الموسوعة الحديثية


- أنَّ رجلًا دخلَ المسجدَ ورسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ قائمٌ يخطُبُ ، فاستقبلَ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ قائمًا وقالَ : يا رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ هلَكَتِ الأموالُ ، وانقطَعتِ السُّبلُ ، فادعُ اللَّهَ أن يُغيثَنا ، فرفعَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يديهِ ثمَّ قالَ : اللَّهمَّ أغِثنا ، اللَّهمَّ أغِثنا ، قالَ أنسٌ : ولا واللَّهِ ما نَرى في السَّماءِ مِن سحابةٍ ولا قزعةٍ وما بينَنا وبينَ سلعٍ من بيتٍ ولا دارٍ ، فطلَعت سحابةٌ مثلُ التُّرسِ ، فلمَّا توسَّطتِ السَّماءَ انتشَرَت وأمطَرَت ، قالَ أنسٌ : ولا واللَّهِ ما رأَينا الشَّمسَ سبتًا ، قالَ : ثمَّ دخلَ رجلٌ من ذلِكَ البابِ في الجمعةِ المُقْبِلَةِ ورسولُ اللَّهِ قائمٌ يخطبُ ، فاستقبلَهُ قائمًا فقالَ : يا رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ وسلَّمَ عليكَ ، هلَكَتِ الأموالُ ، وانقَطعتِ السُّبلُ ، فادعُ اللَّهَ أن يُمْسِكَها عنَّا ، فرفعَ رسولُ اللَّهِ يديهِ ، فقالَ : اللَّهمَّ حوالَينا ولا علَينا ، اللَّهمَّ على الآكامِ والظِّرابِ ، وبُطونِ الأوديةِ ، ومَنابتِ الشَّجرِ
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح النسائي | الصفحة أو الرقم : 1517 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح | التخريج : أخرجه النسائي (1518) واللفظ له، وأخرجه البخاري (1014)، ومسلم (897) باختلاف يسير

 أَصَابَتِ النَّاسَ سَنَةٌ علَى عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَبيْنَا رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَخْطُبُ علَى المِنْبَرِ يَومَ الجُمُعَةِ قَامَ أعْرَابِيٌّ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، هَلَكَ المَالُ، وجَاعَ العِيَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا أنْ يَسْقِيَنَا، قالَ: فَرَفَعَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدَيْهِ وما في السَّمَاءِ قَزَعَةٌ، قالَ: فَثَارَ سَحَابٌ أمْثَالُ الجِبَالِ، ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عن مِنْبَرِهِ حتَّى رَأَيْتُ المَطَرَ يَتَحَادَرُ علَى لِحْيَتِهِ، قالَ: فَمُطِرْنَا يَومَنَا ذلكَ، وفي الغَدِ، ومِنْ بَعْدِ الغَدِ، والذي يَلِيهِ إلى الجُمُعَةِ الأُخْرَى، فَقَامَ ذلكَ الأعْرَابِيُّ - أوْ رَجُلٌ غَيْرُهُ - فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَ البِنَاءُ وغَرِقَ المَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا، فَرَفَعَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدَيْهِ، وقالَ: اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا، ولَا عَلَيْنَا. قالَ: فَما جَعَلَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُشِيرُ بيَدِهِ إلى نَاحِيَةٍ مِنَ السَّمَاءِ إلَّا تَفَرَّجَتْ، حتَّى صَارَتِ المَدِينَةُ في مِثْلِ الجَوْبَةِ حتَّى سَالَ الوَادِي -وادِي قَنَاةَ- شَهْرًا، قالَ: فَلَمْ يَجِئْ أحَدٌ مِن نَاحِيَةٍ إلَّا حَدَّثَ بالجَوْدِ.
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 1033 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

التخريج : أخرجه البخاري (1033)، ومسلم (897)


علَّمَنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ نَتوجَّهَ إلى اللهِ بالدُّعاءِ في كلِّ أُمورِنا، وخاصَّةً في النَّوازلِ، فنَدْعوه ليَرفَعَ عنا البَلاءَ، وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أنَسٌ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ الناسَ قد أصابَتْهم شِدَّةٌ وجَهْدٌ مِنَ الجَدْبِ والقَحْطِ على عَهْدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فبَيْنما رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَخطُبُ على المِنْبرِ يومَ الجُمعةِ، قام أعرابيٌّ -وهو العربيُّ الذي يَسكُنُ الصَّحْراءَ- فقال: يا رسولَ الله، هَلَك المالُ، يَقصِدُ: هَلَكَتِ الحيواناتُ -وهي مِن جُملةِ الأموالِ- مِن قِلَّةِ الماءِ والزَّرْعِ، وجَاعَ العِيَالُ، وهُم كلُّ مَن يَعُولُه الرَّجُلُ؛ مِنَ وَلَدٍ وزَوْجةٍ وغيرِهما، وطَلَبَ مِن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَدعُوَ اللهَ بإنزالِ المطَرِ، فاستجابَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للرجُلِ، فرَفَع رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يدَيْه، فدَعَا.
ويُخبِرُ أنسٌ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه لم يكُنْ في السَّماء حِينَئذٍ «قَزَعَةٌ»، أي: قِطعةُ غَيْمٍ، «فَثارَ السَّحابُ أمثالَ الجِبالِ»، أي: هَاجَ وانتَشَر سَحابٌ عَظيمٌ في السَّماءِ، ثُمَّ لم يَنزِلْ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن مِنْبَرِه وكاد يَنْتهي مِن الدُّعاءِ حتى نَزَل المطَرُ الغَزيرُ «يتَحَادَرُ» ويَنزِلُ ويَقطُرُ على لِحْيَتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وظَلَّ المطرُ يَنزِلُ كلَّ يومٍ إلى الجُمعةِ التاليةِ، فعاد ذلك الأعرابيُّ أو رجُلٌ غيرُه، وقال: يا رسولَ الله، تهدَّم البِناءُ، وغَرِق المالُ مِن شِدَّةِ الماءِ والمطرِ، وطلَبَ مِن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَدعُوَ اللهَ، فاستجابَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للرجُلِ، وقال: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا ولا عَلَيْنا»، أي: أَنْزِلِ المطرَ في جَوانِبِنا، لا عَلينا وعلى أبْنِيَتِنا، وجَعَل يُشِيرُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيَدِه إلى السَّماءِ، وكلَّما أشار إلى ناحيةٍ انكَشَف السَّحابُ فيها، «حتى صارتِ المدينةُ في مِثْلِ الجَوْبَةِ»، أي: الفُرْجةِ المستدِيرةِ في السَّحابِ، فأحاطَتْ بها المِياهُ كالحَوْضِ المستدِيرِ، «حتى سَالَ الوادِي -وادِي قَنَاةَ- شهرًا»، وقَنَاةُ: اسمٌ لوادٍ مُعيَّنٍ مِن أوْدِيةِ المَدِينةِ بناحيةِ أُحُدٍ، والمعنَى: جَرَى فيه الماءُ شَهرًا، «فلَمْ يَجِئْ أحدٌ مِن نَاحِيةٍ» مِن نَوَاحي المَدِينةِ «إلَّا حَدَّثَ بالجَوْدِ»، فأَخْبَرَ عن المَطَرِ الغَزِيرِ، والجَوْدِ بفتْحِ الجِيمِ: المَطَرُ الغَزِيرُ، وهذا يدُلُّ على أنَّ المطَرَ استَمرَّ فيما سِوى المدينةِ حتَّى رآهُ كلُّ قادمٍ مِن خارِجِها وأخْبَرَ عنه.
وفي الحديثِ: عَلامةٌ مِن عَلاماتِ نُبوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: مَشْروعيَّةُ الاستِسقاءِ أثناءَ خُطبةِ الجُمعةِ.
وفيه: مَشروعيَّةُ الكلامِ مع الإمامِ في الخُطبةِ للحاجةِ والضَّرورةِ.
وفيه: مَشروعيَّةُ وُقوفِ الخَطيبِ في الخُطبةِ.
وفيه: قِيامُ الشَّخصِ الواحدِ بأمْرِ الجماعةِ مِن قَومِه، فَيَنوبُ عنهم عندَ الحُكَّامِ وغيرِهم في طَلَبِ جَلْبِ المصلحةِ ودَرْءِ المفسَدةِ.