الموسوعة الحديثية


- ليس منا من تطيَّرَ أو تُطيِّر له أو تَكَهَّن أو تُكهِّن له أو سَحَر أو سُحِر له ومَن عقد عقدةً أو قال عقدَ عقدةً ومَن أتَى كاهنًا فصدَّقه بما قال فقد كفر بما أُنزِلَ على محمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
الراوي : عمران بن الحصين | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد | الصفحة أو الرقم : 5/120 | خلاصة حكم المحدث : رجاله رجال الصحيح خلا إسحاق بن الربيع وهو ثقة | التخريج : أخرجه البزار (3578) واللفظ له، والدولابي في ((الكنى والأسماء)) (2083) مختصراً، والطبراني (18/162) (355) باختلاف يسير،
زجَرَ الإسلامُ وحذَّرَ مِن كلِّ مَن زعَمَ العِلْمَ بالغيبِ، كما زَجَرَ عن الأفعالِ الَّتي تُفسِدُ عقيدةَ المُسلمِ.
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: "ليس مِنَّا"، أي: إنَّه ليسَ مِن ذَوي أُسوتِنا، وليس على طَريقتِنا وسُنَّتِنا وأحكامِ شَرْعِنا، "مَن تطيَّرَ أو تُطِيِّرَ له"، والتَّطيُّرُ مَعْنًى قد يُستخدَمُ في الخيرِ والشَّرِّ، ولكنَّ أغلَبَه يكونُ في التَّشاؤُمِ والشَّرِّ، وأصْلُ التَّطيُّرِ: إطلاقُ الطَّيرِ عندَ الشُّروعِ في عمَلٍ مِن سَفرٍ أو تِجارةٍ أو غيرِ ذلك، فإنْ طار جِهةَ اليمينِ تفاءَلَ المرْءُ ومَضى لإكمالِ ما بدَأَهُ أو نواهُ، وإنْ طار الطَّائرُ جِهَةَ الشِّمالِ تشاءَمَ المرْءُ وكفَّ عن العمَلِ، فمَن فعَلَ هذا بنفْسِه أو كلَّفَ مَن يَفعَلُه له، واعتقَدَ صِحَّتَه؛ فليس على هُدى الإسلامِ ولا سُنَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ؛ لأنَّه يُخالِفُ التَّوكُّلَ على اللهِ، وفيه عدَمُ إيمانٍ بالقدَرِ، وقد قال اللهُ تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 50]، وقال: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد: 22]، فما قد خُطَّ في اللَّوحِ المحفوظِ لم يكُنْ منه بُدٌّ، ومِثْلُ ذلك التَّشاؤُمُ مِن كلِّ شَيءٍ؛ مِن الطُّيورِ عامَّةً، أو الحيواناتِ، أو أصحابِ العاهاتِ، والمشروعُ اجْتِنابُ ما وردَتْ به الشَّريعةُ؛ كاتِّقاءِ المجذومِ، وأمَّا ما خفِيَ منها فلا يُشرَعُ اتِّقاؤُه واجتِنابُه؛ فإنَّه مِن الطِّيَرةِ المَنْهيِّ عنها.
"أو تَكهَّنَ أو تُكِهِّنَ له"، والتَّكهُّنُ: هو ادِّعاءُ عِلْمِ الغيبِ وما سيَحدُثُ في الزَّمانِ المُستقبَلِ باستخدامِ النُّجومِ وما شاكَلَها، وفي الحقيقةِ أنَّه لا يَعلَمُ الغيبَ إلَّا اللهُ، فمَنِ ادَّعى ذلك بنفْسِه فقد وقَعَ في المحذورِ والشِّركِ باللهِ، ومَن ذهَبَ إلى شخصٍ يَتكهَّنُ ظانًّا أنَّه يَنفَعُه بعِلْمِ الغَيبِ، فقد وقَعَ في المحذورِ أيضًا، وعلى كلٍّ منهما التَّوبةُ والرُّجوعُ إلى اللهِ، "أو سَحَرَ"، أي: تعلَّمَ السِّحرَ ومارسَهُ بنفْسِه، "أو سُحِرَ له"، أي: كلَّفَ مَن يَعمَلُ له سِحرًا؛ لِيَنفَعَهُ به أو يَضُرَّ أحدًا، "ومَن عقَدَ عُقدةً- أو قال: عقَدَ عُقدةً-" وذلك برَبْطِ الخَيطِ والسِّحرِ عليه بقِراءةِ التَّعويذاتِ الكُفريَّةِ عليه والنَّفثِ فيه، "ومَن أتى كاهِنًا"، أي: مَن جاء إلى مَن يَزعُمون عِلمَ الغيبِ الَّذي استَأثَرَ اللهُ بعِلمِه، "فصَدَّقَه بما قال" بأنِ اعتَقَدَ صِدْقَ قَولِه، وعِلمَه للغَيبِ معَ اللهِ سُبحانَه وتعالى، "فقد كفَرَ بما أُنزِلَ على محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ"، أي: مَن ارتكَبَ هذه الأفعالَ فقد بَرِئَ مِن دِينِ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وبما أُنزِلَ عليه؛ فهذه الأفعالُ مِن أفعالِ الجاهليَّةِ، وقد تُفْضي إلى الشِّركِ إذا اعتقَدَ أنَّ لها تأثيرًا في الحقيقةِ.
وفي الحديثِ: التَّحذيرُ مِن الوُقوعِ في الأُمورِ الَّتي تُنافي أُصولَ الإيمانِ؛ مِن السِّحرِ والكَهانةِ، والتَّشاؤُمِ، وغيرِ ذلك .