الموسوعة الحديثية


- من توضأ فأحسنَ الوضوءَ ، ثم خرج عامدًا إلى الصلاةِ ، فإنه في صلاةٍ ما كان يعمدُ إلى الصلاةِ ، و إنه يكتبُ له بإحدى خطوتَيه حسنةٌ و يُمحَى عنه بالأخرى سيئةٌ ، فإذا سمع أحدُكم الإقامةَ فلا يَسْعَ فإنَّ أعظمَكم أجرًا أبعدُكم دارًا ، قالوا : لمَ يا أبا هريرةَ ؟ قال : من أجلِ كثرةِ الخُطا من حين يخرجُ أحدُكم من منزلِه إلى مسجدي ، فرِجلٌ تَكتُبُ له حسنةٌ ، و رِجلٌ تَحطُّ عنه سيئةً ، حتى يرجعَ . إذا توضأ أحدُكم في بيتِه ثم أتى المسجدَ كان في صلاةٍ حتى يرجعَ
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب | الصفحة أو الرقم : 297 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه ابن خزيمة (439)، وابن حبان (1622)، والحاكم (744) مختصراً
لَمَّا كانتِ الصَّلاةُ مِن أفضَلِ الأعمالِ، كانَ للمَشْيِ لها فضلٌ عظيمٌ، ويَعظُمُ هذا الفضلُ إذا كانَ المَشْيُ في طهارةٍ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أبو هُرَيرَةَ رضِيَ اللهُ عنه: "مَن توضَّأَ فأحسَنَ الوُضوءَ"، أي: يُسبِغُ وُضوءَه، ويُعْطي كلَّ عضوٍ حقَّه من الماءِ، "ثم خَرَجَ عامِدًا إلى الصَّلاةِ"، أي: قاصِدًا لها دون غيرِها، "فإنَّه في صَلاةٍ ما كان يَعمِدُ إلى الصَّلاةِ"، يعني: يُكتَبُ له أجْرٌ كأنَّه داخِلَ الصَّلاةِ، فعليه أنْ يترُكَ العَبَثَ، وما يُنافي كونَه في صَلاةٍ، "وإنَّه يُكتَبُ له بإحدى خُطوتيْهِ"، مُثنَّى خُطوةٍ -بالضَّمِّ- وهي ما بَينَ القَدَمينِ، أو خَطْوةٍ -بالفَتْحِ- واحدُ الخَطْوِ، وهو رفعُ القَدَمِ للسَّيرِ، "حَسَنةٌ"، يعني: هذه الخُطوةُ يُكتَبُ له بها أجرٌ وثوابٌ؛ فتُرفَعُ منزلتُهُ العاليَةُ في الجنَّةِ، "ويُمحى عنه بالأخرى سيِّئةٌ"، أي: تَمحو ذنبًا، وتَغفِرُ إثمًا، وتُكفِّرُ خَطيئةً، "فإذا سَمِعَ أحدُكُم الإقامَةَ"، أي: وهو في طَريقِه إلى المسجِدِ، "فلا يَسْعَ"، أي: لا يُسارِعُ المشيَ ويُهَرْوِلُ؛ لأنَّه يخرُجُ عن الوَقارِ المشروعِ في إتيانِ الصَّلاةِ، ثم قال أبو هُرَيرَةَ رضِيَ اللهُ عنه: "فإنَّ أعظَمَكم أجرًا أبعَدُكم دارًا"، من المسجِدِ، "قالوا: لِمَ يا أبا هُرَيرَةَ؟"، أي: لأيِّ شَيءٍ كان بُعدُ الدَّارِ أعظَمَ أجرًا، "قال: من أجْلِ كثرَةِ الخُطى"، وهذا الفضلُ بالنِّسبَةِ إلى مَن يتحمَّلُ المشقَّةَ، ويتكلَّفُ المسافَةَ لإدراكِ الفضْلِ.
وفي روايةِ ابنِ حِبَّانَ، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "مِن حينِ يخرُجُ أحدُكُم من منزِلِه إلى مسجِدي"، يعني: مسجِدَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالمدينَةِ المُنوَّرةِ، "فرِجْلٌ تَكتُبُ له حَسَنةً، ورِجْلٌ تَحُطُّ عنه سيِّئةً، حتى يَرجِعَ"، إلى دارِه.
وفي روايةِ ابنِ خُزَيمةَ، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إذا توضَّأَ أحدُكُم في بيتِه"، يعني: مَحَلِّ إقامتِه، "ثم أتى المسجِدَ كان في صَلاةٍ"، أي: حُكمُه حُكمُ مَن هو في صَلاةٍ من جِهةِ كونِه مأمورًا بتَركِ العَبَثِ، وتَحرِّي الخُشوعِ، ويستمِرُّ هذا "حتى يَرجِعَ"، إلى مَحَلِّه، "فلا يَقُلْ هكذا، وشبَّك بين أصابِعِه"، أي: أدخَلَ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعضَ أصابِعِ يديْهِ ببعضٍ؛ لأنَّ تَشبيكَ الأصابِعِ مَنهيٌّ عنه في الصَّلاةِ.
وفيه: بيانُ عِظَمِ قَدْرِ الصَّلاةِ والحثُّ على أدائِها في المساجِدِ والجماعاتِ.
وفيه: بيانُ رِفعَةِ قَدْرِ مسجِدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم( ).