الموسوعة الحديثية


- أَيْ بُنَيَّةُ ! [ ألسْتِ ] َتُحِبِّينَ ما أُحِبُّ ؟ قالتْ : بلى ، قال : فَأَحِبِّي هذه . فقامَتْ فَخَرَجَتْ فَحَدَّثَتْهُنَّ ، فقلْنَ : ما أَغْنَيْتِ عَنَّا شيئًا فَارْجِعِي إليهِ ، قالتْ : واللهِ لا أُكَلِّمُهُ فيها أبدًا فَأَرْسَلْنَ زينبَ زَوْجَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فَاستأذنَتْ ، فَأَذِنَ لها ، فقالتْ لهُ ذلكَ ، ووَقَعَتْ فِيَّ زَيْنَبُ تَسُبُّنِي ، فَطَفِقْتُ أنظرُ هل يَأْذَنُ لِيَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، فلمْ أَزَلْ حتى عَرَفْتُ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لا يَكْرَهُ أنْ أنتَصِرَ، فَوَقَعْتُ بِزينبَ فلمْ أنْشَبْ أنْ أَثْخَنْتُها غَلَبَةً ، فَتَبَسَّمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، ثُمَّ قال : أَما إِنَّها ابنَةُ أبي بكرٍ
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الأدب المفرد | الصفحة أو الرقم : 436
| التخريج : أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) (559) واللفظ له، والبخاري (2581)، ومسلم (2442) بنحوه مطولا.
التصنيف الموضوعي: فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - ضحك النبي صلى الله عليه وسلم وتبسمه مناقب وفضائل - عائشة بنت أبي بكر الصديق نكاح - الغيرة فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - أمهات المؤمنين وما يتعلق بهن من أحكام مناقب وفضائل - فضائل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
|أصول الحديث
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُحِبُّ عائِشَةَ حُبًّا جَمًّا، وكان باقي أزواجِه أحيانًا يظهَرُ عندَهن بعضُ تلك الغَيرةِ نحوَها.
وفي هذا الحديثِ تُخبِرُ أُمُّ المُؤمِنينَ عائِشَةُ رضِيَ اللهُ عنها -كما في روايةِ البخاريِّ في الأدب المفرَدِ- أنَّه: "أرسَلَ أزواجُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فاطِمَةَ" الزَّهراءِ بِنتِ النَّبيِّ صلى الله عليهوسلم ، "إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، أي: لِتَشفَعَ عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ ولِيَطلُبْنَ منه التَّسوِيةَ بعائِشَةَ رضِيَ اللهُ عنهن جميعًا، "فاستأذَنَتْ والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مع عائِشَةَ رضِيَ اللهُ عنها في مِرطِها"، والمِرطُ: ثوبٌ يَلبِسُه الرِّجالُ والنِّساءُ مِثلُ الإِزارِ، ويكونُ رِداءً يُصنَعُ من الصُّوفِ أو من الحَريرِ المَخْلوطِ بوَبَرٍ قيل يُشبِهُ المِلْحَفةَ، "فأَذِنَ لها فدَخَلتْ، فقالتْ: إنَّ أزواجَك أرسَلْنَني يَسْأَلْنَك العَدْلَ في بِنتِ أبي قُحافَةَ"، أي: طَلَبُ المُساواةِ في محبَّةِ القَلْبِ، لا العَدْلِ في الأفعالِ، فإنَّه كان حاصِلًا قَطعًا، والمرادُ ببنتِ أبي قُحافَةَ: عائِشَةُ بِنتُ أبي بَكرٍ الصِّديقُ زوجُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأبو قُحافَةَ جَدُّها والِدُ أبيها، وفي نِسبَتِها إلى جَدِّها، وإنْ كان صحيحًا إلَّا أنَّ فيه نوعًا من التَّقليلِ لها؛ لنقْصِ رُتبتِه بالنِّسبةِ إلى أبيها الصِّديقِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "أيْ بُنيَّةُ، ألستِ تُحِبين ما أُحِبُّ؟ وفي روايةِ الصَّحيحِ: "ألَا تُحِبين ما أُحِبُّ"، فقالتْ فاطِمَةُ رضِيَ اللهُ عنها: بَلَى، قال: فأَحِبِّي هذه"، أي: يُوصيها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بحُبِّ عائِشَةَ لِما عندَه من حُبٍّ لها، قالت عائِشَةُ رضِيَ اللهُ عنها: "فقامَتْ فخَرَجَتْ"، أي: خَرَجَتْ فاطِمَةَ رضِيَ اللهُ عنها من عندِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وذَهَبَتْ إلى باقي نِسائِه؛ لتُخبِرَهنَّ بقولِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "فحدَّثَتْهن، فقُلْنَ: ما أغْنَيتِ عنا شيئًا"، أي: لم تُساعِدي في الأمْرِ بشَيءٍ، "فارْجِعي إليه"، أي: طَلَبْنَ من فاطِمَةَ العودةَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مرَّةً أخرى، فقالت فاطِمَةُ رضِيَ اللهُ عنها: "واللهِ لا أُكلِّمُه فيها أبدًا"، وهذا تقديرٌ منها لمَقامِ أبيها، وأنَّ ما يَفعَلْنَه معها ما هو إلَّا غَيْرةً ناشِئَةً عندَهُنَّ، قالت عائِشَةُ رضِيَ اللهُ عنها: "فأَرسَلْنَ زينبَ زوجَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، وهي زينبُ بِنتُ جَحْشٍ وبِنتُ عَمَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولها مَكانةٌ عندَه، "فاستَأْذَنَتْ، فأَذِنَ لها"، أي: دَخَلتْ عليه وهو عندَ عائِشَةَ، وفي روايةِ الصَّحيحينِ: "وهي التي كانت تُساميني منهن في المنزِلَةِ عندَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، أي: تُضاهيني وَتُفاخِرُني بِجَمالِها وَمَكانتِها عِندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن أزْواجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قالت عائِشَةُ رضِيَ اللهُ عنها: "فقالتْ له ذلك"، أي: بمِثلِ قولِ فاطِمَةَ، "ووَقَعتْ في زينبَ تَسُبني"، أي: أكْثَرَتْ من القولِ حتى تَكلَّمَتْ في حَقِّ عائِشَةَ، "فطَفِقتُ أنظُرُ"، بمعنى بَدَأتُ أُراقِبُ وأنتظِرُ، وهذا من أَدَبِ عائِشَةَ رضِيَ اللهُ عنها أنَّها لم تتعَدَّ حُضورَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِتَرُدَّ على زَينبَ، "هل يأذَنُ لي النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلم أَزَلْ حتى عَرَفتُ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يَكرَهُ أنْ أنتصِرَ"، أي: لا يُمانِعُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن تَرُدَّ على زينبَ، "فوَقَعتُ بزينبَ فلم أنشَبْ"، أي: لم أَستغرِقْ وقتًا طويلًا في الكلامِ والرَّدِّ، "أنْ أثخَنْتُها غَلَبَةً"، أي: أوجَعْتُها وغَلَبْتُها جَزاءً على ما وَقَعَ منها، "فتبسَّم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثم قال: أَمَا إنَّها ابنةُ أبي بَكرٍ"، أي: إنَّها شريفةٌ عاقِلةٌ، عارِفةٌ كأبيها؛ ففيه إشارةٌ إلى كمالِ فَهمِها، ومَتانةِ عَقلِها، حيثُ صَبَرتْ إلى أن أثبَتَتْ أنَّ التعدِّيَ من جانِبِ الخَصمِ، ثم أجابَتْ بجوابِ إِلْزامٍ.
في الحَديثِ: فَضيلةٌ عَظيمةٌ لِعائِشةَ رضِيَ اللهُ عنها.
وفيه: أنَّ الرَّجُلَ يَسَعُه السُّكوتُ بَينَ نِسائِه إِذا تَناظَرْنَ، ولا يَميلُ مَعَ بَعْضِهِنَّ عَلى بَعْضٍ.
وفيه: ما كانَ عليه أزْواجُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن مَهابتِه والحَياءِ مِنه، حَتَّى راسَلْنَه بِأعَزِّ النَّاسِ عِندَه فاطِمةَ رضِيَ اللهُ عنها.
وفيه: أنَّ الكوامِلَ من الزَّوجاتِ قد يَقَعْنَ في الغَيرةِ فيما بينَهنَّ( ).
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها