الموسوعة الحديثية


- تُوُفِّيَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم وترك عندنا شيئًا من شعيرٍ ، فما زِلْنا نأكلُ منه ؛ حتى كالَتْه الجاريةُ ، فلم يَلْبَثْ أن فَنِيَ ، ولو لم تَكِلْه ؛ لرجوتُ أن يبقَى أكثرَ
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الموارد | الصفحة أو الرقم : 2150 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
جعَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ في كثيرٍ مِن أشياءِ الطَّائعين بركةً، ومِن ذلك أنْ يترُكَ الإنسانُ كَيلَ القوتِ؛ حتَّى يكونَ هذا داعيًا إلى الإنفاقِ في سبيلِ اللهِ سُبحانه وتعالى، والتَّصدُّقِ على المحتاجينَ دونَ تقْتيرٍ.
وفي هذا الحديثِ تقولُ أُمُّ المؤمنينَ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: "تُوفِّيَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، أي: مات، والمشهورُ أنَّه تُوفِّيَ يومَ الاثنينِ الثَّاني عشرَ مِن شهرِ ربيعٍ الأوَّلِ سنةَ إحدى عشرةَ للهجرةِ، وكان عمرُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثلاثًا وسِتِّينَ سَنةً، "وترَكَ عندنا شيئًا"، أي: قليلًا، "مِن شَعيرٍ" كان مِن باقي نَفقتِها الَّتي كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعْطِيها لها، "فما زِلْنا نأكُلُ منه"، أي: نأكُلُ منه مدَّةً طويلةً دونَ أنْ نَعرِفَ مِقدارَه، "حتَّى كالَتْه الجاريةُ"، أي: قدَّرتْه بالمكيالِ؛ لمعرفةِ مِقدارِه، "فلمْ يَلْبَثْ أنْ فَنِيَ"، أي: نفَدَ ولم يبْقَ منه شيءٌ، "ولو لم تَكِلْه، لرَجوتُ أنْ يَبقى أكثَرَ"، أي: يدومَ الانتفاعُ به مدَّةً أطولَ؛ لأنَّه قبْلَ الكيلِ كان فيه بركةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، مع حُسنِ التَّوكُّلِ على اللهِ، فلمَّا كالَتْه الخادمةُ كأنَّها تعجَّبَتْ مِن عدَمِ نفادِه، ولم تَنظُرْ إلى ما أودَعَ اللهُ فيه مِن البركةِ، فانقطعَتِ البركةُ عنه فنفَدَ، فكأنَّها أحصَتْ وقدَّرَتْ، فأحْصى اللهُ عليها، ففَنِيَ بسرعةٍ، ولعلَّ الباعثَ على كَيلِه يكونُ غالبًا الحرصَ، وهذا يُقلِّلُ مِن التَّوكُّلِ، وعدمُ الكَيلِ في هذا الحديثِ يَصلُحُ في الاستخدامِ الخاصِّ بخلافِ البيعِ والشِّراءِ، والحاصلُ: أنَّ الكيلَ بمُجرَّدِه لا يَنزِعُ البركةَ مِن المكيلِ ما لم يَنضَمَّ إليه أمرٌ آخرُ؛ كالمعارضةِ والاختبارِ للهِ، كما أنَّ البركةَ لا تَحصُلُ به في المبيعِ ما لم يَنضمَّ إليه أمرٌ آخرُ؛ وهو امتثالُ الأمرِ فيما يُشرَعُ فيه الكيلُ .