الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 3066 ). زمن البحث بالثانية ( 0.008 )

العام الهجري : 1206 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1792
تفاصيل الحدث:

رجعت النمسا عن تحالُفِها مع الروس ضِدَّ العثمانيين وعقدت صلحًا معهم وأعادت ما كانت أخذَته من العثمانيين، أما روسيا فقد استمَرَّت بالحرب واستولت على بعض المدنِ، فارتكبت من الجرائِمِ ما لا يوصف، ثم توسَّطت إنكلترا وهولندا للصلحِ بين الطرفين خوفًا على مصالحِهم، فكانت معاهدةُ ياش, أخذت بموجِبِها روسيا بلادَ القرم نهائيًّا، وبسارابيا وجزءًا من بلاد الشراكسة، والمنطقة الواقعة بين نهري بوغ ودنيسر، وأصبح هذا النهر الأخير فاصلًا بين الدولتين، كما تنازلت الدولةُ العثمانية عن مدينة أوزي. ويُذكَر أنَّ أهمَّ بنود هذه المعاهدة تبادُلُ أسرى الحرب، والسماحُ للرعايا الذين يعيشون خارِجَ دولتِهم بسبب الأزمات السياسية بالعودة إلى بلدانِهم الأصلية أو البقاء حسب رغباتهم. تتنازلُ الدولة العثمانية لروسيا عن ميناءِ أزوف وبلادِ القرم وشبهِ جزيرة طمان، وبلاد القويان وبساربيا، والأقاليم الواقعة بين نهري بجد والدينستر، ويكون النهرُ الأخير حدًّا فاصلًا بين الدولتين. تُرجِع روسيا للدولة العثمانية مناطِقَ: البغدان وأكرمان وكيلي وإسماعيل مقابِلَ أن تقوم الدولةُ بإعفاء رعايا البغدان من الضرائبِ، وعدم مطالبة روسيا بتعويضاتِ حرب أو ما شابه ذلك. يمنع الباب العالي رعايا دولته من الغارات على محافظتي تفليس وكاتالينا الروسيتين، وعلى السفن الروسية في البحر المتوسط، وعليه القيامُ بدفع تعويضات لأي أضرار تحدثُ بعد ذلك من قِبَل رعايا الدولة العثمانية.

العام الهجري : 1275 العام الميلادي : 1858
تفاصيل الحدث:

تولى الشيخُ صباح الثاني الحُكمَ بعد وفاة والِدِه الشيخ جابر بن عبد الله الصباح، وكانت فترةُ حُكمِه قصيرةً، وفي فترة حكمه احتفظ بالسلطةِ السياسيةِ وتركَ السلطةَ القضائيَّةَ إلى القاضي؛ حيث كان يتولاها وحدَه وبدون تدخُّلٍ منه، وقد اتَّسَعت التجارةُ في عهدِه وكثُرَت أموال الكويت، وأراد أن يضع رسومًا جمركيَّةً على البضائِعِ الخارجةِ من الكويت لكِنَّ التجَّارَ قالوا له: " لا تجعَلْ على أموالنا ما لم يجعَلْه أبوك ولا جَدُّك مِن قَبلُ" وقالوا له: إن أموالَهم ستكون وقفًا على ما تحتاجه الكويت، فوافقَهم على ذلك. وقد لفتَ نظر الكولونيل "بلي" حين زار الكويت ثانيةً في عام 1865 باطِّلاعه على ما يجري خارجَ الكويت من أمورٍ لها صلة بالأحداثِ في أوروبا والعالم، وكان ذلك من خلال صحيفةٍ عربية كانت تصدُرُ في باريس وترسَلُ إليه حافلةً بالأخبار الأجنبية والمحلية. وفي عهده هاجم عبدُ الله بن سعود قبيلةَ العجمان، فلجؤوا إلى الكويت، فأرسل عبد الله بن سعود رسولًا يطلُبُ منه أن يطرُدَ العجمان، لكِنَّ الرسولَ أساء التعبير فقال له: إنَّ معزبَك (وتعني سيدك) يأمُرُك بإخراج العجمان، فغضب الشيخُ صباح وأمر باستنفار أهلِ الكويت لقتالِ عبد الله بن سعود، فوصل الخبرُ إلى عبد الله، فأظهر أسَفَه وبادر إلى الاعتذارِ عن سوءِ تصَرُّفِ رَسولِه.

