفُ، ورحل ونزل تل العجول فأقام أيامًا، ولم يستطع عبور مصر، فعاد إلى دمشق؛ وذلك أن الملك الصالح نجم الدين لما بلغه حركة الصالح إسماعيل من دمشق ومعه الفرنج، جرَّد العساكِرَ إلى لقائه، فألقاهم، وعندما تقابل العسكران ساقت عساكر الشام إلى عساكر مصر طائعةً، ومالوا جميعًا على الفرنج، فهزموهم وأسَرُوا منهم خلقًا لا يُحصَون، وبهؤلاء الأسرى عَمَرَ السلطان الملك الصالح نجم الدين قلعةَ الروضة، والمدارس الصالحية بالقاهرة، ثم تمَّ الصلح مع الفرنج، وأطلق الملك الصالح نجم الدين الأسرى بمصر من الجنود والفرسان والرجَّالة.

العام الهجري : 638 العام الميلادي : 1240
تفاصيل الحدث:

وصل رسول التتار من ملكهم خاقان إلى الملك المظفَّر شهاب الدين غازي بن العادل، صاحب ميافارقين، ومعه كتاب إليه وإلى ملوك الإسلام، عنوانه: من نائب رب السماء، سامح وجه الأرض، ملك الشرق والغرب، قاقان، فقال الرسول لشهاب الدين صاحب مياقارفين: قد جعلك قاقان سلاحَ داره، وأمرك أن تخربَ أسوار بلدِك، فقال له شهاب الدين: أنا من جملةِ الملوك، وبلادي حقيرةٌ بالنسبة إلى الروم والشام ومصر، فتوجَّهْ إليهم، وما فعلوه فعَلْتُه، وكان يريد مَلِكُ المغول من كل أمراء المسلمين أن يُخرِبوا أسوار كل المدن الإسلامية ويدخلوا في طاعتِه.

العام الهجري : 638 العام الميلادي : 1240
تفاصيل الحدث:

هذه الحملة الصليبية كانت مكونة من المتطوعة الإنكليز بقيادة ريتشارد كورنفيل أخو هنري الثالث ملك إنكلترا، وقد وصلت هذه الحملة إلى عكا، وقامت بتحصين عسقلان، فاعترف لها الملك الصالح نجم الدين أيوب بحق الصليبيين في ملكيَّة إقليم الجليل فضلًا عن بيت المقدس وعسقلان ولكن ريتشارد اكتفى بما استولى عليه، ثم إنه أبحر عائدًا إلى بلاده.

العام الهجري : 638 العام الميلادي : 1240
تفاصيل الحدث:

ظهر في بلاد سلاجقة الروم متنبئ يدعى بابا إسحاق تركماني الأصل ادعى أنه نبي، فكان يقول للناس: قولوا لا إله إلا الله بابا ولي الله، ثم إنه انخدع به أناس كثيرون فصار له أتباع وقوي أمره فأرسل إليه السلطان غياث الدين كيخسرو سلطان سلاجقة الروم جيشًا فاقتتلوا، فكان فيها قتل المتنبئ وقتل أربعة آلاف رجل.

العام الهجري : 638 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1240
تفاصيل الحدث:

هي رضية الدين بنت السلطان شمس الدين ألتمش المؤسس الحقيقي لدولة المماليك بالهند، وقد اشتهر ألتمش بالعدل وتحقيق الأمن في دولته. وكان ألتمش يحب ابنته ويقدمها على إخوانها الذكور لما يتوسم فيها من النجابة والهمة العالية, كما أنها كانت غاية في الحسن والجمال وعذوبة المنطق؛ لذا كان يسند إليها بعض المهام، حتى إنه فكَّر في أن يجعلها وليَّة للعهد دون إخوانها الذكور الذين انشغلوا باللهو والملذات، فلما مات ألتمش خلفه ابنه ركن الدين فيروز، غير أنه كان منشغلًا عن مسئولية الحكم وتبعاته باللهو واللعب، تاركًا تصريف أمور دولته إلى أمِّه التي استبدَّت بالأمر وهو ما جعل الأحوال تزداد سوءًا، وتشتعل المعارضة ضده، وانتهت الأزمة بأن بايع كثير من الأمراء رضية الدين بنت ألتمش، وأجلسوها على عرش السلطنة. وقد تحقق ما كان يراه أبوها ولا يراه سواه ممن كانوا يعترضون عليه إيثاره لها. جلست رضية الدين على عرش سلطنة دلهي نحو أربع سنوات 634-637 (1236-1369م) بذلت ما في وسعها من طاقة لتنهض بالبلاد التي خوت خزائنها من المال لإسراف أخيها، وسارت على خطا أبيها في سياسته الحكيمة العادلة في بداية الأمر، لكنها اصطدمت بالعلماء وكبار أمراء الملوك الذين يشكلون جماعة الأربعين، ويستأثرون بالسلطة والنفوذ، وحاولت الملكة جاهدة أن تسوسهم، وتحتال على تفريق كلمتهم، وتعقُّب المتمردين والثائرين عليها، وكانت تظهر بمظهر الرجال، وتجلس على العرش والعباءة عليها، والقلنسوة على رأسها وتقود جيشها وهي تمتطي ظهر فيلِها. ولما استقرت أحوال مملكتها انصرفت إلى تنظيم شؤونها، فعينت وزيرًا جديدًا للبلاد، وفوَّضت أمر الجيش إلى واحد من أكفأ قادتها هو سيف الدين أيبك، ونجحت جيوشها في مهاجمة قلعة رنتهبور وإنقاذ المسلمين المحاصرين بها، وكان الهنود يحاصرون القلعة بعد وفاة أبيها السلطان التمش. غير أن هذه السياسة لم تلق ترحيبًا من مماليك سلطنتها الذين أنِفوا أن تحكمهم امرأة، وزاد من بغضهم لهذا الأمر أن السلطانة رضية أخذت تتمرد على قيم الدين الإسلامي وحاربت الناصحين لها خاصة من العلماء. كما قرَّبت إليها رجلًا حبشيًّا مملوكا يُدعى جمال الدين ياقوت، كان يشغل منصب قائد الفرسان، ولم تستطع السلطانة أن تُسكت حركات التمرد التي تقوم ضدها، كما كانت تفعل في كل مرة، فاجتمع عليها المماليك وأشعلوا الثورة ضدها، وحاولت أن تقمعها بكل شجاعة، لكنها هُزمت، وانتهى الأمر بقتلها في 25 ربيع الأول 637 (25 أكتوبر 1239م) وتولِّي أخيها السلطان معز الدين عرش البلاد.

العام الهجري : 638 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1240
تفاصيل الحدث:

هو محمد بن علي بن محمد بن عربي أبو عبد الله الطائي الأندلسي، ولد في مرسية بالأندلس سنة 560 ثم انتقل إلى إشبيلية، ودرس القرآن والفقه والحديث، ومال إلى المذهب الظاهري، ثم رحل إلى الحجاز وأقام بمكة مدة سنتين، ثم رحل مع الحجاج الأتراك إلى قونية، ثم قصد بغداد، ثم استقر في دمشق، وله مصنفاتٌ كثيرة جدًّا، أشهرها كتابه المسمى بـ "الفتوحات المكية وفصوص الحكم" وفيها أشياء كثيرة ظاهرها كفر صريح، وله كتاب "العبادلة وديوان شعر"، وله مصنفات أخر كثيرة جدًّا، كان يقول بوحدة الوجود على مذهب الحلاج الملحد، وهو أن اللاهوت أي الله قد حل وامتزج بالناسوت أي الناس، كما تمزج الخمر بالماء فلا يتميز واحد عن الآخر، وله كلمات ظاهرها الكفر الصريح، والصوفية ما زال دأبهم تأويل هذه العبارات بكل وجه بتعسف وإسفاف. رد عليه كثير من العلماء وبينوا انحرافه وزندقتَه، ونقلوا عنه أفعالًا تدل على تركه للشريعة كترك الصلاة، وزعمه أنه يصلِّيها حاضرًا في مكة وهو ساكن في دمشق، وغير ذلك مما تطفحُ به كتبه وشِعرُه من الكفر الصريح، توفي في دمشق ودفن في سفح قاسيون في دمشق بمسجد معروف باسمه، وفيه قبره وهو يزار ويرتكب عنده من الشركيات ما الله به عليم. قال أبو شامة: "له تصانيفُ كثيرة وعليه التصنيف سهل، وله شعر حسن وكلام طويل على طريق التصوف، وكانت له جنازة حسنة، ودُفِن بمقبرة القاضي محيي الدين بن الزكي بقاسيون، وكانت جنازته في الثاني والعشرين من ربيع الآخر"، وقال ابن السبط: "كان يقول إنه يحفظ الاسم الأعظم ويقول إنه يعرف الكيمياء بطريق المنازلة لا بطريق الكسب ".

