الموسوعة الحديثية


- أنَّ ( هِيتًا ) كان يدخلُ على أَزْوَاجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، وكانُوا لا يَعُدُّونَهُ من أُولِي الإِرْبَةِ ، فَدخلَ عليهِ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وهوَ يومَئذٍ يَنْعَتُ امرأةً أنَّها إذا أَقْبَلَتْ أَقْبَلَتْ بأربعٍ ، وإذا أَدْبَرَتْ أَدْبَرَتْ بِثَمانٍ ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : [أ]لا أَرَى هذا يَعْلَمُ ما ها هُنا ؟ ! لا يدخلْ هذا عليكَمْ. وأخَرَجَهُ، وكان بالبيداءِ يدخلُ كلَّ جُمَعةٍ يستطعمُ
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الموارد | الصفحة أو الرقم : 1649 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
المُخنَّثُ هو الَّذي يُشبِهُ في تصرُّفاتِه وكلامِه وحَركاتِه النِّساءَ، وأحيانًا يكونُ هذا خِلقةً، وتارةً يكونُ بِتكلُّفٍ، وقد حثَّ الشَّرعُ الرِّجالَ والنِّساءَ على حُسنِ الخُلُقِ، والسَّيرِ على الطَّبيعةِ التي خَلَقَ اللهُ عليها الجِنْسينِ، حتى لا يختَلَّ نِظامُ التَّعامُلِ بين الناسِ، وحتى لا تظهَرَ الفواحِشُ.
وفي هذا الحديثِ تَحكي أُمُّ المُؤمِنينَ عائِشَةُ رضِيَ اللهُ عنها: "أنَّ هِيتًا"، وهو اسمُ المُخنَّثِ، وكان مولًى لعبدِ اللهِ بنِ أبي أُمَيَّةَ أخي أُمِّ سَلَمَةَ رضِيَ اللهُ عنها، "كان يدخُلُ على أزواجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكانوا لا يَعُدُّونَه من أُولي الإِرْبةِ"، الإِربَةُ والإِرْبُ: الحاجةُ والشَّهوةُ، أي: كانوا يَعتَقِدون أنَّه ليس من أصحابِ الشَّهواتِ الذي يَميلُ للنِّساءِ، ويُدرِكُ عوراتِهِنَّ، "فدَخَلَ عليه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو يومَئذٍ يَنعَتُ امرأةً"، أي: يَصِفُ إحدى النِّساءِ، "أنَّها إذا أقبَلَتْ أقبَلَتْ بأربَعٍ، وإذا أدبَرَتْ أدبَرَتْ بثَمَانٍ"، أي: أنَّها إذا أقبَلَتْ تُقبِلُ بأربَعِ عُكَنٍ، وهي الثَّنايا في البَطنِ الَّتي تكونُ مِنَ السِّمَنِ، فإذا أقبلَتْ رُئِيَتْ مَواضعُها شاخصةً مِن كَثرةِ السُّمنَةِ، وإذا أدبرَتْ رُئِيتْ أطرافُ هذه العُكَنِ ثمانيةً، وحاصِلُه أنَّه وَصَفَها بأنَّها مملوءَةُ البَدَنِ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "ألَا أرَى هذا يعلَمُ ما هاهنا؟!"، أي: أرَى هذا يَعرِفُ ما خَفِيَ من مفاتِنِ النِّساءِ، ويُدرِكُها، ويتلذَّذُ بها؛ "لا يدخُلُ هذا عليكم"، فمَنَعَه أنْ يَدخُلَ على النِّساءِ؛ لِئلَّا يَصِفَهُنَّ لِلرِّجالِ؛ فيَسقُطَ معنى الحِجابِ، وقد نُهِي أنْ تَصِفَ المرأةُ المرأةَ لزَوجِها؛ فكيف إذا وصَفَها الرَّجُلُ للرِّجالِ؟! "وأخرَجَه وكان بالبَيْداءِ"، أي: نَفاهُ وأبعَدَه إلى الصَّحْراءِ، والبَيْداءُ اسمُ موضِعٍ بين مكَّةَ والمدينةِ، وهو مَوضِعٌ مُلاصِقٌ لذي الحُلَيفَةِ، ويبعُدُ عن المدينَةِ حوالي 14 كم تقريبًا؛ فكان "يدخُلُ كُلَّ جُمُعةٍ يستَطعِمُ"، أي: يطلُبُ الطَّعامَ ثم يَرجِعُ إلى مَنفاهُ.
وفي الحديثِ: منْعُ المخنَّثِ مِنَ الدُّخولِ على النِّساءِ ومَنعُهنَّ مِن الظُّهورِ عليه، وبيانُ أنَّ له حُكمَ الرِّجالِ الفُحولِ الرَّاغبين في النِّساءِ في هذا المعنى.
وفيه: الزَّجرُ عن ذِكْرِ مَحاسِنِ المَرأَةِ بعَيْنِها؛ لأنَّ فيه إطْلاعَ النَّاسِ على عَوْرَتِها وتحريكَ النُّفوسِ إلى ما لا يَحِلُّ منها.
وفيه: العُقوبَةُ بالإخراجِ من الوَطَنِ لِمَن يُخافُ منه الفَسادُ والفِسقُ( ).