العام الهجري : 755 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1354
تفاصيل الحدث:

بعد ما حدث بمصرَ مِن فتنة أهل الذمَّةِ وما جرى من إلزامِهم بالشروط العُمَريَّة وزيادةٍ، وما جرى من هدمٍ للكنائس المُحدَثة وغيرها، فلما كان في أُخرَيات رجب بلغ الأميرَ صرغتمش أنَّ بناحية شبرا الخيام كنيسةً فيها أصبع الشهيدِ التي ترمى كلَّ سنةٍ في النيل زعمًا منهم أنَّها تعمل على زيادةِ الخير والماء فيه، ويعملون في هذا اليوم عيدًا معروفًا بعيد الشهيد يحدُثُ فيه من المُنكرَات والفواحِش الكثير ممَّا يُستحيا مِن ذِكرِه، فتحدَّث مع السلطان فيه، فرسم بركوبِ الحاجِبِ والوالي إلى هذه الكنيسةِ وهَدْمِها، فهُدِمَت ونُهِبَت حواصِلُها، وأخِذَ الصندوق الذي فيه أصبعُ الشهيد، وأُحضِرَ إلى السلطان وهو بالميدان الكبير قد أقام به فأُضرِمَت النارُ، وأُحرِقَ الصندوق بما فيه، ثم ذرى رماده في البحر، وكان يومَ رُمِي هذا الأصبع في النيلِ مِن الأيام المشهودة؛ فإن النصارى كانوا يجتمعون من جميعِ الوجه البحري ومن القاهرة ومصر في ناحية شبرا، وتركَبُ الناس المراكِبَ في النيل، وتُنصَب الخيم التي يتجاوَزُ عَدَدُها الحَدَّ في البر، وتُنصَب الأسواق العظيمة، ويُباع من الخَمرِ ما يؤدُّون به ما عليهم من الخَراج، فيكونُ من المواسم القبيحة، وكان المظفَّرُ بيبرس قد أبطله أيام سَلطنَتِه، فأكذب اللهُ النصارى في قولِهم أنَّ النيل لا يزيدُ ما لم يُرمَ فيه أصبعُ الشهيد، وزاد تلك السنة حتى بلغ إلى أصبعٍ مِن ثمانية عشر ذراعًا، ثم سعت الأقباطُ حتى أعيدَ رَميُه في الأيام الناصرية، فأراح اللهُ منه بإحراقه، وأَخَذ عبَّاد الصليب في الإرجاف بأنَّ النيل لا يزيد في هذه السنة، فأظهر الله تعالى قُدرَتَه، وبيَّن للنَّاسِ كَذِبَهم، بأن زاد النيلُ زيادة لم يُعهَدْ مِثلُها قبل ذلك، فإنه انتهى في الزيادة إلى أصابع من عشرين ذراعًا، فقيل خمسة، وقيل سبعة، وقيل عشرون أصبعًا، من عشرين ذراعًا، ففسدت الأقصابُ والنيلة ونحوها من الزراعات، وفَسَدت الغلال التي بالمطامير والأجران والمخازن، وتقطَّعت الجسور التي بجميع النواحي؛ قبليِّها وبحريها، وتعطَّلت أكثَرُ الدواليب وتهَدَّمت دور كثيرة مما يجاوِرُ النيل والخلجان، وغَرِقَت البساتين، وفاض الماء حتى بلغ قنطرة قديدار، فكانت المراكِبُ تَصِلُ من بولاق إليها، ويركب الناسُ في المراكب من بولاق إلى شبرا ودمنهور.

العام الهجري : 932 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1526
تفاصيل الحدث:

كان ملك المجر فيلاد يسلاف الثاني جاجليو قد عزم على فكِّ أي تعهدات كانت قد أُعطيت من قِبَل أسلافه لسلاطين الدولة العثمانية، وذهب إلى حدِّ قَتْل مبعوث السلطان سليمان إليه، وكان المبعوثُ يطالب بالجزية السنوية المفروضة على المجر، فسيَّرَ السلطان سليمان القانوني جيشًا من القسطنطينية لمحاربة المجر، مؤلفًا من مائة ألف جندي و300 مدفع و800 سفينة في نهر الطونة- الدانوب- لنقل الجيوش من برٍّ إلى آخر، فسار الجيش تحت قيادة السلطان ووزرائه الثلاثة إلى بلاد المجر من طريق الصرب مارين بقلعة بلغراد التي جُعِلت قاعدةً لأعمالهم الحربية، وبعد أن افتتح الجيش عدةَ قلاع ذات أهمية حربية على نهر الطونة، وصل بجمعه إلى وادي موهاكس في 20 ذي القعدة من هذه السنة، وفي اليوم الثاني اصطفَّت الجنود العثمانية على ثلاثة صفوف، وكان السلطان ومعه كافة المدافع وفرقة الانكشارية في الصف الثالث، فهجم فرسان المجر المشهورون بالبسالة والإقدام تحت قيادة ملكِهم على صفِّ العساكر العثماني الأول، فتقهقر أمامهم العثمانيون خلفَ المدافع، ولَمَّا وصلت فرسان المجر بالقرب من المدافع أمر السلطان بإطلاقِها عليهم فأطلقت تباعًا وتوالى إطلاقها بسرعة غريبة أوقعت الرعبَ في قلوب المجَريين، فأخذوا في التقهقر تتبعُهم العساكر المظفرة، حتى قُتِل أغلب الفرسان المجرية وقُتِل مَلِكُهم ولم يُعثَر على جثته، فكانت هذه الواقعة سببًا في ضياع استقلال بلاد المجر بأسرها؛ لعدم وجود جيش آخر يقاوم العثمانيين في مسيرهم، ولحصول الفوضى في البلاد بسبب موت ملِكِهم؛ ولذلك أرسل أهالي مدينة بودبست عاصمة المجر مفاتيحَ المدينة إلى السلطان سليمان فاستلمَها وسار يحفُّ به النصر ويحدوه الجلال حتى وصل إلى مدينة بود ودخلها في 3 ذي الحجة مشددًا الأوامر على الجنود بعدم التعرض للأهالي، والمحافظة على النظام، لكن لم تُجدِ تنبيهاته شيئًا بل انتشرت الجنود في جميع أنحاء المدينة وفي جميع أرجاء بلاد المجر, وبعد دخول السلطان إلى مدينة بود جمع أعيان القوم وأمراءهم، ووعدهم بأن يعيِّنَ جان زابولي أمير ترانسلفانيا ملكًا عليهم ثم غادرها إلى مقر خلافته مستصحبًا معه كثيرًا من نفائس البلاد وأهمُّها الكتب التي كانت موجودة في خزائن متياس كورفن.

