الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2458 ). زمن البحث بالثانية ( 0.009 )

العام الهجري : 1437 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 2016
تفاصيل الحدث:

وُلِدَ إسلام كريموف في مدينةِ سَمَرقند في أوزبكستانَ عامَ 1938، ودرَسَ الهندسةَ والاقتصادَ، وعَمِلَ مهندسًا في الطيرانِ مِن 1961 إلى 1966، ثمَّ تولَّى بعدها مناصِبَ حكوميَّةً، وفي عامِ 1989 تولَّى الحُكمَ في أوزباكستانَ، ومُدِّدَت ولايتُه إلى عامِ 2000 بموجِب استفتاءٍ، وفاز في انتخاباتٍ أُجرِيَت في تلك السَّنة دون مُنافِسٍ، وفي استفتاءِ عامِ 2002م مُدِّدَت فترةُ ولايتُه من 5 إلى 7 سنَواتٍ، وفاز بفترتَي ولايةٍ أُخرَيَين عقِبَ انتخاباتٍ أُجرِيَت في عامِ 2007م، وفي مارس 2015م. ويوصَفُ حُكمُ كريموف بالقسوةِ الشَّديدةِ تجاهَ مُعارِضيه، وقد أعلَنَت حكومةُ أوزبكستان رسميًّا وفاةَ الرئيسِ إسلام كريموف -رحمه اللهُ- في اليومِ الأولِ من هذا الشهرِ؛ لإصابته بجَلطةٍ دِماغيَّةٍ عن عمرٍ يناهزُ 78 عامًا، ودُفِنَ في سَمَرقند.

العام الهجري : 1440 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 2018
تفاصيل الحدث:

وُلِدَ الأميرُ طلالُ بنُ عبدِ العزيزِ آلُ سعودٍ عامَ 1350هـ /1931م وهو الابنُ الثامنُ من أبناءِ الملكِ عبدِ العزيزِ بنِ عبدِ الرحمنِ آلِ سعودٍ. عُيِّن وزيرًا للمواصلاتِ من 1372 هـ - 1374 هـ ثم وزيرًا للماليَّةِ من 1380هـ - 1381هـ ثم سفيرًا في فرنسا.
وهو والدُ رجلِ الأعمالِ الشَّهيرِ المليارديرِ الوليدِ بنِ طلالٍ، وكان للأميرِ طلالٍ مواقفُ وآراءٌ جريئةٌ تسبَّبت في تركِه للْحياةِ السياسيَّةِ وانتقالِه إلى مِصرَ مدَّةً طويلةً ثم عاد إلى السُّعوديَّةِ حتى وافتْه المنيَّةُ في الرياضِ يومَ السبتِ في السادسَ عشرَ من ربيعٍ الآخِرِ، وقد صُلِّي عليهِ رحمهُ اللهُ عقِبَ صلاةِ العصرِ يومَ الأحدِ 16 من ربيعٍ الآخِرِ / 23 من ديسمبرَ في مدينةِ الرياضِ، وتقدَّم المصلِّين عليهِ الملكُ سلْمانُ بنُ عبدِ العزيزِ آلُ سعودٍ.

العام الهجري : 1441 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 2020
تفاصيل الحدث:

وقَع انفجارٌ هائل في مَرفَأ بَيروت؛ ممَّا جعَل وَسائلَ الإعلام تُطلِق عليه مُصطلَح "بيروتشيما" تَشبيهًا له بما جَرى لمدينة هِيروشيما جرَّاء الانفجارِ النَّووي عامَ 1945 م، وقد وقَع الانفجارُ الضَّخم على مَرحلَتَين نتجَت عنه سحابةٌ دُخانيةٌ ضخْمةٌ على شاكلةِ سَحابة الفِطْر، ترافَقت مع مَوجةٍ صادمة هزَّت العاصمةَ بَيروت، مما أدَّى إلى أضرارٍ كبيرة في المَرْفَأ وتَهشيم الواجهاتِ الزُّجاجية للمباني والمنازل في مُعظَم أحياء العاصمةِ اللُّبنانية بَيروت، وكان عددُ الجرحى كبيرًا جدًّا، مات فيه المئاتُ، وأُصيب الآلافُ، وتَشرَّد فيه عشراتُ الآلافِ، وبلَغَت الخسائرُ أكثرَ من 10 مليار دولارٍ أمريكي.
وكان سَببُ الانفجار "موادَّ شَديدةَ الانفجار" كانت مُخزَّنةً في المَرْفَأ منذ أكثر مِن ستِّ سَنواتٍ، وأُشِيرت أصابعُ الاتِّهام وقْتَها لحزبِ الله اللُّبناني.

العام الهجري : 12 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 633
تفاصيل الحدث:

فتَح المسلمون بقِيادةِ خالدِ بن الوَليد بلدَةَ أَمْغِيشِيا، وكانت مِصْرًا كالحِيرَةِ، وقِيلَ: اسمها منيشيا، وهي تقعُ على نهرِ الفُراتِ، ولم يقع بأَمْغِيشِيا قِتالٌ، وإنَّما هجرها أهلُها بعدَ هزيمةِ الفُرْس في أُلَّيْس، فدخَلها المسلمون فاتحين، وأصابوا فيها ما لم يُصيبوا مِثلَه لأنَّ أهلَها أَعجَلَهُم المسلمون أن يَنقُلوا أموالَهم وأثاثَهم وكِراعَهم وغيرَ ذلك، بلَغ سهمُ الفارسِ ألفا وخمسمائة، سِوى النَّفْلِ الذي نَفَلَهُ أهلُ البَلاءِ, وأَرسَل إلى أبي بكرٍ بالفَتحِ والغَنائمِ والسَّبْيِ، وأَخْرَب أَمْغِيشِيا. فلمَّا بلغ ذلك أبا بكرٍ قال: عجَز النِّساءُ أن يَلِدْنَ مِثلَ خالدٍ.