العام الهجري : 638 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1241
تفاصيل الحدث:

أغار الخوارزمية على بلاد قلعة جعبر وبالس ونهبوها، وقتلوا كثيرًا من الناس، ففرَّ من بقي إلى حلب ومنبج، واستولى بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل على سنجار، وأخرج منها الملك الجواد يونس بن مودود بن العادل بن نجم الدين أيوب، فسار الجواد إلى الشام، حتى صار في يد الناصر داود بن الملك المعظم، فقبض عليه بغزة يوم الأحد ثامن عشر ذي الحجة، وبعث به إلى الكرك، وانضمَّت الخوارزمية على صاحب الموصل، فصاروا نحو الاثني عشر ألفًا، وقصدوا حلب، فخرج إليهم من حلب، فانكسر وقتل أكثره، وغَنِمَ الخوارزمية ما معهم، فامتنع الناسُ بمدينة حلب، وانتهبت أعمال حلب، وفعل فيها كل قبيح من السبي والقتل والتخريب، ووضعوا السيفَ في أهل منبج، وقتلوا فيها ما لا يحصى عددُه من الناس، وخَرَّبوا وارتكبوا الفواحش بالنساء في الجامع علانيةً، وقتلوا الأطفال, ولا حولا ولا قوة إلا بالله, وعادوا وقد خرب ما حول حلب، وكان الخوارزميَّةُ يظهرون للناس أنهم يفعلون ما يفعلون خدمةً لصاحب مصر، فإنَّ أهل حلب وحمص ودمشق كانوا حربًا على الصالحِ صاحِبِ مصر، فسير المنصور إبراهيم بن الملك المجاهد صاحب حمص، عساكِرَه وعساكر حلب ودمشق، وقطع الفرات إلى سروج والرَّها، وأوقع بالخوارزمية، وكَسَرهم واستولى على ما معهم، ومضوا هاربين إلى عانة.

العام الهجري : 639 العام الميلادي : 1241
تفاصيل الحدث:

سار الخوارزمية إلى الموصل، فسالمهم صاحبها بدر الدين لؤلؤ، ووافقهم المظفَّر شهاب الدين غازي بن العادل، صاحب ميافارقين، ثم ساروا إلى آمد فخرج إليهم عسكرُ حلب عليه المعظَّم فخر الدين توران شاه بن صلاح الدين، فدفعوهم عنها، ونهَبوا بلاد ميافارقين، وجرت بينهم وبين الخوارزميَّة وقائع، ثم عاد العسكرُ إلى حلب، فغار الخوارزمية على رساتيق الموصل, ثم اصطلح شهابُ الدين غازي صاحب ميافارقين معهم وآواهم إلى بلده ليكونوا من حزبِه.

العام الهجري : 639 العام الميلادي : 1241
تفاصيل الحدث:

قام أبو زكريا الحفصي على رأس حملةٍ ضَخمةٍ قَدَّرَها بعض المؤرخين بستين ألف مقاتل، فدخل تلمسان، وأجبر واليها يغمراسن على الدخول في طاعتِه، والخُطبةِ باسمه، كما أدخل في طاعتِه القبائِلَ العربية والبربريَّة في المناطق المحيطة. وكان من أثر ازدياد قُوَّته واتساع نفوذه أن هادنه بنو مرين في المغرب الأقصى، وأقيمت الخطبةُ باسمه في عددٍ كبيرٍ مِن بلاد الأندلس التي لم تقع في براثن الأسبانِ، واحتفظت بحرِّيَّتها واستقلالها مثل: بلنسية، وإشبيلية، وشريش، وغرناطة, وبسبب هذه البيعات التي انثالت على أبي زكريا من سائر الجهاتِ وحَدَّثَته نفسه بالتوثُّب على كرسي خلافةِ الموحِّدين بمراكش وغَصَّ بنو عبد المؤمن بمكانه وعَظُم عليهم استبدادُه ثم طَمَعُه في كرسيِّهم، وقرارة عزهم مع أنه ما كان إلا جدولًا مِن بَحرِهم وفرعًا من دوحتِهم، والأمر كله لله. وأصبحت الدولة الحفصيَّة التي قام عليها مرهوبةَ الجانب، تسعى الدول الأوروبية إلى كسب وُدِّها، خاصةً التي تربطها بها مصالحُ اقتصاديَّةٌ وسياسية، فعقد مع البندقية، وبيزة، وجنوة معاهدات صداقة وسلامة. وقد ظلَّ أبو زكريا متوفرًا على شؤون الدولة حتى توفي سنة 647.