الموسوعة الحديثية


-  كُنَّا نَمْنَعُ عَوَاتِقَنَا أَنْ يَخْرُجْنَ، فَقَدِمَتِ امْرَأَةٌ فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِي خَلَفٍ، فحَدَّثَتْ أنَّ أُخْتَهَا كانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ مِن أصْحابِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قدْ غَزَا مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وكَانَتْ أُخْتي معهُ في سِتِّ غَزَوَاتٍ، قالَتْ: كُنَّا نُدَاوِي الكَلْمَى، ونَقُومُ علَى المَرْضَى، فَسَأَلَتْ أُخْتي رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَتْ: هلْ علَى إحْدَانَا بَأْسٌ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ أَنْ لا تَخْرُجَ، قالَ: لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِن جِلْبَابِهَا، ولْتَشْهَدِ الخَيْرَ ودَعْوَةَ المُؤْمِنِينَ فَلَمَّا قَدِمَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا سَأَلْنَهَا، - أَوْ قالَتْ: سَأَلْنَاهَا -، فَقالَتْ: وكَانَتْ لا تَذْكُرُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أَبَدًا إلَّا قالَتْ: بأَبِي، فَقُلْنَا أَسَمِعْتِ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: كَذَا وكَذَا، قالَتْ: نَعَمْ بأَبِي فَقالَ: لِتَخْرُجِ العَوَاتِقُ ذَوَاتُ الخُدُورِ - أَوِ العَوَاتِقُ وذَوَاتُ الخُدُورِ -، والحُيَّضُ فَيَشْهَدْنَ الخَيْرَ ودَعْوَةَ المُسْلِمِينَ، ويَعْتَزِلُ الحُيَّضُ المُصَلَّى فَقُلتُ: أَلْحَائِضُ؟ فَقالَتْ: أَوَليسَ تَشْهَدُ عَرَفَةَ، وتَشْهَدُ كَذَا وتَشْهَدُ كَذَا؟
الراوي : أم عطية نسيبة بنت كعب | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 1652 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] | التخريج : أخرجه البخاري (1652)، ومسلم (890) مختصراً
كَرَّمَ الإسلامُ المَرأةَ، وجَعَلَها شَريكًا طَبيعيًّا لِلرَّجُلِ في الحياةِ، وبَيَّنَ ما لها مِنَ الحُقوقِ، وما عليها مِنَ الواجِباتِ، وبَيَّنَ الأحكامَ الخاصَّةَ بها فيما يَتعَلَّقُ بما يَنتابُها مِنَ الأُمورِ الخاصَّةِ، مِثلَ الحَيضِ والنِّفاسِ والخَلوةِ، وحُضورِ الجَماعاتِ، وغَيرِ ذلك، وفي هذا الحَديثِ تَحكي حَفصةُ بِنتُ سِيرينَ أنَّهم كانوا يَمنَعونَ العَواتِقَ مِنَ الخُروجِ في العيدَيْنِ، والعاتِقُ هي الأُنثى أوَّلَ ما تَبلُغُ، والتي لم تتزَوَّجْ بَعدُ، وهي التي لم تُفارِقْ بَيتَ أهلِها إلى زَوجِها؛ لأنَّها عُتِقتْ عن آبائِها في الخِدمةِ والخُروجِ إلى الحوائِجِ، مِنَ الخُروجِ في العيدَيْنِ، أو هي الكَريمةُ على أهلِها، فقَدِمتِ امرأةٌ فنَزَلَتْ قَصرَ بَني خَلَفٍ، جَدِّ طَلحَةَ الطَّلحاتِ، وكان بالبَصرةِ، فحَدَّثَتْ أنَّ أُختَها، وهي أُمُّ عَطيَّةَ، فيما قيلَ، أو غَيرُها، كانت تَحتَ رَجُلٍ مِن أصحابِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قد غَزا مع رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اثنَتَيْ عَشْرةَ غَزوةً، وكانت مع زَوجِها، أو مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في سِتِّ غَزَواتٍ، قالَتْ: كُنَّا نُداوي الجَرْحى ونَقومُ على خِدمةِ المَرضى. فسألَتْ أُختي رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَتْ: هل على إحدانا بأْسٌ، أي: مِن إثْمٍ أو ذَنبٍ، إنْ لم يكُنْ لها جِلبابٌ أنْ لا تَخرُجَ، أيْ: إلى مُصلَّى العيدِ؟ فأجابها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأنَّها يُمكِنُ أنْ تُلبِسَها صاحبَتُها مِن جِلبابِها، أيْ: فتُعيرَها جِلبابًا لا تَحتاجُ إليه، ولْتَشهَدْ مَجالِسَ الخَيرِ ودَعوةَ المُؤمِنينَ في جَماعةِ العيدِ.
وتَحكي حَفصةُ أنَّ أُمَّ عَطيَّةَ، نُسَيْبَةَ، رَضيَ اللهُ عنها لَمَّا قَدِمَتِ البَصرةَ سألوها عمَّا سَمِعوا، فأجابَتهم: نَعَمْ، سَمِعتُه مِنَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأبي، أيْ: وهو مُفَدًّى بأبي، فكان يقولُ: لِتَخرُجِ العواتِقُ، جَمعُ عاتِقٍ، وهي مَن بَلَغتِ الحُلُمَ، أو قارَبتْ، أو استَحقَّتِ التَّزويجَ، أو هي الكَريمةُ على أهلِها، أوِ التي عُتِقتْ عن الامتِهانِ في الخُروجِ لِلخِدمةِ، وكأنَّهم كانوا يَمنَعونَ العَواتِقَ مِنَ الخُروجِ؛ لِمَا حَدَثَ بَعدَ العَصرِ الأوَّلِ مِنَ الفَسادِ، ولم يُلاحِظِ الصَّحابةُ ذلك، بل رأوُا استِمرارَ الحُكمِ على ما كان عليه في زَمَنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يأمُرُ أيضًا بإخراجِ ذَواتِ الخُدورِ: جَمعُ خِدْرٍ -وهو سِتْرٌ يكونُ في ناحيةِ البَيتِ، تَقعُدُ البِكرُ وَراءَه- أوِ العَواتِقِ وذَواتِ الخُدورِ والحُيَّضِ في حالةِ الحَيضِ، فيَشهَدْنَ الخَيرَ ودَعوةَ المُسلِمينَ، ولكِنْ تَعتَزِلُ الحُيَّضُ المُصلَّى وُجوبًا. فتَعجَبَّتْ أُمُّ عَطِيَّةَ، وسألَتْه: آلحائِضُ؟ فأجابَها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أوَلَيسَ تَشهَدُ الحائِضُ يَومَ عَرَفَةَ، أي: يَومَها، وتَشهَدُ كذا، وتَشهَدُ كذا نَحوَ المُزْدَلِفةِ ومِنًى، ورَميِ الجِمارِ.
وفي الحَديثِ: شُهودُ الحائِضِ المَناسِكَ كُلَّها، غَيرَ الطَّوافِ بالبَيتِ.
وفيه: أنَّ المرأةَ في الجِهادِ تُداوي الجَرحى وتَقوم على المَرضى.
وفيه: تَصويبُ الصَّحابةِ لِمَا كانوا يَرَوْنَه مِن أخطاءِ بَعضِ التَّابِعينَ.