العام الهجري : 257 العام الميلادي : 870
تفاصيل الحدث:

اختلف مساور الخارجي مع رجلٍ من الخوارج- يقال له عُبيدة، من بني زهير العمروي- على توبةِ المخطئ، فقال مساور: نقبلُ توبته؛ وقال عبيدة: لا نقبل، فجمع عبيدةُ جمعًا كثيرًا وسار إلى مساور، وتقدَّمَ إليه مساور من الحديثة، فالتَقَوا بنواحي جهينة، بالقرب من المَوصِل، واقتتلوا أشدَّ قتال، فترجَّل مساور ومن عنده، ومعه جماعةٌ من أصحابه، وعرقبوا دوابَّهم، فقُتِل عبيدة وانهزم جمعه، فقُتِل أكثَرُهم، واستولى مساور على كثير من العراق، ومنع الأموالَ عن الخليفة، فضاقت على الجندِ أرزاقُهم، فاضطَرَّهم ذلك إلى أن سار إليه موسى بن بغا وبابكيال وغيرهما في عسكرٍ عظيم.

العام الهجري : 878 العام الميلادي : 1473
تفاصيل الحدث:

تعاهدت ثلاثون دولة أوربية وأسيوية ضد العثمانيين سنة 872 في الثاني من شباط/ فبراير (1468م)، وحاولت قوات التحالف ضم مملكة المماليك المصرية السورية إليهم، ولكن دولة المماليك رفضت ذلك؛ لاشتراكهم مع العثمانيين بالدين والمذهب، وعبأت دول التحالف قواها العسكرية، وخاضت ضد العثمانيين معارك فاشلة، ثم تعاهدت على خوض المعركة العمومية الكبرى بحرًا وبرًّا، وبدأت المعارك البحرية ضد العثمانيين في سواحل البحر الأبيض المتوسط انطلاقًا من قبرص، وتحرك أوزون حسن الآق قوينلو التركماني زعيم دولة الخرفان في إيران بجيش يتجاوز عدده الثلاثمائة ألف خيَّال، وغادر خربوط قاصدًا أرزنجان. وترك السلطان محمد الفاتح قوةً كافية لحماية إسلامبول، وترك ابنه الأصغر جَمَّ سلطان نائبًا عنه أثناء غيابه، وتحرك السلطانُ الفاتح من إسلامبول سنة 877 (11/4/ 1473م) ومعه مائة وتسعون ألف مجاهد يتوزعون في خمسة فيالق. وكان الفاتح يقود فيلق المقدمة، ويقود فيلق الميمنة ابنه الأمير بايزيد الثاني، ويقود الفيلق الأيسر ابنه الأمير مصطفى، وترك في المؤخرة فيلقين للالتفاف على العدو، ووصل إلى سيواس، وقصد عدوه المتآمر، فوصل إلى الجنوب من غومش خانة التركية الشرقية في 11/8/ 1473م، وحصلت المعركة التصادمية في سُهُوب بلدة أوطلوق بلي "Otlukbeli" الواقعة شمال شرق مركز محافظة أرزنجان التركية. وتحركت في البلقان قوات الحلفاء التابعة لملك المجر متياس، وإمبراطور ألمانيا فريدرك الثالث، وملك البندقية وتوابعه، وقرر الحلفاء تكرار هزيمة القوات العثمانية مثلما حصل قبل ذلك بإحدى وسبعين سنة في موقعة أنقرة بين السلطان العثماني بايزيد الأول، والطاغية تيمورلنك. ودارت الحرب العالمية بين سلطان المسلمين محمد الفاتح وأعدائه الأوربيين وعملائهم المرتدين الأسيويين، فهجمت أساطيل البندقية وغيرها على المواقع البحرية العثمانية، ولكنها صُدَّت، ولم تحقق انتصارًا يُذكر، وفشلت القوات البرية في البلقان بقيادة الإمبراطور الألماني فريديرك، وملك المجر متياس، وتراجعت أمام هجمات فرسان الرومللي العثمانيين, وبدأت المعركة البرية الكبرى بين قوات السلطان محمد الفاتح، وقوات حسن الطويل التركماني، وانطلقت قذائف المدفعية العثمانية، وبدأ حصاد فرسان العدو، وأوعز الفاتح لفيلقي الاحتياط بالالتفاف على العدو، فشكَّلا فكَّي كمَّاشة، ومنعا عساكر العدو من الفرار، وقَتَلَ الأمير العثماني مصطفى بن الفاتح قائدَ الجناح المعادي زينل ميرزا بن حسن الطويل، وأسر ثلاثة أمراء تيموريين، وهجم الأمير العثماني بايزيد الثاني على سرادق حسن الطويل، فهرب حسن الطويل، من ميدان المعركة، وقال لحليفه القره ماني أحمد بك: "يا قره مان أوغلو خرَّب الله بيت سلالتك، سَبَّبْتَ خزيي وعاري، مالي وبني عثمان؟" وأمر الفاتح بعدم ملاحقة الفارين، ومكث في الميدان مدة ثلاثة أيام يتفقد الجرحى والشهداء، وينظِّم أمور الأسرى، وطلب حسن الطويل الصلح، فأجابه الفاتح، ووقَّعا معاهدة صلح تضمنت اعتراف حسن الطويل بامتلاك العثمانيين لمملكتي طرابزون وقره مان، وأصبح حليفًا للعثمانيين في آسيا هو وأولاده من بعده.

العام الهجري : 1354 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1935
تفاصيل الحدث:

هو الشيخُ محمد رشيد بن علي رضا بن محمد شمس الدين بن محمد بَهاء الدين بن منلا علي خليفة القلموني؛ البغدادي الأصل، الحسيني النَّسَب (على خلاف في صحة نسبه لآل البيت)، وهو أحَدُ رجال الإصلاح الديني في العصر الحديث. كان متعَدِّدَ الجوانب والمواهب، فكان مفكِّرًا إسلاميًّا غيورًا على دينه، وصحفيًّا نابهًا، وكاتبًا بليغًا في كثير من الصحف، ومفسرًا نابغًا، ومحدثًا مُتقِنًا في طليعة محدثي العصر، وأديبًا لغويًّا، وخطيبًا مفوَّهًا تهتَزُّ له أعواد المنابر، وسياسيًّا يشغل نفسَه بهموم أمته وقضاياه، ومربيًا ومعلِّمًا يروم الإصلاحَ ويبغي التقدم لأمته. أنشأ مجلة "المنار" ذات الأثر العميق في الفكر الإسلامي. ولِدَ في قرية القلمون بلبنان في 27 جمادى الأولى 1282هـ. كان الشيخ رشيد رضا من أكبر تلامذة محمد عبده، وقد تأثر به كثيرًا، واعتُبر واحدًا من روَّاد الإصلاح الإسلامي في مطلع القرن الرابع عشر الهجري، وقد تأثَّر بمنهج شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، وأقبل على كتبِ شيخِ الإسلام ابن تيمية فنَهل منها وتأثر بمنهجِه، وأصبح مرجِعَ الفتيا في التأليف بين الشريعة والأوضاع العصرية الجديدة. لما أُعلِنَ الدستور العثماني سنة 1326ه زار بلادَ الشام، واعترضه في دمشق، وهو يخطب على منبر الجامع الأموي، أحَدُ أعداء الإصلاحِ، فكانت فتنةٌ عاد على إثرها إلى مصر. وأنشأ مدرسة (الدعوة والإرشاد) ثم قصَدَ سورية في أيام الملك فيصل بن الحسين، وانتُخِبَ رئيسًا للمؤتمر السوري فيها. وغادرها على إثر دخول الفرنسيين إليها سنة 1920م، فأقام في وطنه الثاني مصر مدةً. ثم رحل إلى الهند والحجاز وأوربا. وعاد فاستقر بمصرَ إلى أن توفي فيها. أصدر مجلة المنار في 22 شوال 1315هـ، وحرَصَ الشيخ رشيد على تأكيدِ أنَّ هدَفَه من المنار هو الإصلاح الديني والاجتماعي للأمة، وبيان أنَّ الإسلامَ يتَّفِق والعقل والعلم ومصالح البشر، وإبطال الشبهات الواردة على الإسلام، وتفنيد ما يُعزَى إليه من الخرافات؛ ممَّا جعلها تنتشر انتشارًا واسعًا في العالم الإسلامي، وأصبحت مجلته هي المجلةَ الإسلامية الأولى في العالم الإسلامي، كتب رشيد مئات المقالات والدراسات، وخَصَّ العلماء والحكام بتوجيهاته، ومن مؤلفاته: "تفسير المنار" الذي استكمل فيه ما بدأه شيخه محمد عبده، والذي توقف عند الآية (125) من سورة النساء، وواصل رشيد رضا تفسيره حتى بلغ سورة يوسف، وحالت وفاتُه دون إتمام تفسيره، وله أيضًا: الوحيُ المحمدي ونداء للجنس اللطيف، وتاريخ الأستاذ الإمام، والخلافة، والسنة والشيعة، وحقيقة الربا، ومناسك الحج. توفي -رحمه الله- وهو عائِدٌ من توديع الأمير سعود بن عبد العزيز بالسويس، ورفض المبيتَ في السويس للراحة، وأصَرَّ على الرجوع، وكان طول الطريق يقرأ القرآنَ كعادته، ثم أصابه دوارٌ من ارتجاج السيارة، وطلب من رفيقيه أن يستريحَ داخل السيارة، ثم لم يلبث أن توفِّيَ، وكان ذلك في يوم الخميس الموافق 23من جمادى الأولى، وكانت آخِرُ عبارة قالها في تفسيره: "فنسأله تعالى أن يجعَلَ لنا خيرَ حَظٍّ منه بالموتِ على الإسلامِ".

العام الهجري : 615 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1218
تفاصيل الحدث:

هو الملك العادل سيف الدين أبو بكر محمد بن أبي الشكر أيوب بن شاذي بن يعقوب بن مروان الدويني، ثم التكريتي، ثم الدمشقي. وُلِدَ ببعلبك في سنة 534، وهو أصغَرُ من أخيه السلطان صلاح الدين بسنتين. وقيل: وُلِدَ بدمشق سنة ثمان وثلاثين. وقيل: ولد سنة أربعين. وهو أحد ملوك الدولة الأيوبية. لما ملك صلاح الدين الديار المصرية كان العادل ينوب عنه في حال غيبته في الشام، ويستدعي منه الأموال للإنفاق على الجند وغيرهم. ولَمَّا ملك صلاح الدين مدينة حلب سنة 579 أعطاها لولده الملك الظاهِرِ غازي، ثم أخذها منه، وأعطاها للملك العادل، ثم نزل عنها للملك الظاهر غازي لمصلحةٍ وقع الاتِّفاقُ عليها بينه وبين أخيه صلاح الدين. وآخر الأمر استقل العادل بمصر سنة 596 واستقَرَّت له القواعد، ثم خُطِبَ له بحلب سنة 598, وملك معها البلادَ الشامية والشرقيَّة، ثم ملك اليمن سنة 612، وسيَّرَ إليها ابنه الملك المسعود صلاح الدين. قال أبو شامة: "عاش العادلُ ستا وسبعين سنة. نشأ في خدمة نور الدين محمود مع أبيه، وإخوته. وحضر مع أخيه صلاح الدين فتوحاتِه. وقام أحسنَ قيام في الهدنة مع ملك الفرنج بعد أخذهم عكَّا. وكان صلاح الدين يعَوِّلُ عليه كثيرًا، واستنابه بمصر مدة" ملك العادِلُ من بلاد الكرج إلى قريب همذان، والشام، والجزيرة، ومصر، والحجاز، واليمن، إلى حضرموت. وقد أبطل كثيرًا من الظلم والمكوس. ولما تمهدت له البلاد قسمَها بين أولاده، فأعطى الملك الكامل الديار المصريَّة، والملك المعظم البلاد الشامية، والملك الأشرف البلاد الشرقية، والملك الأوحد نجم الدين أيوب ميافارقين وتلك النواحي، وكان يتردد بينهم وينتقل إليهم من مملكةٍ إلى أخرى, وقد كان ملكًا عظيمًا ذا رأي ومعرفة تامةٍ قد حنكته التجاربُ، حسن السيرة، جميل الطوية، فيه حِلمٌ وأناة وصبر على الشدائد، وكان سعيد الجد، عاليَ الكعب، مظفرًا بالأعداء وافِرَ العقل، حازمًا في الأمور صالحًا محافظًا على الصلوات في أوقاتها، مائلًا إلى العلماء. قال أبو المظفر سبط ابن الجوزي: "كان خليقًا بالملك، حسنَ التدبير، حليمًا، صفوحًا، مجاهدًا، عفيفًا، دَيِّنًا، متصدقًا، آمرًا بالمعروف، ناهيًا عن المنكر طهر جميع ولايته من الخمور، والخواطئ، والمكوس، والمظالم". قال الموفق عبد اللطيف في سيرة العادل: "كان أصغر إخوته، وأطولهم عمرًا، وأعمقهم فكرًا، وأنظرهم في العواقب، وأشدهم إمساكًا، وأحبهم للدرهم". قال ابن كثير: "كان العادل حليمًا صفوحًا صبورًا على الأذى كثير الجهاد بنفسه ومع أخيه، حضر معه مواقفه كلها أو أكثرها في مقاتلة الفرنج، وكانت له في ذلك اليد البيضاء، وكان ماسك اليد، وقد أنفق في عام الغلاء بمصر أموالًا كثيرة على الفقراء وتصدق على أهل الحاجة من أبناء الناس وغيرهم شيئًا كثيرًا جِدًّا، ثم إنه كفل بعد عام الغلاء مائة ألف إنسان من الغرباء والفقراء، وكان كثير الصدقة في أيام مرضه، حتى كان يخلع جميع ما عليه ويتصَدَّق به وبمركوبه، وكان كثير الأكل ممتعًا بصحة وعافية مع كثرة صيامِه" لما ظهر الفرنج، سنة أربع عشرة وستمائة، قصد هو مرج الصفر، فلما سار الفرنج إلى ديار مصر انتقل هو إلى عالقين، فأقام به، ومرض، وتوفي في سابع جمادى الآخرة، وحمل إلى دمشق، فدُفن بالتربة التي له بها، وكانت مدة ملكه عشرين سنة إلا ثلاثة أشهر، وكان العادل قد قسم البلاد في حياته بين أولاده، فلما توفي ثبت كلٌّ منهم في المملكة التي أعطاه أبوه، واتفقوا اتفاقًا حسنًا لم يجرِ بينهم من الاختلاف شيءٌ، ثم إن ابنه الكامل محمد تملك مصر بعده وقد كان أبوه أعطاه إياها وأكمل بعده قتال الفرنج.

العام الهجري : 82 العام الميلادي : 701
تفاصيل الحدث:

لمَّا سَمِعَ الحَجَّاجُ بِتَمَرُّدِ ابنِ الأشعث جَهَّزَ جُيوشًا وطَلَب مِن عبدِ الملك إمْدادَه فكان ذلك، ثمَّ الْتَقى الطَّرَفان في تُسْتَر واقْتَتَلوا قِتالًا شَديدًا فهَزَمَهُم ابنُ الأشعث ودَخَل البَصْرَةَ فبايَعَهُ أهلُها، وكان ذلك في ذي الحجَّة، ثمَّ في أواخر مُحَرَّم حصَل قِتالٌ شديدٌ آخر انْهزَم فيه أيضًا أصحابُ الحَجَّاج، فحمَل سُفيانُ بن الأبرد الكَلْبِيُّ على المَيْمَنَةِ التي لِعبدِ الرَّحمن فهَزَمها، وانْهزَم أهلُ العِراق وأقبلوا نحو الكوفَة مع عبدِ الرَّحمن، وقُتِلَ منهم خَلْقٌ كثيرٌ، ولمَّا بلَغ عبدُ الرَّحمن الكوفَة تَبِعَهُ أهلُ القُوَّةِ وأصحابُ الخَيْلِ مِن أهلِ البَصْرَة، واجتمع مَن بَقِيَ في البَصْرَة مع عبدِ الرَّحمن بن عبَّاس بن رَبيعَة بن الحارث بن عبدِ المُطَّلِب فبايَعُوه، فقاتَل بهم الحَجَّاجَ خَمْسَ ليالٍ أشدَّ قِتالٍ رآه النَّاسُ، ثمَّ انْصَرف فلَحِقَ بابنِ الأشعث ومعه طائفةٌ مِن أهلِ البَصْرَة، وهذه الوقعة تُسَمَّى: يومَ الزَّاوِيَة، اسْتَبْسَلَ فيها القُرَّاءُ -وهُم العُلَماء- وكان عليهم جَبَلَةُ بن زُحَر فنادَى فيهم: أيُّها النَّاس، ليس الفِرار مِن أَحَدٍ بأقْبَح منه منكم، فقاتِلُوا عن دِينِكم ودُنياكُم. وقال سعيدُ بن جُبير نحو ذلك، وقال الشَّعْبِيُّ: قاتِلُوهم على جَوْرِهِم، واسْتِذْلالِهِم الضُّعَفاء، وإماتَتِهِم الصَّلاة. ثمَّ حَمَلَت القُرَّاءُ على جيشِ الحَجَّاجِ حَمْلَةً صادِقَة، فبَدَّعُوا فيهم، وكان ابنُ الأشعث يُحَرِّض النَّاسَ على القِتال، فلمَّا رأى ما النَّاس فيه أَخَذ مَن اتَّبَعَه وذَهَب إلى الكوفَة، فبايَعَه أهلُها. ثمَّ إنَّ عبدَ الملك عرَض على أهلِ العِراق أن يَخْلَعَ الحَجَّاج ويَعودوا كما كانوا حَقْنًا للدِّماء فأبوا لمَّا رأوا بأَنفُسِهم قُوَّةً وكَثْرَةً وخلعوا عبدَ الملك أيضًا فخَلَّى بين الحَجَّاجِ وبينهم.

