الموسوعة الحديثية


- أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: قالَ رَجُلٌ: لَأَتَصَدَّقَنَّ بصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بصَدَقَتِهِ، فَوَضَعَهَا في يَدِ سَارِقٍ، فأصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ علَى سَارِقٍ فَقالَ: اللَّهُمَّ لكَ الحَمْدُ، لَأَتَصَدَّقَنَّ بصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا في يَدَيْ زَانِيَةٍ، فأصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ علَى زَانِيَةٍ، فَقالَ: اللَّهُمَّ لكَ الحَمْدُ، علَى زَانِيَةٍ؟ لَأَتَصَدَّقَنَّ بصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بصَدَقَتِهِ، فَوَضَعَهَا في يَدَيْ غَنِيٍّ، فأصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ علَى غَنِيٍّ، فَقالَ: اللَّهُمَّ لكَ الحَمْدُ، علَى سَارِقٍ وعلَى زَانِيَةٍ وعلَى غَنِيٍّ، فَأُتِيَ فقِيلَ له: أَمَّا صَدَقَتُكَ علَى سَارِقٍ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعِفَّ عن سَرِقَتِهِ، وأَمَّا الزَّانِيَةُ فَلَعَلَّهَا أَنْ تَسْتَعِفَّ عن زِنَاهَا، وأَمَّا الغَنِيُّ فَلَعَلَّهُ يَعْتَبِرُ فيُنْفِقُ ممَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 1421 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الصَّدَقةُ مِن أفضلِ الأعمالِ الَّتي يُقَدِّمُها الإنسانُ لنفْسِه، ويَنالُ أجرَها العظيمَ عندَ الله إذا قَصَد بها وجْهَ الله سُبحانَه.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن رَجُلٍ -قيل: إنَّه كان مِن بَني إسرائيلَ- خرَج لِيَتصدَّقَ، فوَقَعَتْ صدَقتُه في يدِ سارقٍ مرَّةً، وفي يَدِ زانيةٍ مرَّةً أُخرَى، وفي يدِ غنيٍّ مرَّةً ثالثةً، وفي كُلِّ مرَّةٍ يُصبِحُ الناس يَتحدَّثُون عن فِعلِه ويَتعجَّبونَ منه؛ لأنَّ الصَّدقةَ كانتْ عِندَهم مُختصَّةً بأهلِ الحاجاتِ مِن أهلِ الخَيرِ؛ ولهذا تَعجَّبوا مِن الصَّدقةِ على هؤلاءِ، وهو يَحمَدُ اللهَ عزَّ وجلَّ؛ فقد كان يُريدُ أن تقَعَ صدقتُه في يدِ فقيرٍ مُتعفِّفٍ، أو رجُلٍ أَمينٍ نزيهٍ، أو امرأةٍ شريفةٍ، لكنْ كان أمرُ الله قَدَرًا مَقدورًا، فأُتِيَ الرَّجُلِ في المنامِ وأُخبِرَ أنَّ صدقتَه قُبِلَتْ كما في رِوايةِ أحمدَ؛ لأنَّه مُخلِصٌ قد نَوَى خيرًا لكنَّه لم يتيسَّرْ له، فقِيلَ له: أمَّا صدَقتُك على السَّارقِ فلعلَّ السارقَ أن يَستعِفَّ عن السَّرقةِ، رُبَّما يقولُ: هذا مالٌ يَكفيني أو يَستحيي أنَّه رُزِقَ مِن غَيرِ السَّرقةِ ويَعرِفُ أنَّ في عِبادِ اللهِ تعالَى مَن يَتصدَّقُ ليلًا سِرًّا على مَن لا يَعرِفُه، وأمَّا البَغِيُّ الَّتي تَجعَلُ الزِّنا مِهنةً لها فلعلَّها أن تَستعفَّ عن الزِّنا؛ لأنَّها رُبَّما كانتْ تزني -والعياذُ باللهِ- ابتغاءَ المالِ، وقد حَصَل لها ما يَكفُّها عن الزِّنا، وأمَّا الغنيُّ فلعلَّه أن يَعتبِرَ ويتَّعِظَ ويَتذكَّرَ، فيُنفِقَ ممَّا آتاه اللهُ، وهكذا النِّيةُ الطيِّبةُ يحصُلُ بها الثَّمراتُ الطيِّبةُ.
وفي الحديثِ: دليلٌ على أنَّ الإنسانَ إذا نَوى الخيرَ وسَعى فيه وأخطأَ، فإنَّه يُكتَبُ له ولا يضُرُّه.
وفيه: أنَّ الحُكمَ للظَّاهرِ حتَّى يتبيَّنَ خِلافُه.
وفيه: التَّسليمُ والرِّضا بالقَضاءِ، وحمدُ اللهِ، وتَفويضُ الأمورِ لله عزَّ وجلَّ.
وفيه: إعادةُ الصَّدقةِ إذا لم تقَعْ في مَوقِعها.