العام الهجري : 457 العام الميلادي : 1064
تفاصيل الحدث:

كانت حَرْبٌ بين الناصرِ بن علناس بن حمَّادٍ ومَن معه مِن رِجالِ المَغارِبَةِ مِن صنهاجة ومِن زناتة ومِن العَربِ: عَدِيّ والأَثبَج، وبين رِياحٍ، وزُغْبَة، وسُلَيم، ومع هؤلاء المُعِزُّ بن زيري الزناتي، على مَدينةِ سَبتَة، ولمَّا رَحلَ المُعِزُّ من القيروان وصبرة إلى المَهدِيَّة تَمكَّنَت العَربُ، ونَهبَت النَّاسَ، وخَرَّبَت البِلادَ، فانتَقلَ كَثيرٌ مِن أَهلِها إلى بِلادِ بني حمَّاد لِكَونِها جِبالًا وَعْرَةً يُمكِن الامتِناعُ بها من العَربِ، فعُمِّرَت بِلادُهم، وكَثُرَت أَموالُهم، وفي نُفوسِهم الضَّغائِنُ والحُقودُ مِن باديس، ومَن بَعدَه مِن أَولادِهم، يَرِثُه صَغيرٌ عن كَبيرٍ، ووَلِيَ تَميمُ بنُ المُعِزِّ بعدَ أَبيهِ، فاستَبدَّ كلُّ مَن هو ببَلدٍ وقَلعةٍ بمَكانِه، وتَميمٌ صابرٌ يُدارِي ويَتَجَلَّد، واتَّصلَ بتَميمٍ أن الناصرَ بنَ علناس يَقَعُ فيه في مَجلسِه ويَذُمُّهُ، وأنَّه عَزَمَ على المَسيرِ إليه لِيُحاصِرَهُ بالمَهديَّة. وأنَّه قد حالَفَ بعضَ صنهاجة، وزناتة، وبني هلال؛ لِيُعينُوهُ على حِصارِ المَهديَّة. فلمَّا صَحَّ ذلك عنده أَرسلَ إلى أُمراءِ بني رِياحٍ، فحينئذٍ رَحلَت رِياحٌ وزناتة جَميعُها، وسار إليهم الناصرُ بصنهاجة، وزناتة، وبني هلال، فالتَقَت العَساكرُ بمَدينةِ سَبْتَة، فحَمَلَت رِياحٌ على بني هِلالٍ، وحَمَلَ ابنُ المُعِزِّ على زناتة، فانهَزَمت الطائفتانِ، وتَبِعَهُم عَساكرُ الناصرِ مُنهزِمينَ، ووَقعَ فيهم القَتْلُ، فقُتِلَ فيمَن قُتِلَ القاسمُ بن علناس، أخو الناصرِ في نَفَرٍ يَسيرٍ، وغَنِمَت العَرَبُ جَميعَ ما كان في العَسكرِ مِن مالٍ وسِلاحٍ ودَوابٍّ وغيرِ ذلك، فاقتَسموها على ما استَقرَّ بينهم، وبهذهِ الوَقعَةِ تَمَّ للعَربِ مُلْكُ البِلادِ، وأَرسَلوا الأَلوِيَةَ والطُّبولَ وخِيَمَ النَّاصرِ بِدَوابِّها إلى تَميمٍ، فرَدَّها وقال: يَقْبُحُ بي أن آخُذَ سَلَبَ ابنِ عَمِّي! فأَرْضَى العَربَ بذلك.

العام الهجري : 139 العام الميلادي : 756
تفاصيل الحدث:

كانت هذه السنةُ خِصبةً جِدًّا، حتى سُمِّيَت سنةَ الخِصبِ، وكان فيها توسيعُ المسجدِ الحرامِ مِن قِبَلِ المنصورِ، فزاد في شِقِّه الشامي الذي فيه دارُ النخلة ودارُ الندوة في أسفله، ولم يزِدْ عليه في أعلاه ولا في شِقِّه الذي على الوادي، فاشترى من النَّاسِ دُورَهم الملاصِقةَ بالمسجدِ مِن أسفَلِه، فزاده فيه.

