الموسوعة الحديثية


- كلُّ شيءٍ ليس من ذِكْرِ اللهِ فهو لَهْوٌ أو سَهْوٌ إلا أربعَ خِصَالٍ : مَشْىُ الرجلِ بينَ الغَرَضَيْنِ - المَرْمَى - وتأديبُه فَرَسَهُ ومُلَاعَبَتُهُ أهلَه وتعليمُه السِّبَاحَةَ
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : الألباني | المصدر : غاية المرام | الصفحة أو الرقم : 389 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) (8940)، والبزار كما في ((مجمع الزوائد)) للهيثمي (5/272)، والطبراني (2/193) (1785) باختلاف يسير
عُمرُ الإنسانِ هو رَصيدُه في هذه الحَياةِ؛ ولأنَّه سوفَ يُسألُ عنه بين يَدَيِ اللهِ؛ فكان لِزامًا على الإنسانِ أنْ يُحسِنَ تَنظيمَ وَقْتِه؛ حتى لا يَضيعَ منه فيما لا حاجَةَ فيه، فيَخرُجُ من هذه الدُّنيا مُحمَّلًا بالذُّنوبِ والخَطايا.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن ذلك فيقولُ: "كُلُّ شَيءٍ ليس من ذِكرِ اللهِ فهو لَهْوٌ"، أي: كُلُّ وَقتٍ يَضيعُ ليس فيه ذِكرُ اللهِ تَعالى سواءٌ بصَلاةٍ مَفْروضَةٍ أو تَطوُّعٍ أو أذْكارٍ مُوظَّفَةٍ أو غيرِ ذلك، فهو مَذْمومٌ، إلَّا حالاتٌ مُعيَّنةٌ لا يَدخُلُها الذَّمُّ، وهي: "أربَعُ خِصالٍ"، هذه الأربَعُ خِصالٍ، إذا فَعَلَها الإنسانُ لا يُذَمُّ على فِعلِها، ولا يَلحَقُه إثمٌ لتَضييعِ الوَقْتِ والعُمرِ فيها، "مَشْيُ الرَّجُلِ بين الغَرَضينِ – المرمي-"، والغَرَضُ هو الَهَدفُ، وهو ما يُرْمى فيه، والمَشْيُ بين الهَدَفينِ هو للرَّمْيِ، وهو لتَحْصيلِ القُوَّةِ على العَدُوِّ، "وتأديبُه فَرَسَه"، أي: تَهيِئَتُه وإعدادُه، وتَدْريبُه وتَعليمُه لمَهاراتِ القِتالِ والجَرْيِ والمُسابَقَةِ وغيرِ ذلك، وهذا الاستِعْدادُ يكونُ للعَدُوِّ في العادَةِ، "ومُلاعَبَتُه أهلَه"، وهو ما يكونُ بين الرَّجُلِ وأهلِه من العِشرَةِ الزَّوجيَّةِ بالمَعروفِ والمُلاطَفَةِ بالمُؤانَسَةِ والتَّودُّدِ، وربَّما عرَّض بها عن الجِماعِ ومُقدِّمَتِه، "وتَعلُّمُه السِّباحَةَ"، أي: لتَحْصيلِ الصِّحَّةِ والقُوَّةِ بتَعَلُّمِ العَومِ في الماءِ؛ فهذه الملاهي وما كان في مَعناها وصَفَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأنَّها حَقٌّ، وما عداها فباطِلٌ، ومعنى باطِلٍ: أنَّه لا خَيرَ فيه، ولا نَفْعَ منه، فعلى الإنسانِ ألَّا يَلْهُوَ فيما لا يَنفَعُ.
وفي الحديثِ: الحثُّ على تعلُّمِ فُنونِ القِتالِ والجِهادِ بالحَقِّ وللحَقِّ.
وفيه: إباحَةُ الشَّرْعِ لأنْواعٍ من اللَّهْوِ واللَّعِبِ دونَ أنْ تَشغَلَ عن طاعَةِ اللهِ.
وفيه: أنَّ النِّيَّةَ الصالِحَةَ والاحْتِسابَ ممَّا يُعظِمُ الأجْرَ؛ لأنَّ هذه الأعمالَ ممَّا لا يَعلَمُ صِدْقَها إلَّا اللهُ( ).