الموسوعة الحديثية


- رأيتُ جابرَ بنَ عبدِ اللَّهِ يصلِّي الصَّلواتِ بوُضوءٍ واحدٍ ، فإذا بالَ أو أحدثَ ، توضَّأَ ومسحَ بفَضلِ طَهورِهِ الخفَّينِ ، فقُلتُ : أبا عبدِ اللَّهِ ، أشيء تصنعُهُ برأيِكَ ؟ قالَ : بَل رأيتُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يصنعُهُ ، فأَنا أصنعُهُ كما رأيتُ رسولَ اللَّهِ يصنعُ
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : عمدة التفسير | الصفحة أو الرقم : 1/639 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح | التخريج : أخرجه الطبري في ((تفسيره)) (11318)
الطَّهارةُ والوُضوءُ مِن شُروطِ صِحَّةِ الصَّلاةِ، ومع ذلك فإنَّ الشَّرعَ يَسَّرَ في أمْرِهما؛ حتَّى لا يَشُقَّ على النَّاسِ، فأباحَ الصَّلاةَ أكثرَ مِن مرَّةٍ بوُضوءٍ واحدٍ ما دامَتِ الطَّهارةُ مُستمِرَّةً.
وفي هذا الحديثِ يقولُ التَّابعيُّ الفضلُ بنُ مَعشَرٍ: "رأيتُ جابِرَ بنَ عبدِ اللهِ يُصلِّي الصَّلَواتِ بوُضوءٍ واحدٍ"، أي: يُصلِّي أكْثَرَ مِن صَلاةٍ مِن الصَّلَواتِ الخَمسِ دونَ تجديدِ الوُضوءِ لكلِّ صَلاةٍ، "فإذا بالَ أو أحدَثَ"، أي: أخرَجَ رِيحًا أو ضُراطًا، "توضَّأَ ومسَحَ بفضْلِ طَهورِه الخُفَّينِ"، أي: توضَّأَ وُضوءًا جَديدًا، ومسَحَ خُفَّيْه بما بقِيَ مِن ماءٍ على يدَيْه، والخُفُّ: هو ما يُلبَسُ على الرِّجلينِ مِن حِذاءٍ.
"فقلْتُ: أبا عبدِ اللهِ، أشيءٌ تَصنَعُه برأَيِك؟" يَستفهِمُ عن هذا الفِعلِ مِن الصَّحابيِّ الجليلِ، فعَلَّمَه جابرٌ رضِيَ اللهُ عَنه، فقال: "بلْ رأيْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصنَعُه، فأنا أصنَعُهُ كما رأيْتُ رسولَ اللهِ يَصنَعُ"، أي: إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان ربَّما توَضَّأَ وُضوءًا واحدًا وصلَّى به بعضَ الصَّلَواتِ الخَمْسِ أو كُلَّها، دونَ تَجديدِ الوُضوءِ لكلِّ صَلاةٍ، وهذا الفِعلُ مَشروطٌ بالمُحافَظةِ على الطَّهارةِ وعدَمِ نقْضِ الوُضوءِ بأيِّ سببٍ، فإنْ بال أو أحْدَثَ- مثَلًا- توَضَّأَ مرَّةً أُخرى، وتجديدُ الوُضوءِ لِمَن حافَظَ على طَهارتِه لكلِّ صلاةٍ يَكونُ مِن بابِ التَّقرُّبِ واكتسابِ الفضيلةِ، لا مِن بابِ الوُجوبِ.
وفي الحديثِ: حِرصُ الصَّحابةِ على اتِّباعِ هَدْيِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وبَيانِه للنَّاسِ.