الموسوعة الحديثية


- لولا أنَّ قومَكِ حديثو عهْدٍ بجاهلِيَّةٍ ، لأنفقْتُ كنزَ الكعْبَةِ في سبيلِ اللهِ ، ولجعَلْتُ بابَها بالأرضِ ، ولأدْخَلْتُ فيها منَ الحجْرِ
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم : 5327 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه مسلم (1333)
للكَعْبةِ المشرَّفَةِ مَكانةٌ عَظيمَةٌ في نُفوسِ المسلِمين، وقد جعَلها اللهُ مُقدَّسةً، وكان النَّاسُ يُهْدون إليها الأموالَ والنُّذورَ، فيَجتمِعُ في الكَعْبةِ شيءٌ عَظيمٌ مِن الأموالِ.
وفي هذا الحديثِ تَرْوي أمُّ المؤمنينَ عائشةُ: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لها: "لولا أنَّ قومَك" مِن أهلِ مكَّةَ وغيرِهم، "حَديثو عهْدٍ بجاهليَّةٍ"، أي: أسْلَموا منذُ زمنٍ قريبٍ مِن أيَّامِ كُفْرِهم وجاهليَّتِهم، "لَأنفقتُ كَنْزَ الكعبةِ" وهو ما يُجمَعُ مِن أموالٍ كانت تُهْدَى للبيتِ الحرامِ، "في سبيلِ اللهِ"، أي: في طُرقِ الخيرِ والنَّفعِ لدِينِ اللهِ، "ولَجعلْتُ بابَها بالأرضِ"، أي: لأنزلْتُ بابَ الكعبةِ وجعلْتُه لاصقًا بالأرضِ؛ تواضعًا، وليكونَ أيسَرَ لدخولِ النَّاسِ، "ولَأدخلْتُ فيها مِن الحِجْرِ" وهو المُشتَهرِ عِندَ الناسِ بحِجرِ إسماعيلَ بنِ إبراهيمَ عليه السَّلام؛ بسببِ ما قيل: إن إسماعيل عليه السلام مدفون في الحِجْرِ من البيت العتيق؛ لذا أُضيفَ الحِجرُ إليه، لكن لا يَثبُت في هذا كبيرُ شيءٍ؛ فالصوابُ أنْ يُقالَ: الحِجْرُ، ولا يُقالَ: حِجرُ إسماعيلَ، وكان مِن الكعبةِ قبْلَ أنْ تَهْدِمَها قريشٌ لإصلاحِها، ولكن قصُرَتْ نفقتُهم الحلالُ عن إكمالِ بنائِها، فتَرَكوا هذا الجزءَ خارجَ جُدرانِها، وأُحِيطَ بحائطٍ قصيرٍ؛ ليكونَ الطَّوافُ مِن خلْفِه.
وهذا الفِعلُ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان لِيُعِيدَ الكعبةَ على شكْلِ بِناءِ إبراهيمَ عليه السَّلامُ.
وقال بعضُ العُلماءِ: إنَّما ترَك النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم إنفاقَ أموالِ الكَنزِ؛ لأنَّ ما جُعِلَ في الكَعْبةِ وسُبِّلَ لها يَجْري مَجرى الأوقافِ؛ فلا يَجوزُ تَغييرُه عن وَجْهِه.
وفي الحديثِ: مُراعاةُ حالِ حَديثي الإسلامِ، والتدرُّجُ معهم في دَعوتِهم، وعدمُ تنفيرِهم وهم في أوَّلِ الطريقِ.
وفيه: بيانُ أنَّه إذا تعارَضَتِ المصالحُ، أو تعارضتْ مَصلَحةٌ ومَفْسَدةٌ وتعذَّرَ الجمعُ، بُدِئَ بالأهمِّ.
وفيه: أنَّه قد يُنتقَلُ عن الأفضلِ إلى المفضولِ؛ لِمَا فيه مِن الموافقةِ، وائتلافِ القلوبِ .