الموسوعة الحديثية


- عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ قال : انشقَّ القمرُ على عهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال المشركون : هذا سِحرٌ سحركم ابنُ أبي كبشةَ ، ولكن انظُروا إلى من يقدُمُ من السِّفارِ فسلوهم ، فقدِموا فسألوهم فقالوا : رأيناه قد انشقَّ
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : موافقة الخبر الخبر | الصفحة أو الرقم : 1/203 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
لقدْ أيَّدَ اللهُ سُبحانه نبيَّه محمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالآياتِ والمعجزاتِ؛ ليُؤمِنَ الناسُ برِسالتِه، وقد تَعدَّدت هذه المعجزاتُ الظَّاهراتُ، ولكنَّ كثيرًا ممَّن رأَوها لم يُؤمِنوا وحقَّتْ عليهم كلمةُ العذابِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ رضِيَ اللهُ عنه: "انشَقَّ القمرُ على عَهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، أي: انقسَمَ نِصفينِ، وكان ذلك في مكَّةَ قبْلَ الهجرةِ، "فقال المُشرِكون: هذا سِحرٌ؛ سحَرَكم ابنُ أبي كبْشةَ"، أي: سَحَرَكم محمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقد كانوا يُطلِقون عليه ابنَ أبي كبْشةَ، وهو رَجُلٌ مِن خُزاعةَ كان يَعبُدُ الشِّعرى، فشُبِّهَ به النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لِمُخالَفتِه دِيانةَ العربِ. وقيل: إنَّ أبا كبْشةَ جدُّ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن قِبَلِ أُمِّه، وقيل: إنَّ أباهُ مِن الرَّضاعةِ كان يُدْعى أبا كبْشةَ، وهي تُريدُ بذلك أنْ تُقلِّلَ مِن قَدْرِه وشأنِه؛ فإنَّ العربَ كانتْ إذا أرداتْ أن تُقلِّلَ مِن قَدْرِ أحَدٍ نَسَبتْه إلى جَدٍّ لا يُعرَفُ، ولكنِ انْظُروا إلى مَن يَقدَمُ مِن السِّفارِ"، أي: القادِمينَ مِن السَّفرِ مِن جَميعِ الاتِّجاهاتِ؛ ظنًّا منهم أنَّ المسافرَ لا يقَعُ عليه السِّحرُ بمِثْلِ ما وقَعَ على الحضورِ، "فسَلُوهم"، أي: اسْأَلوهم عن انشِقاقِ القمَرِ: هلْ رَأَوه بمِثلِ ما رَأَيناهُ، "فقَدِموا"، أي: قدِمَ بعضُ المسافرينَ، "فسَأَلوهم، فقالوا: رَأَيناه قد انشقَّ"، أي: وقَعَ لهم رُؤيةُ انقسامِ القَمَرِ، وهذا يدلُّ على أنَّ الانشقاقَ كان حقيقيًّا، بحيث رآهُ كلُّ النَّاسِ في كلِّ الأماكنِ، ولم يكُنْ ذلك سِحرًا لمَن كانوا عندَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهذه المعجزةُ مِن أُمَّهاتِ المعجزاتِ الفائقةِ على معجزاتِ سائرِ الأنبياءِ؛ لأنَّ مُعْجزاتِهم عليهم السَّلامُ لم تَتجاوَزِ الأرضيَّاتِ.
وفي الحَديثِ: إثباتُ حقيقةِ انشقاقِ القمرِ مُعجزةً للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفيه: تأييدُ اللهِ سُبحانَه وتعالَى لنبيِّه وخَليلِه بالمُعجزاتِ؛ لتكونَ بُرهانًا على صِدقِ ما أخْبَر به .