الموسوعة الحديثية


- كان خُلُقُه القرآنَ
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم : 4811 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم المثلَ الأعلى في الأخلاقِ الحَميدةِ، وقد تحدَّثَ القرآنُ عن خُلقِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ووصَفَه بالعظَمةِ، وهذا حديثٌ مُختصَرٌ مِن حديثٍ آخرَ، ولفظُه -كما عندَ أحمدَ- يقولُ التَّابعيُّ سعدُ بنُ هشامِ بنِ عامرٍ -وهو ابنُ عَمِّ أنسِ بن مالكٍ، وكان مُقرِئًا، صالحًا، فاضلًا، نبيلًا-: "أتيتُ عائشةَ"، وذلك على عادةِ التَّابعينَ؛ أنَّهم يأْتون صحابةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لِيَتعلَّموا منهم سُنَّتَه، "فقلْتُ: يا أمَّ المؤمنينَ، أخْبِريني بخُلقِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، أي: كيف كان خُلقُه؟ "قالت: كان خُلقُه القرآنَ"، والخُلقُ هو الطَّبعُ، وقيل: الدِّينُ، والمعنى: كانتْ أخلاقُه مُتَّصفةً بالكمالِ الذي أخبَرَ به القرآنُ في كلِّ خُلقٍ، ويأتمِرُ بما أمَرهُ اللهُ تعالى فيه، ويَنْتهي عمَّا نهى اللهُ عنه قولًا وفِعلًا، ووعْدِه ووعيدِه، إلى غيرِ ذلك؛ فكان خُلقُه جَميعَ ما حصَلَ في القرآنِ مِن كلِّ ما استحْسَنَه وأثْنى عليه ودعا إليه، فقد تحلَّى به، وكلُّ ما اسْتَهْجَنه، ونهى عنه، تجنَّبه وتخلَّى عنه، فكان صاحبَ خُلقٍ عظيمٍ، فقيهَ النَّفسِ، كثيرَ العِبادةِ، كاملَ الإيمانِ والصِّدقِ، والشَّجاعةِ والصَّبرِ، والعِفَّةِ والحِلْمِ، وغيرِ ذلك، فكأنَّك ترى القرآنَ إنسانًا في شخصِ النَّبيِّ الكريمِ، ثمَّ قالت عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: "أمَا تَقرَأُ القرآنَ؛ قولَ اللهِ عزَّ وجلَّ: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]"، وهذا إقرارٌ لِمَا تقدَّمَ مِن بيانِ خُلقِه.
وفي الحديثِ: بيانُ عَظمةِ خُلقِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأنَّها كانتْ في المكانةِ الأسْمى.
وفيه: أنَّ القرآنَ مصدرٌ لكُلِّ الأخلاقِ الكريمةِ، وإشارةٌ إلى الحثِّ على التأدُّبِ بآدابِ القرآنِ والتخلُّقِ بأخلاقِه، والاهتداءِ بهَدْيِه، والعملِ بأوامرِه والانتهاءِ عن نواهيه .