العام الهجري : 595 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1199
تفاصيل الحدث:

هو المنصور أبو يوسف يعقوب بن أبي يعقوب يوسف بن عبد المؤمن بن علي، القيسي الكومي، صاحِبُ المغرب والأندلس. ولِدَ في ربيع الأول سنة 554كان صافي السمرةِ جدًّا، ليس بالطَّويلِ، جميل الوجه، أفْوَهَ أعيْنَ، شديدَ الكَحَل، ضخم الأعضاءِ جَهْوريَّ الصوتِ، جَزْلَ الألفاظ، مِن أصدَقِ الناس لهجةً وأحسَنِهم حديثًا وأكثَرِهم إصابةً بالظن، مجرِّبًا للأمور، ولِيَ وَزارة أبيه، فبحث عن الأحوالِ بحثًا شافيًا وطالع مقاصِدَ العُمَّال والولاة وغيرهم مطالعةً أفادته معرفةَ جزئيات الأمور. ولَمَّا مات أبوه اجتمع رأيُ أشياخ الموحدين وبني عبد المؤمن على تقديمِه فبايعوه وعَقَدوا له الولايةَ ودَعَوه أميرَ المؤمنين كأبيه وجَدِّه، ولقبوه بالمنصور، فقام بالأمر أحسنَ قيامٍ، وهو الذي أظهَرَ أبَّهةَ مُلكِهم، ورفع رايةَ الجِهاد ونَصَب ميزانَ العَدلِ وبَسَط أحكامَ النَّاسِ على حقيقةِ الشَّرعِ، ونظر في أمور الدينِ والوَرَعِ والأمر بالمعروف والنَّهيِ عن المنكر، وأقام الحدودَ حتى في أهلِه وعشيرته الأقربين كما أقامَها في سائر الناس أجمعين، فاستقامت الأحوالُ في أيامه وعَظُمت الفتوحات, ولَمَّا مات أبوه كان معه في الصحبة، فباشر تدبير المملكةِ من هناك، وأوَّلُ ما رَتَّب قواعِدُ بلاد الأندلس، فأصلحَ شأنَها وقَرَّر المقاتلينَ في مراكزها ومَهَّد مصالحَها في مدة شهرين, ثم عاد إلى مراكش التي هي كرسيُّ ملكهم. بلغ الأميرَ يعقوبَ خَبَرُ مسير الفرنج وكثرةُ جموعهم لبلاد المسلمين في الأندلس، فما هاله ذلك، وجدَّ في السير نحوَهم حتى التَقَوا في شمال قرطبة على قُربِ قلعة رياح في مرج الحديد، وصافَّهم سنة 591، وانهزم الفرنجُ وعَمِلَ فيهم السيف فاستأصلهم قتلًا، وما نجا مَلِكُهم إلَّا في نفر يسير، ولولا دخولُ الليل لم يبقَ منهم أحد، وغَنِمَ المسلمون منهم أموالًا عظيمة, ولم يُسمعْ في بلاد الأندلس بكسرةٍ مثلها. وكان المنصورُ ملكًا جوادًا عادلًا متمَسِّكًا بالشرع المطَهَّر، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر كما ينبغي، مِن غير محاباة، ويصلي بالناس الصلوات الخمس، ويلبَسُ الصوف، ويَقِفُ للمرأة وللضعيفِ، ويأخُذُ لهم بالحَقِّ. وأوصى أن يُدفَنَ على قارعة الطريقِ؛ ليترحم عليه من يمُرُّ به. توفِّيَ ثامن عشر ربيع الآخر، وقيل جمادى الأولى، بمدينة سلا، وكان قد سار إليها من مراكش، وكان قد بنى مدينة محاذية لسلا، وسمَّاها المهدية، مِن أحسن البلاد وأنزَهِها، فسار إليها يشاهِدُها، فتوفِّيَ بها، وكانت ولايته خمس عشرة سنة، وكان ذا جهاد للعَدُوِّ، وكان يتظاهَرُ بمذهَبِ الظاهريةَّ، فعَظُمَ أمرُ الظاهرية في أيامه، ثم في آخِرِ أيامه استقضى الشافعيَّةَ على بعض البلاد ومال إليهم، ولما مات قام ابنُه أبو عبد الله محمد بالملك بعده، وكان أبوه قد ولَّاه عهده في حياته، فاستقام المُلكُ له وأطاعه الناسُ، وجَهَّزَ جمعًا من العرب وسيَّرَهم إلى الأندلس احتياطًا من الفرنجِ.

