الموسوعة الحديثية


- قام معاويةُ على المنبرِ, فقال : سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ : مَن يُرِدِ اللهُ به خيرًا يُفَقِّهْه في الدينِ, وسمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ : أيُّما امرأةٍ أَدخَلَتْ رأسَها شعرًا مِن غيرِ شعرِها, فإنما تُدخِلُه زورًا, وسمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ : خيرُ نساءٍ ركِبنَ الإبلَ نساءُ قريشٍ, أرعاه على زوجٍ في ذاتِ يدِه, وأحناه على ولدٍ في صِغَرٍ
الراوي : معاوية بن أبي سفيان | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : تغليق التعليق | الصفحة أو الرقم : 4/482 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح متصل ورجاله ثقات
كان صَحابةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَحرِصونَ على تطبيقِ سنَّتِه، وكان يُذكِّرُ بَعضُهم بَعضًا بها، ويُعلِّمونَها للنَّاس، وكانوا يُصوِّبون أخطاءَ الناسِ ويُبيِّنون لهم السُّنَّةَ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ مُعاويةُ بنُ أبي سُفيانَ رضِيَ اللهُ عنهما: أنَّه سَمِعَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: "مَن يُرِدِ اللهُ به خيرًا يُفقِّهْهُ في الدِّينِ"، أي: مَنْ أراد به اللهُ خيرًا عظيمًا ونَفْعًا كثيرًا، فَقَّهَه في الدِّينِ، أي: منَحَهُ العِلمَ الشَّرعيَّ، الَّذي لا يُدانِيهِ خيرٌ في هذا الوُجودِ، في فَضلِهِ وشرَفِهِ، وعُلُوِّ دَرجتِهِ؛ لأنَّه مِيراثُ الأنبياءِ، الَّذي لم يُورِّثُوا غيرَهُ.
قال مُعاويةُ رضِيَ اللهُ عنه: "وسمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: أيُّما امرأةٍ أدخَلَتْ رأْسَها شَعرًا مِن غَيرِ شَعرِها"، أي: وصَلَتْ شَعرَها بشَعرٍ آخَرَ؛ لِيَظهَرَ كأنَّه طويلٌ أو غَزيرٌ، "فإنَّما تُدخِلُه زُورًا"، أي: لِمَا فيه مِنَ التَّزويرِ، فتُدلِّسُ به على غيرِها، فيُظَنُّ أنَّ شَعَرَ المَرأةِ طويلٌ.
قال مُعاويةُ رضِيَ اللهُ عنه: "وسمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: خيرُ نِساءٍ رَكِبْنَ الإبلَ نِساءُ قُريشٍ"، أي: خيرُ نِساءِ العربِ لأنَّ نساء العَربِ هُنَّ مَن كنَّ يَرْكَبْنَ الإبلَ، ثُمَّ بيَّن حَيثيَّاتِ تِلك الخيريَّةِ بقولِه: "أرْعاهُ على زَوجٍ في ذاتِ يَدِه"، أي: إنَّ نساءَ قُريشٍ أكثرُ النِّساءِ رِعايةً وصِيانةً لمالِ زَوجِها، "وأحناهُ على ولَدٍ في صِغَرٍ"، يعني: أنَّهُنَّ أشفَقُ النَّاسِ وأرفقُهنَّ بِالولدِ؛ فلذلك كُنَّ خيرَ نِساءٍ.
وفي الحديثِ: إرشادُ الإمامِ للرَّعيَّةِ ونُصْحُهُم، وأمْرُه بالمعروفِ ونَهْيُه إيَّاهم عن المُنكَرِ.
وفيه: النَّهيُ عن التَّزويرِ والتَّغريرِ.
وفيه: بَيانُ فَضلِ نِساءِ قُريشٍ على نِساءِ العَربِ جميعًا، وبيانُ الصِّفاتِ التي بها تُفضَّلُ المرأةُ على غيرِها.