العام الهجري : 458 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1066
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ، العلامةُ، شَيخُ الحنابلةِ، القاضي، أبو يَعلى محمدُ بن الحُسينِ بن محمدِ بن خَلَفِ بن أحمدَ البغداديُّ، الحَنبليُّ، ابنُ الفَرَّاءِ، وُلِدَ في مُحرَّم سنةَ 380هـ، صاحبُ التَّعليقَةِ الكُبرى، والتَّصانيفِ المُفيدةِ في المَذهَبِ, ومُمَهِّدُ مَذْهَبِهم في الفُروعِ، أَفْتَى ودَرسَ، وتَخَرَّجَ به الأصحابُ، وانتهت إليه الإمامةُ في الفِقْهِ، وكان عالِمَ العراقِ في زَمانهِ، مع مَعرفةٍ بعُلومِ القُرآنِ وتَفسيرِه، والنَّظَرِ والأُصولِ، وكان أبوه مِن أَعيانِ الحَنفيَّة، مات ولأبي يَعلَى عَشرةُ أَعوامٍ، فلَقَّنَهُ مُقرِئُه العِباداتِ مِن (مُختَصَر) الخِرَقِي، فلَذَّ له الفِقْهُ، وتَحوَّل إلى حَلَقَةِ أبي عبدِالله بن حامدٍ البغداديِّ الوَرَّاق، شَيخِ الحنابلةِ، فصَحِبَهُ أَعوامًا، وبَرعَ في الفِقهِ عنده، وتَصدَّر بأَمرِه للإفادةِ سنةَ 402هـ، قال ابنُ الجوزي: "كان مِن ساداتِ العُلماءِ الثِّقاتِ، وشَهِدَ عند ابنِ ماكولا وابنِ الدَّامغاني فقَبِلَاهُ، وتَوَلَّى النَّظَرَ في الحُكمِ بِحَريمِ الخِلافةِ، وكان إمامًا في الفِقْهِ، له التَّصانيفُ الحِسانُ الكَثيرةُ في مَذهَبِ أحمد، ودَرَّسَ وأَفتَى سِنينَ، وانتهت إليه رِياسةُ المَذهبِ، وانتشرت تَصانيفُه وأَصحابُه، وجَمعَ الإمامةَ والفِقهَ والصِّدقَ، وحُسْنَ الخُلُقِ، والتَّعَبُّدَ والتَّقَشُّفَ والخُشوعَ، وحُسْنَ السَّمْتِ، والصَّمْتَ عمَّا لا يَعْنِي. اتَّهَمَهُ بعضُهم بالتَّجسيمِ بسَببِ كِتابهِ ((الصِّفات))، وله مِن المُصنَّفاتِ: ((الأحكام السُّلطانِيَّة)) و((الكِفاية في أُصولِ الفِقهِ)). قال الذهبيُّ: "وَلِيَ أبو يَعلَى القَضاءَ بدارِ الخِلافةِ والحَريمِ، مع قَضاءِ حران وحلوان، وقد تَلَا بالقِراءاتِ العَشْرِ، وكان ذا عِبادةٍ وتَهَجُّدٍ، ومُلازَمَةٍ للتَّصنيفِ، مع الجَلالَةِ والمَهابَةِ، ولم تكن له يَدٌ طُولَى في مَعرفةِ الحَديثِ، فرُبَّما احتَجَّ بالواهي". تُوفِّي في العشرين من رمضان عن ثَمانٍ وسبعين سَنةً، "واجتَمَع في جَنازَتهِ القُضاةُ والأَعيانُ، وكان يومًا حارًّا، فأَفطَرَ بعضُ مَن اتَّبَعَ جَنازَتَه"

العام الهجري : 618 العام الميلادي : 1221
تفاصيل الحدث:

بعد ما فعل المغول في سمرقند ما فعلوه أخذ جنكيزخان يرسِلُ السَّرايا إلى البلدانِ فأرسل سريةً إلى بلاد خراسان وتسميها التتار المغربة، وأرسل أخرى وراء خوارزم شاه، ثم ساروا إلى مازندران وقلاعها من أمنَعِ القلاع، بحيث إن المسلمين لم يفتحوها إلَّا في سنة تسعين من أيام سليمان بن عبد الملك، ففتحها هؤلاء في أيسَرِ مُدَّة ونهبوا ما فيها وقتَلوا أهاليها كلَّهم وسَبَوا وأحرقوا، ثمَّ ترحلوا عنها نحو الريِّ فدخلوها على حينِ غفلةٍ مِن أهلها فقَتَلوهم وسَبَوا وأسروا، ثم ساروا إلى همذان فمَلَكوها ثم إلى زنجان فقتلوا وسبوا، ثم قصدوا قزوين فنهبوها وقَتَلوا من أهلها نحوًا مِن أربعين ألفًا، ثم تيمَّموا بلاد أذربيجان فصالحَهم مَلِكُها أزبك بن البهلوان على مالٍ حَمَله إليهم لشُغلِه بما هو فيه من السُّكرِ وارتكابِ السيئات والانهماك على الشَّهواتِ، فتركوه وساروا إلى موقان فقاتلهم الكرج في عشرة آلاف مقاتل، فلم يقفوا بين أيديهم طرفةَ عين حتى انهزمت الكرج, ثم أقبَلوا إليهم مرَّةً أخرى بحدِّهم وحديدِهم، فكسرَتْهم التتار في وقعة ثانية أقبَحَ هزيمة وأشنَعَها، وانقضت هذه السنةُ وهم في بلاد الكرج، فلما رأوا منهم ممانعةً ومقاتلة يطول عليهم بها المقام عَدَلوا إلى غيرهم، وكذلك كانت عادتهم فساروا إلى تبريز فصالحَهم أهلها بمال، ثم ساروا إلى مراغة فحَصَروها ونصبوا عليها المجانيقَ وتترسوا بالأسارى من المسلمين، وعلى البلد امرأةٌ ففتحوا البلد بعد أيام وقتلوا من أهله خلقًا لا يعلم عدتَهم إلا الله عز وجل، وغنموا منه شيئًا كثيرًا، وسَبَوا وأسروا على عادتهم, ثم قصدوا مدينة إربل فضاق المسلمون لذلك ذرعًا، وقال أهل تلك النواحي هذا أمر عصيب، وكتب الخليفةُ إلى أهل الموصل والمَلِك الأشرف صاحب الجزيرة يقول: إني قد جهَّزتُ عسكرًا فكونوا معه لقتالِ هؤلاء التتار، فأرسل الأشرفُ يعتذر إلى الخليفة بأنه متوجِّه نحو أخيه الكامل إلى الديار المصرية بسبب ما قد دهم المسلمين هناك من الفرنج، وأخْذهم دمياط الذي قد أشرفوا بأخذهم له على أخذ الديار المصرية قاطبة، فكتب الخليفة إلى مظفَّر الدين صاحب إربل ليكون هو المقدم على العساكر التي يبعثها الخليفة وهي عشرة آلاف مقاتل، فلم يَقدَم عليه منهم ثمانمائة فارس ثم تفَرَّقوا قبل أن يجتمعوا، ولكنَّ الله سلم بأن صرف همة التتار إلى ناحية همذان فصالحَهم أهلُها وترك عندهم التتار شحنة، ثم اتفقوا على قتلِ شحنتِهم فرجعوا إليهم فحاصروهم حتى فتحوها قسرًا وقتلوا أهلَها عن آخرهم، ثم ساروا إلى أذربيجان ففتحوا أردبيل ثم تبريز ثم إلى بيلقان فقتلوا من أهلها خلقًا كثيرًا وجمًّا غفيرا، وحرقوها وكانوا يفجُرون بالنساء ثم يقتلونهنَّ ويشقون بطونهنَّ عن الأجنَّة ثم عادوا إلى بلاد الكرج وقد استعدت لهم الكرج فاقتتلوا معهم فكسروهم أيضًا كسرة فظيعة، ثم فتحوا بلدانًا كثيرة يقتلون أهلها ويسبون نساءها ويأسرون من الرجالِ ما يقاتلون بهم الحصون، يجعلونَهم بين أيديهم ترسًا يتقون بهم الرميَ وغيره، ومن سلم منهم قتلوه بعد انقضاء الحرب، ثم ساروا إلى بلاد اللان والقبجاق فاقتتلوا معهم قتالًا عظيمًا فكسروهم وقصدوا أكبَرَ مدائن القبجاق وهي مدينة سوداق وفيها من الأمتعة والثياب والتجائر شيءٌ كثير جدًّا، ولجأت القبجاق إلى بلاد الروس وكانوا نصارى فاتفقوا معهم على قتال التتار فالتَقَوا معهم فكسرتهم التتار كسرةً فظيعةً جدًّا، ثم ساروا نحو بلقار في حدود سنة620, ففرغوا من ذلك كلِّه ورجعوا نحو مَلِكهم جنكيزخان، هذا ما فعلته هذه السرية المغربة، وكان جنكيزخان قد أرسل سرية في هذه السنة إلى كلانة وأخرى إلى فرغانة فملكوها، وجهز جيشًا آخر نحو خراسان فحاصروا بلخ فصالحهم أهلُها، وكذلك صالحوا مدنًا كثيرة أخرى، حتى انتهوا إلى الطالقان فأعجزتهم قلعتها وكانت حصينةً فحاصروها ستة أشهر حتى عجزوا فكتبوا إلى جنكيزخان فقَدِمَ بنَفسِه فحاصرها أربعة أشهر أخرى حتى فتحها قهرًا، ثم قتل كل من فيها وكل من في البلد بكماله خاصةً وعامة، ثم قصدوا مدينةَ مرو مع جنكيزخان فقد عسكر بظاهرها نحو من مائتي ألف مقاتل من العرب وغيرهم فاقتتلوا معه قتالًا عظيمًا حتى انكسر المسلمون، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ثم حصروا البلد خمسة أيام واستنزلوا نائبها خديعةً ثم غدروا به وبأهل البلد فقتلوهم وغَنِموهم وسلبوهم وعاقبوهم بأنواع العذاب، حتى إنهم قتلوا في يوم واحد سبعمائة ألف إنسان، ثم ساروا إلى نيسابور ففعلوا فيها ما فعلوا بأهل مرو، ثم إلى طوس فقتلوا وخربوا مشهدَ علي بن موسى الرضا، وخربوا تربة الرشيد الخليفة فتركوه خرابًا، ثم ساروا إلى غزنة فقاتلهم جلال الدين بن خوارزم شاه فكسَرَهم ثم عادوا إلى ملكهم جنكيزخان، وأرسل جنكيزخان طائفة أخرى إلى مدينة خوارزم فحاصروها حتى فتحوا البلد قهرًا فقتلوا من فيها قتلًا ذريعًا، ونهبوها وسبوا أهلها وكسروا الجسر الذي يمنع ماء جيحون منها فغرقت دورها وهلك جميع أهلها ثم عادوا إلى جنكيزخان وهو مخيم على الطالقان فجهز منهم طائفة إلى غزنة فاقتتل معهم جلال الدين بن خوارزم شاه فكسرهم جلال الدين كسرة عظيمة، واستنقذ منهم خلقًا من أسارى المسلمين، ثم كتب إلى جنكيزخان يطلب منه أن يبرز بنفسِه لقتاله، فقصده جنكيزخان فتواجَها وقد تفَرَّق على جلال الدين بعضُ جيشه ولم يبق بدٌّ من القتال، فاقتتلوا ثلاثة أيام لم يُعهَد قبلها مثلها من قتالهم، ثم ضَعُف أصحاب جلال الدين فذهبوا فركبوا بحر الهند فسارت التتار إلى غزنة فأخذوها بلا كلفة ولا ممانعة.

