الموسوعة الحديثية


- الخيلُ معقودٌ في نواصيها الخيرُ والنَّيلُ إلى يومِ القيامةِ ، وأهلُها مُعانون عليها ، فامسحوا بنواصيها ، وادعُوا لها بالبركة ، وقَلِّدوها ، ولا تُقلِّدوها الأوتارَ .
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب | الصفحة أو الرقم : 1249 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أحمد (14833 )، والطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (323 )، والطبراني في (( المعجم الأوسط)) (8982 )
الجِهادُ في سَبيلِ اللهِ هو ذِرْوةُ سَنامِ الإسلامِ، وفيه تُبذَلُ الأمْوالُ والأنْفُسُ في سَبيلِ الله، لكِنَّ أجْرَهُ عظيمٌ، وقد جعَل اللهُ الخَيلَ رَمزًا للعَتادِ والقُوَّةِ في الحُروبِ والجِهادِ، والذي إذا أعَدَّه صاحِبُه لمِثلِ هذا المَقامِ، نال به الخَيرَ الكثيرَ في الدُّنيا والآخِرَةِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "الخَيلُ"، أي: الذي أُعِدَّ للجِهادِ والغَزْوِ في سَبيلِ اللهِ، "مَعْقودٌ"، أي: مُلازِمٌ لَها كأنَّه مَعْقودٌ فيها، "في نواصيها الخَيرُ"، أي: الأجْرُ والمَغنَمُ، كما جاء مُفسَّرًا في رِوايةِ الصَّحيحيْنِ، وخَصَّ النَّواصيَ بالذِّكرِ؛ لأنَّ العَربَ تقولُ: فُلانٌ مُبارَكُ النَّاصِيَةِ، فيُكَنَّى بها عن الإنْسانِ، "والنَّيلُ"، أي: ما يُصيبُه الإنسانُ من المَغنَمِ، "إلى يَومِ القِيامَةِ"، وهو إشارةٌ إلى أنَّ هذا الخَيرَ يَظَلُّ مُلازمًا لأهلِ الجِهادِ لا يَنْقَطِعُ أبَدًا، وفيه: دليلٌ أنَّ الجِهادَ ماضٍ إلى يَومِ القيامَةِ لا يَنقَطِعُ، "وأهلُها مُعانون عليها"، أي: يُعينُهُم اللهُ عزَّ وجلَّ على الإنْفاقِ عليها، فلا يَجِدونَ مَشقَّةً في النَّفَقةِ عليها، "فامْسَحوا بنَواصيها"، أي: فارْفُقوا بها وامْسَحوا على هذه النَّواصي المُبارَكَةِ، "وادْعُوا لها بالبَرَكةِ"، أي: ادْعُوا أنْ يُبارِكَ اللهُ فيها، "وقَلِّدوها"، أي: قَلِّدوها طَلَبَ أعْداءِ الدِّينِ، والدِّفاعَ عن المُسلِمينَ، والتَّقليدُ هو ما يُجعَلُ في العُنُقِ من الحُليِّ، والمُرادُ مِن قَولِه: "قَلِّدوها"، أي: اجْعَلوا جِهادَها للأعْداءِ لازمًا لها في أعْناقِها لُزومَ القَلائِدِ في الأعْناقِ، "ولا تُقَلِّدوها الأوْتارَ"، قيل: أرادَ بالأوْتارِ -جَمْعُ وَتَرٍ- القَوسَ، أي: لا تَجعَلوا في أعْناقِها الأوْتارَ؛ فتَختَنِقَ؛ لأنَّ الخَيلَ ربَّما رَعَتِ الأشْجارَ فتَعَلَّقتِ الأوْتارُ ببَعضِ شُعَبِها فخَنَقتْها.
وقيل: إنَّما نَهاهم عنها؛ لأنَّهم كانوا يَعتَقِدون أنَّ تَقليدَ الخَيلِ بالأوْتارِ يَدفَعُ عنها العَينَ والأَذى؛ فيكونُ كالعَوذَةِ لها، فنَهاهم وأعْلَمَهم أنَّها لا تَدفَعُ ضُرًّا ولا تَصرِفُ حَذَرًا. وقيل: مَعناه لا تَطْلبوا عليها أوْتارَ الجاهِليَّةِ من الثَّأرِ وغَيرِه من الحُقُوقِ التي كانت بينَكم، ولا تُركِضوها في دَرَكِ هذا الثَّأرِ على ما كان من عاداتِهم في الجاهِليَّةِ.
وفي الحديثِ: الحثُّ على إكْرامِ الخَيلِ عندَ أصحابِها؛ لِمَا لاقتنائِها للرِّباطِ والحَربِ في سَبيلِ اللهِ مِن فضلٍ وأهمِّيَّةٍ( ).