العام الهجري : 285 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 899
تفاصيل الحدث:

لَمَّا توفِّيَ أحمدُ بنُ عيسى بن الشيخ الشَّيباني صاحِبُ ديار بكر، قام بعده ابنُه محمد بآمد وما يليها على سبيل التغَلُّب، فسار المعتَضِدُ إلى آمد بالعساكر، ومعه ابنُه أبو محمد علي المُكتَفي، وجعل طريقَه على الموصِل، فوصل آمدَ، وحصرها إلى ربيع الآخر من سنة 286، ونصب عليها المجانيقَ، فأرسل محمَّد بن أحمد بن عيسى يطلبُ الأمانَ لنفسه، ولِمَن معه، ولأهل البلد، فأمَّنَهم المعتضد، فخرج إليه وسلَّم البلد، فخلع عليه المُعتَضِد وأكرَمَه، وهدم سورَها. ثم بلغه أنَّ محمَّدَ بن أحمد يريد الهربَ، فقبض عليه وعلى أهلِه.

العام الهجري : 600 العام الميلادي : 1203
تفاصيل الحدث:

تمَلَّك إنسانٌ اسمُه محمود بن محمد الحميري على مدينة مرباط وظفار وغيرهما من حضرموت, وكان ابتداء أمره أنَّ له مَركبًا يَكريه في البحر للتجار، ثم وزر لصاحبِ مرباط، وفيه كرمٌ وشجاعة وحُسن سيرة، فلما توفِّيَ صاحب مرباط مَلَك المدينة بعده، وأطاعه الناسُ محبَّةً له لكَرَمِه وسيرته، ودامت أيامُه بها، فلما كان سنة تسع عشرة وستمائة خرب مرباط وظفار، وبنى مدينة جديدةً على ساحل البحر بالقرب من مرباط، وعندها عينٌ عذبة كبيرة أجراها إلى المدينة، وعَمِلَ عليها سورًا وخندقًا، وحَصَّنَها وسمَّاها الأحمديَّة، وكان يحِبُّ الشِّعرَ، ويُكثِرُ الجائزةَ عليه.

العام الهجري : 630 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1233
تفاصيل الحدث:

سارت العساكر المستنصرية بصحبة الأمير سيف الدين أبي الفضائل إقبال الخاص المستنصري إلى مدينة إربل وأعمالها، وذلك لمرض مالكِها مظفر الدين كوكبري بن زين الدين، وأنَّه ليس له من بعده من يملك البلاد، فحين وصَلَها الجيشُ منَعَه أهلُ البلد فحاصروه حتى افتتحوه عنوةً في السابع عشر من شوال، وجاءت البشائرُ بذلك فضُرِبَت الطبول ببغداد بسَبَبِ ذلك، وفَرِحَ أهلُها، وكتب التقليدُ عليها لسيف الدين أبي الفضائل إقبال، فرتَّبَ فيها المناصِبَ وسار فيها سيرةً جيدة، وامتدح الشعراءُ هذا الفتحَ مِن حيث هو، وكذلك مدحوا فاتحَها سيف الدين أبا الفضائل.

العام الهجري : 556 العام الميلادي : 1160
تفاصيل الحدث:

لما تخلص الخادم كردبازو من السلطان سليمان شاه بسَجنه ثم قتله، أرسل إلى إيلدكز، صاحب آران وأكثر بلاد أذربيجان، يستدعيه إليه ليخطُبَ للملك أرسلان شاه الذي معه، وبلغ الخبر إلى إينانج صاحب بلاد الري، فسار ينهب البلادَ إلى أن وصل إلى همذان، فتحصن كردبازو، فطلب منه إينانج أن يعطيه مصافًا، فقال: أنا لا أحاربك حتى يصل الأتابك الأعظم إيلدكز. وسار إيلدكز في عساكره جميعًا يزيد على عشرين ألف فارس، ومعه أرسلان شاه بن طغرل بن محمد بن ملكشاه، فوصل إلى همذان، فلقِيَهم كردبازو، وأنزله دار المملكة، وخطب لأرسلان شاه بالسَّلطنة بتلك البلاد، وكان إيلدكز قد تزوَّجَ بأم أرسلان شاه، وهي أم البهلوان بن إيلدكز، وكان إيلدكز أتابكَه، والبهلوان حاجبَه، وهو أخوه لأمه، وكان إيلدكز هذا أحدَ مماليك السلطان مسعود، واشتراه في أول أمره، فلما ملك أقطعَه أران وبعض أذربيجان، واتفق الحروب والاختلاف، فلم يحضر عنده أحد من السلاطين السلجوقية، وعظُمَ شأنُه وقَوِيَ أمرُه، وتزوج بأم الملك أرسلان شاه، فولدت له أولادًا منهم البهلوان محمد، وقزل أرسلان عثمان، فلما خطَبَ له بهمذان أرسل إيلدكز إلى بغداد يطلب الخطبة لأرسلان شاه أيضًا، وأن تعاد القواعِدُ إلى ما كانت عليه أيام السلطان مسعود، فأُهين رسوله وأعيد إليه على أقبح حالة، وأما إينانج صاحب الري فإن إيلدكز راسله ولاطفه فاصطلحا وتحالفا على الاتفاق، وتزوج البهلوان بن إيلدكز بابنة إينانج ونُقِلَت إليه بهمذان.

