الموسوعة الحديثية


- ألَا أُحَدِّثُكُمْ حديْثًا عنِ الدَّجَّالِ ، ما حدَّثَ بِهِ نَبِيٌّ قَبْلِي قَوْمَهُ ؟ إِنَّه أعورُ يَجيءُ معه تِمثالُ الجنةِ والنارِ ، فالتي يقولُ إِنَّها الجنةُ هِيَ النارُ ، وإِنَّي أَنْذَرْتُكُمُ بِهِ كما أَنَذَرَ بِهِ نوحٌ قومَهُ
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم : 2591 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
المسيحُ الدَّجَّالُ يَظهرُ في آخِرِ الزَّمانِ ويدَّعي الألُوهيَّةَ، وهو مِن أشدِّ فِتنِ الدنيا وأخطرِها؛ لذا حذَّرَ منه نَبيُّنا وجميعُ الأنبياءِ عليهم الصَّلاةُ السَّلامُ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأصحابِهِ: "أَلَا أُحدِّثُكم حَديثًا عن الدجَّالِ"، أي: عن صِفاتِهِ وعلاماتِهِ، "ما حَدَّث به نبيٌّ قَبْلي قومَه؟"، أي: إنَّه لم يُعلِمِ اللهُ بهذه العلاماتِ إلَّا المصْطفى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهذه من خُصوصيَّاتِه؛ "إنَّه أعْورُ"، أي: مُصوَّرٌ بصُورةٍ كَريهةٍ ظاهرةٍ، وهي أنَّه أعورُ، وهذه صِفةُ نقْصٍ، ولا تَليقُ بمن يَزعُم أنَّه ربٌّ، ويطلُبُ من الناسِ أنْ يعْبُدوه، "يجيءُ معه تمثالُ الجنَّةِ والنَّارِ"، أي: صُورةُ الجنةِ والنارِ يَبتلي اللهُ تعالى به عِبادَه، "فالتي يقول: إنَّها الجنةُ هي النارُ" يعني: مَن دخَلَ جنَّتَه الزائفةَ استحقَّ النارَ الحَقيقيَّةَ عندَ اللهِ؛ لأنَّه صَدَّقه، وكذا مَن لم يُطِعْهُ ورماه في النارِ الزائفةِ استحقَّ دُخولَ الجنَّةِ الحقيقيةِ عندَ اللهِ؛ لأنَّه كذَّبه، "وإنِّي أنذرْتُكم به كما أنذَرَ به نوحٌ قومَه" وكذا غيرُه من الأنبياءِ؛ وذلك لأنَّ فِتنةَ الدَّجَّالِ عَظيمةٌ جدًّا تُدهِش العقولَ، وتُحيِّر الألبابَ مع سُرعةِ مُرورِهِ في الأرضِ، فلا يمكُثُ بحيثُ يتأمَّلُ الضعفاءُ دلائلَ الحدوثِ والنَّقصِ؛ فيُصدِّقون بصِدْقِه في هذه الحالةِ؛ فلذا حذَّرتِ الأنبياءُ عليهم الصلاةُ والسلامُ قومَهم من فِتنتِهِ، ونبَّهوا عليه. وخُصَّ نوحٌ عليه السلامُ بالذِّكْرِ؛ لأنَّه مِن أسبقِ الأنبياءِ وأقدمِهم، أو لِكَوْنِهِ مُقَدَّمًا على سَائِرِ أُولِي العزمِ من الرسُلِ بحَسَبِ الوُجودِ، وقيل: خُصِّص بالذِّكْرِ؛ لأنه هو أولُ مَن أنذَرَ وهدَّد قومَه بخلافِ مَن سبق عليه، فإنَّهم كانوا في الإرشادِ مثل تربيةِ الآباءِ للأولادِ، وإما لأنه أولُ الرسُلِ المشرِّعين: {شَرَعَ لَكُمْ من الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا} أو لأنه أبو البَشَرِ الثاني، وذريتُهُ هُم الباقون في الدُّنْيا لا غيرُهم( ).