العام الهجري : 791 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1389
تفاصيل الحدث:

استطاع الأميرُ يلبغا الناصري إزالةَ مُلكِ السلطان برقوق، وكان من أعوانه منطاش الأفضلي ولكن لم يكن ما بينهما صافيًا، فلما كان سادس عشر شعبان أشيعَ في القاهرة بتنكُّر منطاش على الناصري، وانقطع منطاش عن الخدمة، وأظهر أنَّه مريض، ففَطِنَ الناصري بأنه يريد أن يعمل مكيدةً، فلم ينزل لعيادتِه، وبعث إليه الأمير ألطنبغا الجوباني رأس نوبة كبيرًا في يوم الاثنين سادس عشر شعبان ليعودَه في مرضه، فدخل عليه وسَلَّم عليه، وقضى حقَّ العيادة وهَمَّ بالقيام، فقَبَض عليه منطاش وعلى عشرين من مماليكِه، وضرب قرقماس دوادار الأمير الجوباني ضربًا مبَرِّحًا، مات منه بعد أيام، ثم رَكِبَ منطاش حالَ مَسْكِه للجوباني في أصحابِه إلى باب السلسلة، وأخذ جميعَ الخيول التي كانت واقفةً على باب السلسلة، وأراد اقتحامَ الباب ليأخُذَ الناصريَّ على حين غفلة، فلم يتمكَّنْ من ذلك وأُغلقَ الباب، ورمى عليه مماليكُ الناصري من أعلى السور بالنشَّاب والحجارة، فعاد إلى بيته ومعه الخيول، وتلاحقت المماليكُ الأشرفية خشداشيته- زملاء مهنته- والمماليك الظاهرية بمنطاش، فعَظُم بهم أمرُه، وقَوِيَ جأشُه، وانضمت اليلبغاوية على الناصريِّ، وهم يوم ذاك أكابِرُ الأمراء وغالِبُ العسكر المصري، وتجمَّعَت المماليك على منطاش حتى صار في نحو خمسمائة فارس معه، بعدما كان في سبعين فارسًا في أوَّلِ ركوبه، ثم أتاه من العامةِ عالمٌ كبيرٌ، فترامى الفريقان واقتتلا، ونزل الأميرُ حسام الدين حسين بن الكوراني والي القاهرة، والأمير مأمور حاجب الحجاب من عند الناصري، ونودي في الناس بنهب مماليكِ منطاش، والقَبضِ على من قَدَروا عليه منهم، وإحضاره إلى الناصري، فخرج عليهما طائفةٌ من المنطاشية فضربوهما وهزموهما، فعادوا إلى الناصريِّ وسار الوالي إلى القاهرة، وأغلَقَ أبوابها، واشتَدَّت الحرب، ثم أتى منطاش طوائِفُ من مماليك الأمراء والبطالة وغيرهم شيئًا بعد شيءٍ، فحَسُنَ حاله بهم، واشتد بأسُه، وعَظُمَت شوكته بالنسبة لما كان فيه أولًا، لا بالنسبة لحواشي الناصري ومماليكِه، هذا وقد انزعج الناصريُّ وقام بنفسه وهيَّأ أصحابه لقتال منطاش، ونَدَب من أصحابه من أكابر الأمراء جماعةً لقتاله، واستمر القتالُ بينهما، وكل ذلك يزداد أمرُ منطاش بهروب الأمراء الناصرية إليه، حتى إن منطاش أمر فنادى بالقاهرة بالأمان والاطمئنان، وإبطال المكس والدعاء للأمير الكبير منطاش بقبَّة النصر، هذا وقد أخذ أمر الناصري في إدبار، وتوجَّه جماعة كبيرة من أصحابِه إلى منطاش، فلما رأى الناصري عَسكَرَه في قِلَّة، وقد نفر عنه غالبُ أصحابه، بعث بالخليفةِ المتوكل على الله إلى منطاش يسأله في الصلحِ وإخماد الفتنة، فنزل الخليفة إليه وكَلَّمه في ذلك، فقال له منطاش: أنا في طاعة السلطانِ، وهو أستاذي وابن أستاذي، والأمراء إخوتي، وما غريمي إلا الناصري؛ لأنَّه حلف لي وأنا بسيواس ثم بحلب ودمشق أيضًا بأننا نكون شيئًا واحدًا، وأن السلطانَ يحكُمُ في مملكَتِه بما شاء، فلما حصَلَ لنا النصر وصار هو أتابك العساكر، استبَدَّ بالأمر، ومنع السلطانَ من التحكم، وحَجَر عليه، وقَرَّب خشداشيَّتَه اليلبغاوية، وأبعدني أنا وخشداشيتي الأشرفيَّة، ثم ما كفاه ذلك حتى بعثني لقتالِ الفلاحين، وكان الناصريُّ أرسله من جملة الأمراء إلى جهة الشرقية لقتال العربان، لَمَّا عَظُم فساد فلاحيها، ثم قال منطاش: ولم يُعطِني الناصريُّ شيئًا من المال سوى مائة ألف درهم، وأخذ لنفسِه أحسَنَ الإقطاعاتِ، وأعطاني أضعفها، والإقطاعُ الذي قرره لي يعمل في السنة ستمائة ألف درهم، واللهِ ما أرجع عنه حتى أقتُلَه أو يقتُلَني، ويتسلطن ويستبِدَّ بالأمر من غير شريكٍ، فأخذ الخليفةُ يلاطِفُه، فلم يرجع له وقام الخليفة من عنده وهو مُصَمِّمٌ على مقالته، وطلع إلى الناصري وأعاد عليه الجوابَ، فعند ذلك ركب الناصري بسائِرِ مماليكه وأصحابه، ونزل بجمعٍ كبير لقتال منطاش، وصَفَّ عساكِرَه تجاه باب السلسلة، وبرز إليه منطاش أيضًا بأصحابِه، وتصادما واقتتلا قتالًا شديدًا، وثَبَت كُلٌّ من الطائفتين ثباتًا عظيمًا، حتى انكسر الناصري وأصحابُه، وطلع إلى باب السلسلة، وندم الناصري على خَلعِ الملك الظاهر برقوق وحَبْسِه؛ لَمَّا عَلِمَ أن الأمر خرج من اليلبغاوية وصار في الأشرفية حيث لا ينفعه الندم، وأما منطاش فركب بمن معه بعد أن انهزم الناصري عدة مرات وترَكَه أكثَرُ أمرائه، وطلع إلى الإسطبل السلطاني ومَلَكَه، ووقع النهب فيه، فأخذوا من الخيل والقماش شيئًا كثيرًا، وتفَرَّق الزعر والعامة إلى بيوت المنهزمين، فنَهَبوا وأخذوا ما قدروا عليه، ومنعهم الناسُ من عدة مواضع، وبات منطاش بالإسطبل، وأصبح من الغدِ، وهو يوم الخميس تاسع عشر شعبان، وطلع إلى السلطان الملك المنصور حاجي، وأعلمه بأنَّه في طاعته، وأنَّه هو أحقُّ بخدمتِه؛ لكونِه من جملة المماليك الذين لأبيه الأشرَفِ شعبان، وأنه يمتَثِلُ مَرسومَه فيما يأمُرُه به، وأنه يريدُ بما فعله عمارةَ بيت الملك الأشرف، فسُرَّ المنصور بذلك هو وجماعة الأشرفية؛ فإنهم كانوا في غاية ما يكون من الضِّيقِ مع اليلبغاوية من مُدَّة سنين.

