الموسوعة الحديثية


- يا أيها الناسُ ! قولوا قولَكم ، فإنما تَشقيقُ الكلامِ من الشيطانِ ثم قال رسولُ اللهِ : إنَّ من البيانِ لَسحرًا
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الأدب المفرد | الصفحة أو الرقم : 671 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) (875) واللفظ له، ولفظ: "إن من البيان لسحرا" أصله في صحيح البخاري (5767)
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتعهَّدُ أصحابَهُ بالمُلاحَظةِ والرِّعايةِ حتى لا يَطْرَأَ عليهم ما يُغيِّرُ نُفوسَهم أو يَخْدَعُهم.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "يا أيُّها الناسُ، قولوا قَوْلَكم"، أي: تَحَدَّثوا بكلامِكم الذي عَهِدْتُموهُ ولا تَتَكلَّفوا فيه، "فإنَّما تَشْقيقُ الكلامِ" أي: التعمُّقُ فيه ليَخْرُجَ أحْسَنَ مَخْرَجٍ، "من الشَّيْطانِ"، أي: هو مِن فِعْلِهِ ووَسْوَستِهِ، وإنَّما قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذلك؛ لِمَا جاءَ عندَ أحمدَ مِن حَديثِ ابنِ عُمرَ رضِي اللهُ عنهما، وفيه: "قَدِمَ رَجُلانِ من المَشْرِقِ خَطيبانِ على عهْدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقامَا فتَكلَّمَا، ثم قَعَدَا، وقام ثابِتُ بن قَيْسٍ خَطِيبُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فتكلَّم، ثم قَعَدَ فعَجِبَ الناسُ من كَلامِهِم فقام" فنبَّه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الناسَ إلى أنَّ تَحسينَ الكلامِ دونَ وجهٍ أو مصلحةٍ تُرجى، إنَّما هو مِن فِعلِ الشيطانِ وإغوائِه.
ثم قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إنَّ من البَيانِ"، أي: مِن بعضِ أنْواعِ الكلامِ المنطوقِ نُطقًا بيانيًّا، باجتماعِ الفَصاحةِ والبَلاغةِ وذَكاءِ القَلْبِ مع اللِّسانِ ما يكونُ، "لَسِحْرًا"، وذلك لحِدَّةِ عَمَلِهِ في سامِعِهِ، وسُرعةِ قُبولِ القَلْبِ له، ويُضربُ في استحسانِ المَنْطِقِ وإيرادِ الحُجَّةِ البالغةِ، وقيل: هذا مدْحٌ؛ لأنَّ اللهَ امتنَّ على عبادِهِ بتعليمِهم البيانَ، وأصْلُ السِّحْرِ الصَّرفُ، والبيانُ يَصْرِفُ القُلوبَ ويُميلُها إلى ما يَدْعو إليه. وقيل: هو ذمٌّ؛ لأنَّه إمالةُ القُلوبِ وصرْفُها بمقاطعِ الكلامِ إليه حتى تكتسبَ من الإثمِ به كما تكتسبُ بالسِّحْرِ.
وفي الحديثِ: إشارةٌ إلى ضَرورةِ الحَذَرِ مِنْ مَعسولِ الكلامِ؛ لأنَّه كالسِّحرِ؛ فقد يَقلِبُ الحَقَّ باطِلًا، والباطِلَ حَقًّا( ).
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها