الموسوعة الحديثية


- اللهمَّ أَمتِعْني بسمْعي وبصري حتى تجعلَهما الوارثَ مني ، وعافِني في دِيني وفي جسَدي ، وانصرْني ممن ظلمَني حتى تُرِيَني فيه ثأْري اللهم إني أسلمْتُ نفسي إليك ، وفوَّضتُ أمري إليك ، وألجَأْتُ ظهري إليك ، وخلَّيتُ وجهي إليك ، لا ملجأَ ولا مَنْجى منك إلا إليك ، آمنتُ برسولِك الذي أرسلتَ ، وبكتابِك الذي أنزلْتَ
الراوي : علي بن أبي طالب | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم : 1269 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه الحاكم (1933)، والضياء في ((الأحاديث المختارة)) (679) باختلاف يسير.
الدُّعاءُ هو العِبادةُ، وقدْ علَّمَنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كيف نَدْعو اللهَ تعالى، ودَلَّنا على صِيَغٍ كثيرةٍ للدُّعاءِ تَجمَعُ بيْن خيرَيِ الدُّنيا والآخِرَةِ، ومِن هذه الصِّيَغِ ما جاءَ في هذا الحديثِ؛ حَيثُ يُخبِرُ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رَضِي اللهُ عَنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَدْعو، فيَقولُ في دُعائِه: "اللَّهُمَّ أمْتِعْني بسَمْعي وبَصَري"، مِن: التَّمتيعِ والتَّلذُّذِ بالنِّعمةِ، أي: انفْعَني بِهما، وأبْقِهما صَحيحتَينِ نافعتَينِ إلى أنْ يَنتهيَ العُمرُ، أتلذَّذُ بهاتَينِ الجارِحَتَينِ المعروفتَينِ، "حتَّى تَجعَلَهما"، أي: السَّمعَ والبصرَ، "الوارِثَ مِنِّي"، أي: أبْقِهما صَحيحَينِ سَليمَينِ إلى وَقتِ الموتِ. وقيل: أراد إبقاءَ قُوَّتِهما، فيَرِثانِ كلَّ قُوَّةٍ تَضعُفُ عندَ الكِبَرِ. وقيل: أراد بالسَّمعِ وَعْيَ ما يَسمَعُ والعمَلَ به، وبالبصَرِ الاعتبارَ بما يَرى، "وعافِني في دِيني"، أي: بالتَّوفيقِ إلى الخَيرِ والإبعادِ عن الشَّرِّ، وبالسَّلامةِ مِن أسقامِ الآثامِ، "وفي جَسَدي" بالتَّمتُّعِ بالصِّحَّةِ والخُلوِّ مِن الأمراضِ، "وانصُرْني على مَن ظَلَمني"، أي: بَغَى وتعدَّى عليَّ، "حتَّى تُرِيَني فيه ثأْري"، أي: حتَّى تأخُذَ منه بحَقِّي ومَظْلَمتي، والثَّأرُ أصلُه: طلَبُ دَمِ القتيلِ، والمُرادُ: انتصِفْ لي كما يَنتصِفُ الطَّالبُ للدَّمَ.
ثُمَّ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "اللَّهُمَّ إنِّي أسلمْتُ نَفْسي إليك"، أي: أسلَمْتُ رُوحي وذاتي وأَوْدَعتُهما لدَيك؛ فهما طَائِعتانِ لحُكمِك، مُنقادتانِ لِأمْرِك، "وفوَّضْتُ أمْري إليك"، أي: توكَّلتُ في جميعِ أُموري عليك، راجيًا أنْ تَكفيَني كلَّ شَيءٍ، وتَحمِيَني مِن كلِّ سُوءٍ، "وألْجأْتُ ظَهْري إليك"، أي: وتحصَّنتُ بجِوارِك، ولْجَأتُ إلى حِفظِك، فاحرُسْني بعَينِك الَّتي لا تنامُ، "وخلَّيْتُ وَجْهي إليك"، أي: برَّأْتُه مِن الشِّركِ والنِّفاقِ، وعقَدْتُ قَلبِي على الإِيمانِ، "لا مَلجَأَ ولا مَنجَى منك إلَّا إليك"، أي: فإنَّه لا مَفرَّ منك إلَّا إليك، ولا مَلاذَ مِن عُقوبتِك إلَّا بالالتِجاءِ إلى عَفْوِك ومَغفرتِك؛ فأُموري الدَّاخِلَةُ والخارجةُ مُفتقِرةٌ إليك، "آمنْتُ برَسولِك الَّذي أرسلْتَ"، يعني: نَفْسَه، أو المُرادُ: كلُّ رَسولٍ أرْسلْتَهُ، أو هو تَعْليمٌ لِأُمَّتِه، "وبكِتابِك الَّذي أنزلْتَ"، وهو القُرآنُ الكريمُ وما فيه، أو كلُّ كِتابٍ سبَقَ.