الموسوعة الحديثية


- أنَّ رجلًا أتى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ إنِّي رجلٌ أسوَدُ اللَّونِ قبيحُ الوجْهِ. منتنُ الرِّيحِ لا مالَ لي فإن قاتلتُ هؤلاءِ حتَّى أُقتَلَ أدخلِ الجنَّةَ؟ قالَ: نعَم . فتقدَّمَ فقاتلَ حتَّى قُتِلَ. فأتى عليْهِ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ وَهوَ مقتولٌ فقالَ: لقد أحسنَ اللَّهُ وجْهكَ وطيَّبَ روحَكَ وَكثَّرَ مالَكَ . قالَ: وقالَ لِهذا أو لغيرِهِ: لقد رأيتُ زوجتيْهِ منَ الحورِ العينِ يتنازعانِهِ جبَّتَهُ عنْهُ تدخلانِ فيما بينَ جلدِهِ وجبَّتِهِ
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الذهبي | المصدر : تاريخ الإسلام | الصفحة أو الرقم : 2/419 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
الصِّدْقُ مع اللهِ مِن أعظَمِ أنواعِ الصِّدْقِ، وإخلاصُ النِّيَّةِ له في جَميعِ الأعمالِ يَكونُ فيه الخيرُ الكثيرُ، والثَّوابُ الجزيلُ مِنه سُبْحانهُ وَتَعالى.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أنسُ بنُ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه: "أنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: يا رسولَ اللهِ، إنِّي رَجُلٌ أَسْوَدُ اللَّوْنِ قَبيحُ الوَجْهِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ"، أي: هذه صِفاتي الخُلُقيَّةُ والجَسَديَّةُ، وهي صِفاتٌ مُسْتَقْبحَةٌ عندَ الناسِ، "لا مالَ لي"، أي: لا أَملِكُ مالًا يُغْنيني، والمالُ الزائدُ هو مَظِنَّةُ التَّرَفِ أو الإنْفاقُ في وُجوهِ الخَيْرِ، "فإنْ قاتلْتُ هؤلاءِ"، أي: الكُفارَ والمُشْرِكينَ "حتى أُقْتَلَ؛ أَدْخُلُ الجنَّةَ؟"، أي: إنْ قاتلْتُ بعدَ إسلامي مُحْتَسِبًا، فاسْتُشْهِدْتُ هل أَدْخُلُ الجنَّةَ؟ وهذا سُؤالُ مَنْ أرادَ أنْ يَسْتَوْثِقَ لنَفْسِهِ، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "نَعَمْ"، أي: إنْ قاتلْتَ وقُتِلْتَ في سَبيلِ اللهِ مُحْتَسِبًا دَخَلْتَ الجنَّةَ، "فَتقَدَّمَ فقَاتَلَ حتى قُتِلَ، فأَتَى عليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو مَقْتولٌ، فقال: لقد أَحْسَنَ اللهُ وَجْهَكَ، وطيَّب رُوحكَ، وكثَّر مالَكَ"، أي: أعْطاكَ هذه النِّعَمَ من جَمالِ الوَجْه، والرائحَةِ الطَّيِّبةِ، وكَثْرَةِ المالِ، جزاءً لك على الشَّهادةِ في سَبيلِهِ بصِدْقِ نِيَّةٍ؛ ولأنَّه صَدَقَ اللهَ فيما قال صادِقًا مُخلِصًا؛ فَصدَقَهُ اللهُ وأنْجَزَ له ما تَمنَّاهُ من الاسْتِشْهادِ في سَبيلِه.
قال أنسٌ رضِيَ اللهُ عنه: "وقال لهذا أو لغيْرِهِ"، أي: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأخبَر عن حالِ هذا الرَّجلِ أو حالِ رجُلٍ غيرِه في الجَنَّةِ، والشكُّ مِن أنسِ بنِ مالكٍ راوي الحديثِ: "لقد رَأَيْتُ زَوْجتيْهِ من الحُورِ العِينِ" مِن نِساءِ الجنَّةِ "يَتَنازَعانِهِ" تَتَجاذبانِ "جُبَّتَهُ عنه" لخَلْعِها أو إزاحتِها عن بَعضِ جِلدِه وجَسَدِه، "تَدْخُلانِ فيما بين جِلْدِهِ وجُبَّتِهِ"، أي: تَتجاذَبُ المرأتانِ مِن الحُورِ العِينِ ثِيابَه فيما بينهما وتتسابقانِ في الدُّخولِ بين ثِيابِه وجِلدِه، تحبُّبًا وتقربًا إليه، كما تتحبَّبَ الزوجاتُ إلى أزواجهنَّ وتُداعِبْنَه، والجُبَّةُ هي نوْعٌ من الثِّيابِ التي تُغطِّي الجَسَدَ كُلَّهُ.
وفي الحديثِ: حِرْصُ الصَّحابةِ على كُلِّ ما يُقرِّبُ مِن اللهِ( ).