الموسوعة الحديثية


- أمَا إنَّهُ لَمْ تَهْلَكِ الأُمَمُ قَبلَكُمْ حتى وقَعُوا في مِثلِ هذا ، يَضْرِبُونَ القُرآنَ بَعضَهُ بِبَعضٍ ، ما كان حَلالٌ فأَحِلُّوهُ ، و ما كان من حَرامٍ فَحَرِّمُوهُ ، و ما كان من مَتشابِهٍ فآمِنوا بِهِ
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم : 1322 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (13/ 361) باختلاف يسير، والمستغفري في ((فضائل القرآن)) (1/ 268) بنحوه.
حذَّرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُمَّتَه مِن سُلوكِ سُبُلِ الأممِ الهالِكةِ، الَّذِينَ استحقُّوا عذابَ اللهِ عزَّ وجلَّ؛ بمُخالفتِهم أنبياءَهم، واختلافِهم عليهم، والتَّنازُعِ فيما أُنزِلَ على أنبيائِهم.
وهذه الرِّوايةُ جزءٌ من حديثٍ طويلٍ، وفيه يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عمرٍو رضِيَ اللهُ عنهما: "كُنَّا عندَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقد ضُربتْ له قُبَّةٌ"، أي: خَيمةٌ، "في مُؤخَّرِ المسجدِ"، أي: في آخِرِه، "ورَجُلانِ يتماريانِ"، أي: يتجادلانِ ويتماطلانِ، وظاهِرُه أنَّهما كانا يتماريانِ في القُرآنِ، "فسمِعتُ شيئًا يُحرِّكُ أطنابَ القُبَّةِ"، وهي الحبالُ التي تشُدُّ الخَيمةَ، "فالتفتُّ فإذا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قد اطَّلعَ حاسرًا عن رأسِه"، أي: كاشفًا لها، ودون غطاءٍ كعمامةٍ ونحوِها، "قد احمرَّ وجْهُه"، كنايةٌ عن غضبِه الشَّديدِ، "قال: أمَا إنَّه لم تهلِكِ" مِن الهلاكِ والضَّياعِ والانحرافِ، "الأُممُ قبلَكم" أي: الأُمَمُ السَّابقةُ الهالِكةُ، "حتَّى وَقَعوا في مِثلِ هذا"، أي: في مِثلِ هذا الجدالِ؛ لِما يترتَّبُ عليه مِن فُرقةٍ ونزاعٍ يُؤدِّيانِ بصاحبِهما إلى الهلَكَةِ، "يَضرِبون القُرآنَ بعضَه ببعضٍ"، والمُرادُ به هنا مُعارضةُ بعضِ الآياتِ ببعضِها، وادِّعاءُ التَّناقُضِ بينها، ويقَعُ التَّجادلُ، ومنها الخوضُ فيه إثباتًا ونفيًا بالأقيسةِ العقليَّةِ، "ما كان مِن حلالٍ فأحِلُّوه، وما كان مِن حَرامٍ فحرِّموه، وما كان مِن مُتشابِهٍ فآمِنوا به"، أي: آمِنوا به كما جاء، ولا تختلِفوا فيه، ورُدُّوا المتشابِهَ إلى المُحكَمِ،؛ فالقُرآنُ يُصدِّقُ بعضُه بعضًا، ويُشبِهُ بعضُه بعضًا، ولا يُضرَبُ بعضُه ببعضٍ، ولا يُتَّبَعُ منه المُتشابِهُ، ويُترَكُ المُحكَمُ، كما هي طريقةُ أهلِ الزَّيغِ والضَّلالِ.
وفي الحديثِ: التَّحذيرُ مِن التَّنازُعِ في أُمورِ الدِّينِ.
وفيه: الأمرُ بالاتِّباعِ وعدمِ الخوضِ فيما فيه الهلاكُ .