الموسوعة الحديثية


- ما هذا يا عبدَ اللهِ ؟ ! قال : قلتُ : خُصٌّ لنا [ وهى ] نُصلِحُه ، فقال : الأمرُ أسرعُ من ذلك
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الموارد | الصفحة أو الرقم : 2169 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أبو داود (5235) باختلاف يسير، والترمذي (2335)، وابن ماجه (4160) بنحوه
الدُّنيا مَحَلُّ اختِبارٍ وأعمالٍ، والآخِرةُ هيَ دارُ القَرارِ، والعاقلُ مَن قدَّم مِن دُنياهُ لآخرتِه، وزَرعَ في الدُّنيا؛ لِيَحصُدَ في الآخرةِ بفَضلِ اللهِ عزَّ وجلَّ.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي عبدُ اللهِ بنُ عمَرِو بنِ العاصِ رضِيَ اللهُ عنهما: "مرَّ بنا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأنا وأُمِّي نُطَيِّنُ شيئًا"، أي: نُصلِحُ شيئًا مِن البيتِ بالطِّينِ، فقال: "ما هذا يا عَبدَ اللهِ؟! قال: قلْتُ: خُصٌّ لنا وَهِيَ، أي: ضَعُفَ وهَمَّ بالسُّقوطِ فنَحنُ نُصلِحُه، فقال: الأمْرُ أسرَعُ مِن ذلك"، أي: ما أَرى الموتَ وَما بعدَه مِن القَبرِ والحَشرِ والقِيامةِ، إلَّا أسرعَ مِن أنْ يُشيِّدَ الإنسانُ لنفْسِه ما يَزِيدُ عن حاجتِه.
وهذا حَثٌّ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنْ يكونَ حِرصُ المؤمنِ على اهتمامِه بالآخرةِ أكبرَ وأسرعَ مِن الاهتِمام بالدُّنيا، لا النَّهيُ المطلقُ في عدَمِ التَّشييدِ والبناءِ، وربَّما يكونُ كلامُ النَّبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ لبَيانِ حَقيقةِ الدُّنيا، وأنَّها مهما طالتْ فهي قَصيرةٌ ومُنْتهيةٌ، ومَصيرُ مَن علَيها مَعروفٌ إلى الموتِ والقبورِ؛ فإصْلاحُ أمْرِ الآخِرةِ أهمُّ وأوْلى مِن الاشتِغال بأمْرِ الدُّنيا، فالإنسانُ يُصلِحُ بيتَه؛ خشيةَ أنْ يَنهدِمَ قبْلَ أنْ يموتَ، وربَّما يموتُ قبْلَ أنْ يَنهدِمَ البيتُ، فإذا كان كذلك فإصلاحُ عمَلِك أَولى مِن إصلاحِ البيتِ.
وفي الحديثِ: الإرشادُ إلى التَّقلُّلِ مِن الدُّنيا وعَدمِ الاغترارِ بها، وعدَمُ التوسُّعِ في المباحاتِ؛ لكي يَتهيَّأَ لِمَا هو قادِمٌ عليه مِن مَصيرِه .