العام الهجري : 75 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 695
تفاصيل الحدث:

بعَث الحَجَّاجُ كِتابًا إلى المُهَلَّب وعبدِ الرَّحمن بن مِخْنَف يأمرُهما بِمُناهَضة الخَوارِج، فزَحَفوا إليهم وقاتلوهم شيئًا مِن قِتالٍ، فانْهَزمت الخَوارِج كأنَّهم على حامِيَة، ولم يكُن منهم قِتالٌ، وساروا حتَّى نَزلوا كازَرُون، وسار المُهَلَّبُ وابنُ مِخْنَف حتَّى نزلوا بهم، وخَنْدَقَ المُهَلَّبُ على نَفسِه، وقال لابن مِخْنَف: إن رأيتَ أن تُخَنْدِقَ عليك فافْعَل. فقال أصحابُه: نحن خَنْدَقْنا سُيوفَنا, فأتى الخَوارِجُ المُهَلَّبَ لِيُبَيِّتُوه فوجدوه قد تَحَرَّزَ، فمالوا نحو ابن مِخْنَف فوجدوه لم يُخَنْدِق فقاتلوه فانهزم عنه أصحابُه، فنزَل فقاتَل في أُناسٍ مِن أصحابِه, فقُتِلَ وقُتِلوا حوله كُلُّهم.

العام الهجري : 198 العام الميلادي : 813
تفاصيل الحدث:

كانت بين اليمانية والنِّزارية وكان سببُها أنَّ عُثمانَ بنَ نُعيم البرجمي صار إلى ديارِ مُضَر، فشكا الأزدَ واليمن، وقال: إنَّهم يغلبونَنا على حُقوقنا واستنصَرَهم، فسار معه إلى الموصِل ما يقارب عشرين ألفًا, فأرسل إليهم عليُّ بن الحسن الهمداني، وهو حينئذٍ متغَلِّبٌ على الموصِل، فسألهم عن حالهم، فأخبَروه، فأجابهم إلى ما يريدون، فلم يقبَلْ عثمان ذلك، فخرج إليهم عليُّ بن الحسَن مِن الموصِل في نحو أربعةِ آلاف رجل، فالتقَوا واقتَتَلوا قتالًا شديدًا عدَّة وقائِعَ، فكانت الهزيمةُ على النزاريَّة، وظفِرَ بهم عليُّ بنُ الحسن، وقتل منهم خلقًا كثيرًا وعاد إلى البلد.

العام الهجري : 217 العام الميلادي : 832
تفاصيل الحدث:

ركِبَ المأمون إلى بلاد الروم فحاصر حِصنَ لؤلؤةَ مائة يومٍ، ثم ارتحلَ عنها واستخلف على حصارِها عجيف بن عنبسة، فخدعته الرومُ فأسَروه فأقام في أيديهم ثمانيةَ أيام، ثم انفَلَت منهم واستمَرَّ محاصِرًا لهم، فجاء توفيل ملِكُ الروم بنفسِه، فأحاط بجيشِه من ورائه، فبلغ المأمونَ فسار إليه، فلمَّا أحس توفيل بقدومِه هرب وبعث وزيرَه صنغل، فسأله الأمانَ والمصالحةَ، لكنَّه بدأ بنَفسِه قبل المأمون فرَدَّ عليه المأمونُ كتابًا بليغًا مضمونُه التقريعُ والتوبيخُ؛ قال فيه: وإنِّي إنما أقبل منك الدخولَ في الحنيفيَّة، وإلَّا فالسيفُ والقَتلُ، والسلامُ على من اتَّبع الهُدى.