العام الهجري : 1297 العام الميلادي : 1879
تفاصيل الحدث:

كان للخديوي إسماعيل خصومٌ في مصر وفي الأستانة، مع تزايُدِ التدخل الأوربي السافِرِ في شؤون مصر، فكانت القناصِلُ الأوربية يضغطون عليه ليُقيل نفسَه، وفي استانبول كان بعضُ السفراء يحثُّون السلطان على إصدار قرار العزلِ، ومن الأسباب التي اتخذتها الحكوماتُ الأوربية للمطالبة بعزلِه الانقلاب السياسي الذي قام به إسماعيل سنة 1879م (سنة عزله) وأنهى به عهدَ حُكمِ حملة السندات، باستقالة النظارة المصرية الإنجليزية الفرنسية، وتأليف نظارة مصرية صميمة، كما حَقَدت عليه فرنسا لبيعه أسهُمَ قناة السويس لإنكلترا دون أن يبيعَها لفرنسا، وأما بريطانيا فكان هدفُها من عزله هو تمهيدَ الطريق لها للانفرادِ باحتلال مصر عسكريًّا وبسط حماية مقنعة عليها، وباقي الدول كانت تتذرَّع بالديون التي لها عليه، ثم صدر المرسومُ السلطاني بعزل إسماعيل وتولَّى الصدر الأعظم خيرُ الدين التونسي إبلاغَ إسماعيل بالقرار في ضحى يوم 26 حزيران سنة 1879م وأبلغ بذلك أيضًا ولي العهد توفيق بن إسماعيل، وأمَّا القنصلان الفرنسي والبريطاني فطلبا من إسماعيل التنازُلَ قبل أن يَصِلَ الأمر التام من السلطان، وهَدَّده القنصل الفرنسي بالنفيِ دون أن يحمل معه شيئًا، وكان المرشَّح للجلوس مكانه هو حليم باشا عَمَّ إسماعيل، لكنَّ تحت الضغط البريطاني ألغي ترشيحَه، ثمَّ تم تعيين ابنه توفيق مكانه، ثم تحدَّد يوم الاثنين 30 حزيران 1879م موعدًا لمغادرة الخديوي إسماعيل عن مصر، ثم أبحرت به الباخرة المحروسة إلى إيطاليا التي امتنعت من استقبالِه، وظلَّ شهرًا في البحر هو وأهله ثم أُذِنَ لهم بعد ذلك بالنزول إلى البرِّ!

العام الهجري : 1438 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 2017
تفاصيل الحدث:

هو الشيخُ المُحدِّثُ المعمَّر ظَهيرُ الدِّينِ بنُ عبدِ السبحان محمد بَهادُر الأثَريُّ الرَّحماني المُبارَكْفوريُّ، وُلد سنةَ 1920م الموافق لسنةِ 1338 تقريبًا، في حُسين آباد قُربَ مُبارَكْفُورَ بالهندِ. وبدأ دِراستَه الأولى في بَلدتِه، ثم انتقَلَ إلى جامعةِ "فَيض عام" في مدينةِ "مَو" القريبةِ، وانتقَلَ بعدها إلى دارِ العلومِ في ديوبند، ثم انتقَلَ إلى دارِ الحديثِ الرحمانيَّةِ الشهيرةِ في دِهْلي -دلهي-. قرَأَ على جماعةٍ من العُلماءِ، وأجازَ له منهم: المُحدِّثُ أحمَدُ اللهَ الدهلوي، وعُبيدُ اللهِ الرَّحمانيُّ، ولقي جماعةً، وأبرَزُهم المحدِّثُ عبدُ الرحمنِ المُبارَكْفوريُّ. ومن شُيوخِه الذين قرأَ عليهم: عبدُ الرحمنِ المَوِّي النَّحْويُّ، وعبدُ اللهِ شائق الموِّي، ونذير أحمد الأملوي، وأحمد حسام الدين الموِّي. وبعد تَخرُّجِه درَّسَ في دارِ التعليم سنةَ 1942، ثم تنقَّلَ في التدريسِ بين عِدَّةِ مدارسَ في مناطقَ مختلفةٍ، إلى أنِ استقرَّ سنةَ 1958 في جامعةِ دار السلام في عمر آباد، ودرَّس فيها، وكان وَقتَها وكيلًا للجامعةِ، إلى أنْ ترَكَ التدريسَ سنةَ 2005م، مع بقاءِ إفادتِه للأساتذةِ والواردين عليه، ومُشاركتِه في المناسباتِ، وخلالَ ذلك درَّس سُنَنَ أبي داودَ ودرَّس الصحيحَينِ، وتولَّى إمارةَ جمعيةِ أهلِ الحديثِ في ولايةِ تاميل نادو. ونظرًا لجُهدِه ومكانتِه في التدريسِ فقد قامت جمعيةُ أهلِ الحديثِ المَركزيةُ في عُمومِ الهندِ بتكريمِه ضِمنَ كبارِ رجالاتِ أهلِ الحديثِ على مستوى الهندِ، وذلك في مؤتمَرِ أهلِ الحديثِ الثامنِ والعشرينَ لعُمومِ الهندِ في مدينةِ باكورَ، في شهرِ مُحرَّمٍ عامَ 1425 الذي حضَرَه نحوُ مليونِ شخصٍ. وكان صاحبَ أعلى إسنادٍ لصحيحِ مُسلمٍ، بدَأَ ينتشِرُ خَبَرُه عند المهتمِّين بالروايةِ من العرَبِ، وارتحَلَ له جماعةٌ، وحدَّثَ في عدةِ أماكنَ، ومنها: المدينةُ، والرياضُ، والخُبرُ، والدوحةُ، وأمريكا، وغيرُها، وانتشَرَ سنَدُه. وكان الشيخُ على خُلقٍ رفيعٍ، جيِّدَ الحديثِ بالعربيةِ، بقيَ العلَّامةُ يُقرئُ ويُفيدُ في بيتِه وعَبرَ الهاتفِ إلى آخرِ أيامِه، ولا ينقَطِعُ إلا لمرضٍ أو سَفَرٍ، إلى أنِ اشتدَّ به المرَضُ وتوفَّاهُ اللهُ، وقد صُلِّيَ عليه -رحمه الله- في مسجِدِ الجامعةِ، ودُفِن في مقبرةِ عمر آباد.

العام الهجري : 923 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1517
تفاصيل الحدث:

هو الشيخُ الإمام العلامة الحافظُ الحجَّة الرُّحَلة الفقيه المقرئ المسنِد المؤرخ الخطيبُ: شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن أبي بكر بن عبد الملك بن الزين أحمد بن الجمال محمد بن الصفي محمد بن المجد حسين بن التاج علي القسطلاني الأصل، القتيبي المصري الشافعي، ويعرف بالقسطلاني علَّامة الحديث, وأمُّه حليمة ابنة الشيخ أبي بكر بن أحمد بن حميدة النحاس. ولِدَ في الثاني والعشري ذي القعدة سنة 851 بمصر ونشأ بها فحفظ القرآن والشاطبيتين, والقراءات السبع ثم العشر، وكذا أخذ القراءات عن الشمس بن الحمصاني إمام جامع ابن طولون, وقرأ صحيحَ البخاري بتمامه في خمسة مجالسَ على الشاوي، وكذا قرأ عليه ثُلاثيات مسند أحمد، وحجَّ غير مرة وجاور سنة أربع وثمانين ثم سنة أربع وتسعين وسنتين قبلها على التوالي. وجلس للوعظ بالجامع العمري سنة ثلاث وسبعين وكذا بالشريفية بالصبانيين، بل وبمكة, ولم يكن له نظيرٌ في الوعظ، وكان يجتمع عنده الجمُّ الغفير مع عدم ميلِه في ذلك، وولي مشيخة مقام أحمد بن أبي العباس الحرَّاز بالقرافة الصغرى، وأقرأ الطلبة وجلس بمصر شاهدًا رفيقًا لبعض الفضلاء, وبعده اعتزل وتفرَّغ للكتابة, فكتب بخطِّه لنفسه ولغيره أشياء، بل جمع في القراءات العقود السنية في شرح المقدمة الجزرية في التجويد، ومن مؤلفاته: إرشاد الساري على صحيح البخاري، انتهى منه سنة 916, وتحفة السامع والقاري بختم صحيح البخاري, ونفائس الأنفاس في الصحبة واللباس, والروض الزاهر في مناقب الشيخ عبد القادر, وعمل تأليفًا في مناقبه سماه: نزهة الأبرار في مناقب الشيخ أبي العباس الحرَّار, وتحفة السامع والقارئ بختم صحيح البخاري. وهو كثير الأسقام قانعٌ متعفِّف جيد القراءة للقرآن والحديث والخطابة، شجيُّ الصوت بها، مشارك في الفضائل، متواضع متودِّد لطيف العشرة سريعُ الحركة. قال محي الدين عبد القادر العَيدَروس: "وارتفع شأنُه بعد ذلك فأُعطيَ السعدَ في قَلَمِه وكَلِمِه، وصنَّف التصانيف المقبولة التي سارت بها الركبانُ في حياته، ومن أجَلِّها شرحُه على صحيح البخاري مزجًا في عشرة أسفار كبار، لعله أحسَنُ شروحِه وأجمعُها وألخصُها، ومنها المواهب اللدُنِّية بالمنح المحمدية، وهو كتاب جليل المقدار عظيم الوقع كثير النفع، ليس له نظير في بابه، ويحكى أن الحافظ السيوطي كان يغُضُّ منه ويزعم أنه يأخذ من كتبه ويستمدُّ منها ولا ينسبُ النقل إليها، وأنَّه ادَّعى عليه بذلك بين يدي شيخ الإسلام زكريا فألزمه ببيان مدَّعاه، فعدد عليه مواضِعَ قال إنه نقَلَ فيها عن البيهقي، وقال إن للبيهقي عدةَ مؤلفات فليذكرْ لنا ما ذكر في أي مؤلفَّاته ليُعلَمَ أنَه نقل عن البيهقي، ولكنه رأى في مؤلفاتي ذلك النقلَ عن البيهقي فنقله برُمَّته، وكان الواجب عليه أن يقول نقل السيوطي عن البيهقي، وحكى الشيخ جار الله بن فهد رحمه الله: أنَّ الشيخ رحمه الله تعالى قصد إزالةَ ما في خاطر الجلال السيوطي فمشى من القاهرة إلى الروضة، وكان السيوطي معتزلًا عن الناس بالروضة فوصل القسطلاني إلى باب السيوطي ودق الباب فقال له: من أنت؟ فقال: أنا القسطلاني جئتُ إليك حافيًا مكشوف الرأس ليطيبَ خاطرُك عليَّ، فقال له: قد طاب خاطري عليك، ولم يفتح له الباب ولم يقابله! وبالجملة فإنه كان إمامًا حافظًا متقنًا جليل القدر حسن التقرير والتحرير، لطيف الإشارة بليغ العبارة، حسن الجمع والتأليف، لطيف الترتيب والتصنيف، كان زينة أهل عصره، ونقاوة ذوي دهره، ولا يقدح فيه تحامُلُ معاصريه عليه، فلا زالت الأكابر على هذا في كل عصرٍ- رحمهم الله" أصيب القسطلاني بالفالج، ثم توفي ليلة الجمعة السابع محرم بالقاهرة ودفن بالمدرسة العينية جوار منزله، ووافق يومُ دفنه الثامن محرم دخولَ السلطان سليم الأول العثماني عَنْوةً إلى مصر وتملُّكه بها.

