الموسوعة الحديثية


- لمَّا كان مِنْ أمرِ عبدِ اللهِ بنِ مُطيعٍ ما كان أتاه عبدُ اللهِ بنُ عمرَ وأنَا معه فأَلْقَى له وسادةً فقال ابنُ عمرَ : إني لم أَجِئْكَ لِأَجلسَ ولكن جِئْتُكَ لِأُحَدِّثَك حديثين سمِعتُهما مِنْ رسولِ اللهِ سمِعتُه يقولُ : مَنْ نكث صفْقتَه فلا حُجَّةَ له ومَنْ مات وهو مُفارِقٌ للجماعةِ فَمَوْتُه مِيتةٌ جاهليةٌ
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : الألباني | المصدر : تخريج كتاب السنة | الصفحة أو الرقم : 1081 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه مسلم (1851) بنحوه
أمَرَ اللهُ سُبحانَه وتَعالى عبادَه المُؤمِنينَ بِالاعتصامِ بحَبلِ اللهِ وعَدَمِ التَّفرُّقِ، ومِن لوازمِ هذا الاعتصامِ اجتماعُ المُسلِمينَ على كَلمةٍ واحدةٍ وإمامٍ واحدٍ؛ فإنَّهم إذا تعدَّدَتْ كلمتُهم وتفرَّقَ أمراؤُهم ضعُفَ شأنُهم وذَهَبَتْ ريِحُهم، وظَهَرَ عليهم عدوُّهم.
وفي هذا الحديثِ يَروي نافِعٌ مَولى عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ الخطابِ: "لمَّا كان من أمْرِ عبدِ اللهِ بنِ مُطيعٍ ما كان" وهو أنَّه لمَّا خَلَعَ أهلُ المدينةِ يَزِيدَ بنَ مُعَاوِيَةَ بَعَثَ إليهم يَزِيدُ مُسلِمَ بنَ عُقبَةَ في جيشٍ كبيرٍ، ولَمَّا كانت قُوَّةُ جيشِ أهلِ الشامِ فَوقَ طاقةِ أهلِ المدينةِ، فإنَّهم قد هُزِموا بعدَ قتالٍ شديدٍ؛ وكان عبدُ الله بنُ مُطِيعٍ على رأسِ مَن خَلَعَ يَزِيدَ، وخَرَجَ عليه من أهلِ المدينةِ، وكان قائِدَ قُرَيشٍ يومَ الحَرَّةِ، "أتاه عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ وأنا معه، فأَلْقى له وِسادَةً"، أي: فَرَشَها وهيَّأها؛ إكرامًا لابنِ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما، "فقال ابنُ عُمَرَ: إنِّي لم أَجِئْكَ لِأَجلِسَ، ولكِنْ جِئْتُكَ لِأُحدِّثَكَ حَديثيْنِ سَمِعتُهما من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، سَمِعتُه يقولُ: مَن نَكَثَ صَفقَتَه فلا حُجَّةَ له"، أي: مَن خَرَجَ عن عَهدِ وبَيعَةِ الوُلاةِ والحُكَّامِ بالخُروجِ عليهم وعَدَمِ الانقيادِ لهم في غيرِ مَعصِيَةٍ بأيِّ وجهٍ كان؛ لَقِيَ اللهَ يومَ القيامةِ ولا حُجَّةَ له يَومَئِذٍ فيما فَعَلَه مِن نَبذِ الطاعةِ، ولا عُذرَ له فيه، "ومَن ماتَ وهو مُفارِقٌ للجَماعَةِ"، أي: جماعةِ الإسلامِ، "فمَوتُه مِيتةٌ جاهلِيَّةٌ"، أي: على الضَّلالِ؛ لأنَّه مُفارِقٌ للجَماعةِ، عاصٍ لِوَلِيِّ أمرِه؛ كما كان يموتُ أهلُ الجاهليَّةِ عليها مِن جِهَةِ أنَّهم كانوا لا يَدخُلون تحتَ طاعةِ أميرٍ، ويَرَوْنَ ذلك عَيْبًا، بل كان ضَعيفُهم نَهبًا لِقَويِّهم.
وفي الحديثِ: الحثُّ على طاعةِ الأُمراءِ على كُلِّ حالٍ فيما يُرضِي اللهَ عزَّ وجلَّ، والتَّحذيرُ مِنَ الخُروجِ عليهم.
وفيه: الحثُّ على مُلازَمَةِ الجَماعةِ .