الموسوعة الحديثية


- انطلق بعد ذلك النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هو وأُبيُّ بنُ كعبٍ الأنصاريُّ يومًا إلى النَّخلِ التي فيها ابنُ صيَّادٍ حتى إذا دخل النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ طفِق النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يتَّقي بجذوعِ النَّخل وهو يسمعُ من ابنِ صيَّادٍ شيئًا قبل أن يراه وابنُ صيَّادٍ مضطجعٌ على فراشه في قطيفةٍ له فيها زَمزَمَةٌ فرأت أمُّ ابنِ صيَّادٍ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يتقي بجذوعِ النَّخلِ فقالت لابنِ صيَّادٍ أي صافِ وهو اسمُه هذا محمدٌ فتناهى ابنُ صيَّادٍ قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لو تركَتْه لَبَيَّنَ
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الأدب المفرد | الصفحة أو الرقم : 735 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه البخاري (3056)، وفي ((الأدب المفرد)) (ص332) واللفظ له، ومسلم (2931)
أعلَمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُمَّتَه بعلاماتِ السَّاعةِ الصُّغرى والكُبرى، وبيَّن صِفةَ الدَّجَّالِ، وكان في عهدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأصحابِه رَجُلٌ يُدْعى ابنَ صَيَّادٍ، اشتُبِهَ فيه أنَّه الدَّجَّالُ الذي يَخرُجُ آخِرَ الزَّمانِ؛ لصفاتٍ تَشترِكُ بينَهما، وهذا الحديثُ له قِصَّةٌ يَرويها عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ رضِيَ اللهُ عنهما، حيثُ يقولُ: "انطَلَقَ عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رضِيَ اللهُ عنه مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في رَهْطٍ" وَهوَ ما دونَ العَشَرةِ مِن الرِّجالِ، "جِهةَ ابنِ صَيَّادٍ حَتَّى وَجَدوه يَلعَبُ مع الصِّبيانِ عِندَ أُطُمِ بَنِي مَغالةَ" وَهوَ بِناءٌ مِن حَجَرٍ كالقَصرِ، وَقيلَ: هو الحِصنُ، وَبَنو مَغالةَ قَبيلةٌ مِن الأنْصارِ، "وَقَد قارَبَ ابنُ صَيَّادٍ البُلوغَ، فَلَم يَشعُرْ حَتَّى ضَرَبَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيَدِه ثُمَّ سَألَه: تَشْهَدُ أنِّي رَسولُ اللهِ؟ فَنَظَرَ إليه ابنُ صَيَّادٍ فَقالَ: أشْهَدُ أنَّك رَسولُ الأُمِّيِّينَ"، أي: رسولٌ للأُمِّيِّينَ مِن مُشرِكي العَرَبِ، وَكانوا لا يَكتُبونَ، أوْ نِسبةً إلى أُمِّ القُرى، "فقال ابنُ صَيَّادٍ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أتَشهَد أنِّي رَسولُ اللهِ؟" فترَكَ سُؤالَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ ليَأْسِه مِنه، وَقالَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "آمَنتُ بِاللهِ وَبِرُسُلِه، ثُمَّ سَألَه: ماذا تَرى؟ فَأجابَه ابْنُ صَيَّاد: يَأْتيني صادِقٌ وَكاذِبٌ"، أي: أرى الرُّؤْيا رُبَّما تَصدُقُ، وَرُبَّما تَكذِبُ، "فَقالَ لَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: خُلِّطَ عليك الأمرُ"، أي: خَلَطَ عليك شَيْطانُك ما يُلْقي إِلَيك. ثُمَّ قالَ لَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إِنِّي قَد خَبَأتُ لَك"، أي: أضْمَرتُ لَك في صَدْري "خَبيئًا"، أي: شَيئًا.
"فَقالَ ابنُ صَيَّاد: هو الدُّخُّ"، فَأرادَ أن يَقولَ: الدُّخَّانَ، فَلَم يَستَطِع أن يُتِمَّ الكَلِمةَ، فَقالَ: الدُّخُّ، وَلَم يَهتَدِ مِن الآيةِ الكَريمةِ إِلَّا لهَذَينِ الحَرفَينِ، على عادةِ الكُهَّانِ مِن اخْتِطافِ بَعْضِ الكَلِماتِ مِن أوليائِهم مِن الجِنِّ، أو مِن هَواجِسِ النَّفْسِ. فَقالَ لَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "اخْسَأْ"، أي: اسْكُتْ صاغِرًا مَطرودًا؛ فَلَن "تَعْدُوَ قَدْرَكَ"، أي: لن يَبلُغَ قَدْرُك أن تُطالَعَ بِالغَيبِ مِن قِبَلِ الوَحيِ المَخْصوصِ بِالأنبياءِ عليهم السَّلامُ، وَهُنا طَلَبُ عُمَرُ رضِيَ اللهُ عنه أن يَضرِبَ عُنُقَه، فَقالَ لَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إنْ يَكُنْه فَلَن تُسَلَّطَ عليه، وَإِن لَم يَكُنْه، فَلا خَيرَ لَك في قَتلِهِ". وَيَحْكي عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما [أنَّه] "انطَلَقَ بعدَ ذلِك النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هو وأُبيُّ بنُ كعبٍ الأنصاريُّ يومًا إلى النَّخلِ التي فيها ابنُ صَيَّادٍ، حتَّى إذا دَخَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ طَفِقَ"، أي: بَدَأَ "النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتَّقي"، أي: يَحتمي ويَختفي "بجُذوعِ النَّخلِ، وهو يَسمَعُ مِن ابنِ صَيَّادٍ شيئًا قبلَ أنْ يراهُ، وابنُ صَيَّادٍ مُضطجِعٌ"، أي: مُسْتلقٍ على جنْبِه أو ظَهرِه "على فِراشِه في قَطيفةٍ" كِساءٍ لَه، خَمَلَ فيها، "له فيها زَمزَمَةٌ" وَهوَ الصَّوتُ الخَفيُّ، "فرَأَتْ أُمُّ ابنِ صَيَّادٍ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يَتَّقي بجُذوعِ النَّخلِ"، أي: يُخْفي نَفْسَه بِجُذوعِ النَّخلِ؛ حَتَّى لا تَراهُ أُمُّ ابنِ صَيَّادٍ، "فقالتْ لابنِ صَيَّادٍ: أيْ صافِ -وهو اسمُهُ- هذا مُحمَّدٌ، فتَناهى ابنُ صَيَّادٍ"، أي: نَهَضَ مِن مَضجَعِه بِسُرْعةٍ، "قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لو تَرَكَتْهُ لبيَّن"، أي: لَوْ تَرَكَتْه أُمُّه، وَلَم تُعلِمْه بِمَجيئِنا، أَظْهَر لَنا مِن حالِه ما نَطَّلِعُ بِه على حَقيقةِ أمرِهِ .