الموسوعة الحديثية


- كنَّا عندَ النَّبيِّ، فقامَ رجلٌ - أي غابَ عن المجلِسِ - فوقعَ فيهِ رجلٌ مِن بعدِهِ، فقالَ النَّبيُّ لهذا الرجل : تخلَّلْ، فقالَ: ومِمَّ أتتخلل وما أَكَلتُ لحمًا ! قالَ ؟ إنَّكَ أَكَلتَ لحمَ أخيكَ
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : الألباني | المصدر : غاية المرام | الصفحة أو الرقم : 428 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه ابن أبي شيبة في ((المسند)) (311)، والطبراني (10/126) (10092) باختلاف يسير
الإسلامُ دِينُ الأخْلاقِ الحَسَنَةِ، وقد أَمَرَ بحِفْظِ الأعْراضِ مِن أنْ تُنتَهكَ بالقَوْلِ أو الفِعْلِ؛ لأنَّه مما يُورِثُ العَداوةَ والبَغْضاءَ بينَ المُسلِمينَ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ: "كُنا عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، أي: كانوا في صُحْبةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في مَجلِسٍ له معَ بَعْضِ أصْحابِه، "فقامَ رَجُلٌ -أي: غابَ عن المَجلِسِ-"، أي: تَرَكَه وذَهَبَ، "فوَقَعَ فيه رَجُلٌ من بعدِه" وهو من الوُقوعِ في عِرْضِ المُسْلِمِ بالقَوْلِ أو الفِعْلِ، أو بالغِيبَةِ وسَيِّئِ القَوْلِ بغيرِ حَقٍّ، وبغَيْرِ سَبَبٍ شَرْعيٍّ يُبيحُ له استِباحةَ عِرْضِ أخيهِ، والمُرادُ: أنَّ أحَدَ الجُلَساءِ مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قدِ اغْتابَ الرَّجُلَ الذي قامَ وذَهَبَ في حَضْرةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لهذا الرَّجُلِ: "تَخَلَّلْ" وهو من التَّخَلُّلِ بمعني تَنْظيفِ الفَمِ والأَسْنانِ من بَقايا الطَّعامِ، فقال الرَّجُلُ: "ومِمَّ أتتخَلَّلُ، وما أَكَلْتُ لَحْمًا؟! قال: إنَّك أَكَلْتَ لَحْمَ أَخيكَ"؛ لأنَّك تكَلَّمْتَ في حَقِّه، واغتَبْتَه، فكأنَّك أَكَلْتَ لَحْمَه، كما قال اللهُ تَعالى: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 12]، وهذا يَدُلُّ على أنَّ الوُقوعَ في أعْراضِ الناسِ، وغِيبتَهم مِن الكبائِرِ العِظامِ.
وفي الحديثِ: التَّرْهيبُ من الغِيبَةِ، والتَّحْذيرُ الشَّديدُ من الوُقوعِ في أعْراضِ الناسِ .