الموسوعة الحديثية


- نهَى رسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عن صَومَينِ وصلاتَينِ ولباسَينِ ومَطعمَينِ وبَيعتَينِ ومَنكحَينِ إلى أن قال وأمَّا المَطعَمانِ فأن يأكلَ الرَّجلُ بشمالِهِ ويمينُه صحيحٌ وأن يأكلَ مُتكئًا
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : الكافي الشاف | الصفحة أو الرقم : 151 | خلاصة حكم المحدث : إسناده جيد | التخريج : أخرجه الطبراني (10/124) (10087)، والشجري في ((الأمالي)) (1701) باختلاف يسير
في هذا الحَديثِ يَقولُ عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رضِيَ اللهُ عنه: "نهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن صَومينِ"، أي: نهى عن الصَّومِ في يومينِ، وهما: يومُ عيدِ الفِطْرِ؛ لأنَّه يَومُ الفِطرِ مِن الصِّيامِ، واليومُ الثَّاني هو يومُ عيدِ النَّحْرِ؛ لأنَّه يومُ الأكلِ مِن النُّسُكِ والأُضْحيَّةِ.
ونهى عن "صَلاتَينِ"، وهما: الصَّلاةُ بعدَ الفَجْرِ حتَّى تَرتفِعَ الشَّمسُ، وبعدَ العصرِ حتَّى تَغِيبَ الشَّمسُ، أي: إنَّ كِلَا الوقتَينِ نَهَى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن الصَّلاةِ فيهما.
كما نَهَى صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن "لِباسينِ"، وهو أن يَحْتَبِيَ الرَّجلُ بالثَّوبِ الواحدِ ليس على فَرْجِه منه شَيءٌ بينَه وبين السَّماءِ، وأنْ يَشتمِلَ الصَّمَّاءَ؛ فأمَّا الاحْتِباءُ بالثَّوبِ: فهو أنْ يَضُمَّ الإنسانُ رِجلَيْهِ إلى بَطنِه بثَوبٍ، ويَجمَعَهما مع ظهْرِه، ويَشُدَّ الثَّوبَ عليه، وقد يكونُ الاحتباءُ باليدَينِ عِوَضًا عن الثَّوبِ، وإنَّما نَهَى عنه؛ لأنَّه إذا لم يكُن عليه إلَّا ثوبٌ واحدٌ فرُبَّما تحرَّكَ أو زَالَ، فتَبْدو عَوْرتُه، وأمَّا اشتِمالُ الصَّمَّاءِ: فهو أنْ يَلُفَّ الإنسانُ جميعَ جسدِه بالثَّوبِ، ولا يَرفَعَ شيئًا مِن جوانبِه، فلا يُمكِنُه إخراجُ يَدِه إلَّا مِن أسفَلِه؛ وسُمِّيَ بذلك لسَدِّه المَنافِذَ كلَّها كالصَّخْرةِ الصَّمَّاءِ.
ونَهَى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن "مَطعمَينِ"، ثمَّ بيَّنَ المَطْعمينِ؛ فقال: "وأمَّا المَطْعمانِ: فأنْ يأكُلَ الرَّجلُ بشِمالِه ويَمينُه صَحيحٌ" فالمُسلِمُ يأكُلُ بِيَمينِه، ويَشرَبَ بِيَمينِه، ويأخُذُ ويُعطي بِيَمينِه، إلَّا مِن مرَضٍ أو ما شابَهَ، ولا يأكُلُ ولا يَشرَبُ، ولا يأخُذُ ولا يُعطِي بِشِمالِه؛ وذلك لأنَّ الشَّيطانَ يأكُلُ ويَشرَبُ بها، ويأخُذُ ويُعطي بها.
"وأنْ يأكُلَ مُتَّكِئًا"، أي: مائِلًا إلى أحدِ شِقَّيْهِ مُعتمِدًا عليه وحْدَه؛ قيل: سبَبُ ذلك أنَّ الأكْلَ مُتَّكئًا كان مِن دَأبِ المُتْرَفِينَ وفِعلِ المُتكبِّرينَ، والمُسلِمُ مأمورٌ بالتَّواضُعِ مع نِعَمِ اللهِ
وكذلك نَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن "بَيْعتَينِ" وهما المُلامَسَةُ والمُنابَذَةُ، والمُلامَسةُ: مِن اللَّمْسِ؛ وهي أنْ يَبِيعَ البائعُ شيئًا إلى المُشترِي على أنَّه مَتى لَمَسَه فقد تَمَّ البَيعُ، والمُنابَذَةُ: مِن النَّبْذِ، وهو الإلقاءُ؛ وهي أنْ يَجعَلَ إلْقاءَ السِّلعةِ إيجابًا للبَيع؛ فمَتى أَلْقى إليه ثوبًا أو غيرَه الْتَزَمَ المُشترِي بشِرائه، وكِلاهما مِن العُقُودِ المَنهِيِّ عنها؛ لِمَا فيها مِن الغِشِّ.
ونهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن "مَنْكِحَينِ"، وهو أنْ يَجمَعَ الرَّجلُ بيْن المرأةِ وخالتِها وبيْن المرأةِ وعمَّتِها في النِّكاحِ، في عقْدٍ واحدٍ أو عقدينِ، وتَخصيصُ العمَّةِ والخالةِ: إمَّا اتِّفاقيٌّ؛ لوُقوعِ السُّؤالِ عنهما، أو لأنَّ الأُختينِ مذكورتانِ في نصِّ القُرآنِ، وإلَّا فالأُختانِ كذلك، أو التَّنبيهِ بالأدنى على الأعْلى.