الموسوعة الحديثية


- عن عمرَ أنَّه لمَّا طُعنَ و حَضرتْه الوفاةُ قال : احفَظوا عنِّي ثلاثًا : لا أقولُ في الجدِّ شيئًا و لا أقولُ في الكَلالِةِ شيئًا و لا أُولِّي عليكُم أحدًا
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الألباني | المصدر : إرواء الغليل | الصفحة أو الرقم : 1686 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أحمد (322)، والطيالسي (26)، وابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (4102) مطولاً دون ذكر الجد
في هذا الحَديثِ يَحكي عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: "عن عُمَرَ: أنَّه لَـمَّا طُعِنَ" وقد طعَنَه أبو لُؤلؤةَ المجوسيُّ غُلامُ المُغِيرةِ بنِ شُعبةَ وهو في صلاةِ الفجْرِ، وكان عُمرُ حينئذٍ أميرَ المُؤمنِينَ، وهي الطَّعنةُ التي مات فيها رضِيَ اللهُ عنه، "وحضَرَتْه الوفاةُ قال: احْفَظوا عنِّي ثلاثًا"، أي: احْفَظوا وانقُلوا عنِّي ثلاثةَ أُمورٍ؛ الأوَّلُ: "لا أقولُ في الـجَـدِّ شيئًا"، والمعنى: لا أفْصِلُ بحُكْمٍ في مِيراثِ الـجَدِّ، ونَصيبِه وسهْمِه؛ وذلك أنَّ مِيراثَ الـجَدِّ قد اختُلِفَ فيه على عَهدِ الصَّحابةِ رضِيَ اللهُ عنهم، والجَدُّ أبو الأبِ لا يَحجُبُه حِرمانًا غيرُ الأبِ بإجماعِ العلماءِ، واخْتُلِفَ فيه مع الإخوةِ ذُكورًا أو إناثًا؛ فذهَبَ كثيرٌ من الصَّحابةِ رضِيَ اللهُ عنهم أجمعينَ: إلى أنَّ الجَدَّ يُسْقِطُ جميعَ الإخوةِ والأخواتِ مِن جَميعِ الجِهاتِ، كالأبِ. وذهَبَ بعضُهم إلى تَوريثِهم معه، وأنَّهم لا يُحْجَبون به؛ لِثُبوتِ مِيراثِهم بالقرآنِ؛ فلا يُحجَبون إلَّا بِنَصٍّ، أو إجماعٍ، أو قِياسٍ، ولم يُوجَدْ ذلك، ولِتَساوِيهم في سبَبِ الاستحقاقِ.
"ولا أقولُ في الكَلالةِ شيئًا" والمعنى: لا أفصِلُ بحُكْمٍ في مِيراثِه، والكَلالَةُ: مَنْ لا أصْلَ له ولا فَرْعَ، أي: مَنْ لا وَلَدَ له ولا والِدَ، وكان عُمَرُ رضِيَ اللهُ عنه لا يَستوعِبُ معانِيَ آيةِ الكَلالةِ في آخِرِ سُورةِ النِّساءِ، وراجَعَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في تَوضيحِها، ولكنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أرجعَ الجَميعَ إلى آيةِ النِّساءِ، فوقَعَ فيها اختِلافٌ بينَ الصَّحابةِ؛ فذهَبَ جلُّهم إلى أنَّ الكَلالةَ مَن لا والدَ ولا وَلدَ له، وآيةُ الكَلالةِ المقصودةُ هيَ قولُ اللهِ تعالَى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [النساء: 176].
وقال عُمَرُ وهو يُـحْتَضَرُ: "ولا أُوَلِّي عليكم أحَدًا"، أي: لا أُحَدِّدُ واحدًا بعَينِه ليكونَ الخليفةَ مِنْ بعدِي، كاختيارِ أبي بكرٍ رضِيَ اللهُ عنه لِعُمَرَ في الخلافةِ بعدَهُ، ولكنْ في رِوايةِ البخاريِّ قِيلَ له: "أَوْصِ يا أميرَ المؤمنينَ، استَخْلِفْ، قال: ما أَجِدُ أحدًا أحقَّ بهذا الأمرِ مِنْ هؤلاءِ النَّفَرِ -أو الرَّهْطِ- الذين تُوُفِّيَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو عنهم راضٍ، فسمَّى عليًّا وعثمانَ، والزُّبيرَ وطلحةَ، وسعدًا وعبدَ الرَّحمنِ، وقال: يَشْهَدُكُم عبدُ اللهِ بنُ عمَرَ، وليس له مِنَ الأمْرِ شَيءٌ" .