الموسوعة الحديثية


- صلى بنا رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف ، فقامت طائفة منا خلفه ، وطائفة بإزاء –أو مستقبلي - العدو ، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم بًالذين خلفه ركعة ، ثم نكصوا فذهبوا إلى مقام أصحابهم ، وجاء الآخرون فقاموا خلف النبي صلى الله عليه وسلم ، فصلى بهم رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم ركعة ، ثم سلم رسول اللهِ ، ثم قام هؤلاء فصلوا لأنفسهم ركعة ، ثم ذهبوا مقام أصحابهم مستقبلي العدو ، ورجع الآخرون إلى مقامهم ، فصلوا لأنفسهم ركعة
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : ابن جرير الطبري | المصدر : تفسير الطبري | الصفحة أو الرقم : 4/1/328 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أبو داود (1244)، وأحمد (3561) باختلاف يسير، والطبري في ((التفسير)) (10355).
أوجَبَ اللهُ أداءَ الصَّلاةِ في كُلِّ وقتٍ، ولم يَجعَلْ للمُسلِمِ عُذرًا في ترْكِها حتى أثناءَ الحرْبِ، وهذا يدُلُّ على عَظيمِ قدْرِها، وكبيرِ شأْنِها، وأهميَّةِ المُحافظةِ عليها حتى في أَشَدِّ الأحْوالِ، وعندَ الحَرْبِ، وقد وَرَدَتْ رِواياتٌ مُتعدِّدةٌ في كيفيَّةِ صَلاةِ الخَوْفِ، وهي الصَّلاةُ التي تَحضُرُ والمُسلِمونَ في حالةٍ مِن الحَرْبِ والقِتالِ للعدُوِّ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ رضِيَ اللهُ عنه: "صلَّى بنا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صَلاةَ الخَوْفِ، فقامتْ طائِفَةٌ مِنَّا خلفَه"، أي: قام جُزْءٌ مِنَ الجيْشِ للصَّلاةِ خلفَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "وطائِفَةٌ بإزاءِ -أو مُسْتَقْبِلي- الْعَدُوِّ"، أي: والجُزءُ الآخَرُ منَ الجيْشِ أمامَ العدوِّ لحِفْظِ مَن يُصَلُّون، وحتى لا يَطمَعَ فيهم العَدُوُّ أثناءَ الصَّلاةِ، "فصلَّى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالذين خلفَه رَكعةً، ثم نَكَصوا"، أي: رَجَعوا، "فَذَهَبوا إلى مَقام أَصْحابِهم" الذين كانوا أمامَ العَدُوِّ، أي: قامَ مَنْ صلَّى مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَكعةً إلى الحِراسَةِ، "وجاءَ الآخَرونَ، فقاموا خلفَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، أي: ثم جاءَ مَنْ كان واقِفًا للحِراسَةِ في الرَّكعةِ الأُولى؛ لِيُصَلِّيَ خَلفَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الرَّكعةَ الثانيةَ، وهي لهم الرَّكعةُ الأُولى، "فصلَّى بهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَكعةً، ثم سلَّم رَسولُ اللهِ"، أي: سلَّم وأَنْهَى الصَّلاةَ بعدَ رَكعتيْنِ؛ لأنَّها تُصلَّى قَصرًا، "ثم قام هؤلاءِ"، أي: الذين صَلَّوْا مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الرَّكعةَ الثانيةَ، "فصَلَّوْا لأَنْفُسِهم رَكعةً"، أي: أَكْمَلوا صَلاةَ رَكعتيْنِ ثم سَلَّموا، "ثم ذَهَبوا مَقامَ أَصْحابِهم مُسْتَقْبِلي العَدُوِّ، ورَجَعَ الآخَرونَ إلى مَقامِهم"، أي: إلى مَكانِ الصَّلاةِ، وهم الذين صَلَّوْا مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَكعتَه الأُولى، "فصَلَّوْا لأنفُسِهم رَكعةً" تَتِمَّةٌ للرَّكعتيْنِ ثم يُسَلِّمونَ.
وقد وَرَدَ في كيفيَّةِ صَلاةِ الخَوْفِ صِفاتٌ كثيرةٌ، وهذه إحْدى الرِّواياتِ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيها، وقد صلَّاها في أيَّامٍ مُختلفةٍ بأشْكالٍ مُتباينةٍ، يَتحرَّى فيها ما هو الأَحْوطُ للصَّلاةِ، والأبلَغُ للحِراسَةِ؛ فهي على اخْتِلافِ صُوَرِها مُتَّفِقةُ المَعنَى .