الموسوعة الحديثية


- خَلَّتان لا يُحصيِهِما رجلٌ مسلمٌ إلَّا دخلَ الجنَّةَ و هما يسيرُ ، و من يعمَلُ بهما قليلٌ قِيلَ : و ما هما يا رسولَ اللهِ ؟ قال : يُكبِّرُ أحدُكُم في دُبرِ كلِّ صلاةٍ عشرًا ، و يحمَدُ عشْرًا ، و يُسَبِّحُ عَشْرًا ، فذلكَ خمسونَ و مائةٌ علَى اللِّسانِ ، و ألفٌ و خَمسُمائةٍ في الميزانِ
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الأدب المفرد | الصفحة أو الرقم : 922 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أبو داود (5065)، والترمذي (3410)، والنسائي (1348)، وابن ماجه (926)، وأحمد (6910) مطولاً، والبخاري في ((الأدب المفرد)) (1216) واللفظ له
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يُعلِّمُ الصَّحابةَ، ويُرشِدُهم إلى ما يُقالُ مِن الأذْكارِ بعدَ الصَّلاةِ، وعندَ النَّومِ، مُبيِّنًا فَضْلَ هذه الأذْكارِ وعَظيمَ ثوابِها.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ فيه عبدُ اللهِ بنُ عمرٍو رضِيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قال: "خَلَّتانِ"، أي: صِفَتانِ "لا يُحْصيهُما رَجُلٌ مُسلِمٌ إلَّا دَخَلَ الجنَّةَ"، يعني: لا يُحافِظُ ويُداوِمُ على هاتَينِ الخَصْلتَينِ عبدٌ مُسلِمٌ إلَّا دَخَلَ الجنَّةَ، "وهما يَسيرٌ، ومَنْ يَعمَلُ بهما قَليلٌ" أي: إنَّ هاتَيْنِ الخَلَّتَينِ عَمَلُهما سَهْلٌ وخَفيفٌ، ولكنْ مَن يَعمَلُ بهما، ويُداوِمُ عليهما عدَدُهم قليلٌ، "قيل: وما هُما يا رسولَ اللهِ؟ قال: يُكبِّرُ أحَدُكُم في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ عَشْرًا"، أي: يقولُ: اللهُ أكْبَرُ عشْرَ مرَّاتٍ بَعْدَ كُلِّ صَلاةٍ مَفْروضَةٍ، "ويَحمَدُ عَشْرًا"، أي: يقولُ: الحمْدُ للهِ عَشْرَ مرَّاتْ، "ويُسَبِّحُ عَشْرًا"، أي: يقولُ: سُبْحانَ اللهِ عَشْرَ مرَّاتٍ، "فذلِك خَمْسونَ ومِئَةٌ على اللِّسانِ"؛ لأنَّها تُفعَلُ خمسَ مرَّاتٍ في اليومِ واللَّيلةِ، وكُلُّ مرَّةٍ: ثَلاثونَ، ومَجموعُهم مِئةٌ وخَمْسونَ، "وأَلْفٌ وخَمْسُمِئَةٍ في المِيزانِ"، يَعني: أنَّها تَكونُ مُضاعَفةً عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ في الآخِرَةِ؛ لأنَّ الحَسَنَةَ بعَشْرِ أمثالِها، وهذه هي الخَصْلَةُ الأُولى.
وأمَّا الخَصْلَةُ الثانيةُ فليستْ مذكورةً هنا في هذه الرِّوايةِ، وقد ذَكَرها البخاريُّ في الأدب المفردِ، وفيه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قال: "وإذا أَوَى إلى فِراشِه" أي: فِراشِ نَوْمِه، وقبلَ أنْ يَذهَبَ في النَّومِ، "سَبَّحَه وحَمِدَه وكَبَّرَه، فتلك مِئَةٌ على اللِّسانِ"، وفي رِوايَةِ أبي داوُدَ: "ويُكبِّرُ أرْبَعًا وثَلاثينَ، إذا أَخَذَ مَضْجَعَه، ويَحمَدُ ثَلاثًا وثَلاثينَ، ويُسَبِّحُ ثَلاثًا وثَلاثينَ، فذلك مِئَةٌ باللِّسانِ" أي: مَجْموعُ تلك الأذْكارِ مِئَةٌ، "وأَلْفٌ في المِيزانِ".
قال ابنُ عمْرٍو رضِيَ اللهُ عنهما: "قيل: يا رسولَ اللهِ، كيف لا يُحْصيهما؟"، أي: كيف لا يَقدِرُ الإنْسانُ على ذِكْرِهنَّ على قَدْرِ ما بهنَّ من سُهولَةٍ ويُسْرٍ؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "يَأْتي أحَدَكُم الشَّيْطانُ في صَلاتِه"، أي: مُوسْوِسًا له، "فيُذَكِّرُه حاجَةَ كذا وكذا، فلا يَذكُرُه"، أي: مِن حاجاتِ الدُّنْيا وأشْغالِها حتى يَنصَرِفَ مِن صَلاتِه، ويَذهَبَ دُونَ أنْ يقولَ تلك الأذْكارَ.
وفي الحديثِ: الحَثُّ على الذِّكْرِ بعدَ الصَّلاةِ؛ لِما فيه مِن أجْرٍ وثَوابٍ عَظيمٍ.
وفيه: بيانُ سَعَةِ فَضْلِ اللهِ تَعالى وكَرَمِه، وأنَّه يُثيبُ على الأعْمالِ أكْثَرَ مِن قَدْرِ التَّعَبِ في أحْيانٍ كثيرةٍ65.