العام الهجري : 819 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1416
تفاصيل الحدث:

دخل فصل الربيع، وقد فشا في الناس الموت بالطاعون، وأُحصيَ من ورد اسمُه الديوان ممن مات بالقاهرة في مدة شهر أوله عاشر المحرم، فكان ثلاثة آلاف إنسان، ثم تجاوز عدد من يرد اسمه الديوان من الأموات مائة نفس في اليوم، وهذا سوى من يموت بالمارستان، وفي عدة مواضع خارج المدينة، ويكون ذلك نحو الخمسين نفسًا، وكانت عدة من صُلِّي عليه من الأموات بمصلى باب النصر خاصة من أول النهار إلى آذان الظهر اثنين وتسعين ميتًا، وشنع ما يحكى من تواتر نزول الموت في الأماكن، بحيث مات في أسبوع واحد من درب واحد ثلاثون إنسانًا، وكثير من الدور يموت منها العشرة فصاعدًا، وقدم الخبر بكثرة الوباء أيضًا ببلاد الصعيد، وفي طرابلس الشام، وأُحصي من مات بها في مدة أيام، فكانت عدتهم عشرة آلاف إنسان، وكثر الوباء أيضًا بالوجه البحري من أراضي مصر، وقدم الخبر بأن معظم أهل مدينة من صعيد مصر قد ماتوا بالطاعون، وفي شهر ربيع الأول كثر الموتان بالقاهرة ومصر، وتجاوزت عدة من ورد اسمه الديوان من الموالي الثلاثمائة، وتوهم كل أحد أن الموت آتيه عن قريب؛ لسرعة موت من يُطعن، وكثرة من يموت في الدار الواحد، وتواتر انتشار الوباء في جميع أراضي مصر، وبلاد الشام، والمشرق، بحيث ذكر أنه بأصبهان مات غالب أهلها، حتى صار من يمشي بشوارعها لا يرى أحدًا يمر إلا في النادر، وأن مدينة فاس بالمغرب أحصى من مات بها في مدة ثلاثين يومًا ممن ورد الديوان فكانوا ستة وثلاثين ألفًا سوى الغرباء من المساكين، وأن المساكن عندهم صارت خالية ينزل بها من قدم إليها من الغرباء، وأن هذا عندهم في سنتي سبع عشرة وثماني عشرة، وبلغت عدة من يرد اسمه الديوان من الأموات في الثالث والعشرين ما ينيف على خمسمائة، بما فيهم من موتى المارستان والطرحاء، ومع ذلك والأخبار متواترة بأنه صلِّيَ في هذا اليوم بمصليات الجنائز على ما ينيف على ألف ميت، وأن الكُتَّاب يخفون كثيرًا ممن يرد اسمه إليهم، وانقضى هذا الشهر، وقل دار بالقاهرة ومصر وظواهرهما لم يكن بها حزن على ميت، وأقل ما قيل: إنه مات من عاشر المحرم إلى آخر هذا الشهر عشرون ألفًا، وفي شهر ربيع الآخر، أوله الجمعة: بلغت عدة من ورد اسمه الديوان من الأموات إلى مائة وعشرين سوى المارستان والطرحاء، وقدم الخبر من دمشق بتزايد الموتان عندهم، وأنه يموت في اليوم ستون إنسانًا، وأنه ابتدأ الوباء عندهم من أثناء ربيع الأول، عندما تناقص من ديار مصر.