الموسوعة الحديثية


- سألتُ ابنَ عمرَ عن نبيذِ الجَرِّ هَلْ نهى عنهُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال زعموا ذلك فقلتُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ نهى فقال قد زعموا ذلك فقلتُ أنت سمعتَهُ منهُ فقال قد زعموا ذلك فصرفَهُ اللهُ عنِّي وكان إذا قيل لأحدٍ أنت سمعتَهُ غضب وهَمَّ يُخاصِمُهُ
الراوي : ثابت البناني | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : تخريج المسند لشاكر | الصفحة أو الرقم : 7/238 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
كانتِ العرَبُ قديمًا يتَّخِذون أوانيَ ربَّما يكونُ لها أثَرٌ في الطَّعامِ والشَّرابِ، فجاء الإسلامُ فرشَّدَ استخدامَها.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ ثابتٌ البُنانيُّ: "سألْتُ ابنَ عمَرَ عن نَبيذِ الجَرِّ؛ هلْ نَهَى عنه رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟" والجَرُّ هوَ الإناءُ المَصنوعُ مِن فَخَّارٍ، والنَّبِيذُ: نَقيعُ التَّمرِ والزَّبِيبِ ونحوِهِما قبلَ أنْ يَشْتَدَّ ويُصبِحَ مُسكِرًا. قال ابنُ عمَرَ رضِيَ اللهُ عنه: "زَعَموا ذلك"، أي: يُنقَلُ عن بَعضِ أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّهم أخْبَروا بنَهْيِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عنها، "فقلْتُ: النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهَى؟ فقال: قد زَعَموا ذلك، فقلْتُ: أنتَ سمِعْتَه منه؟ فقال: قد زَعَموا ذلك"، كلُّ هذا يُريدُ ثابتٌ أنْ يَستوثِقَ منه النَّهيَ، قال ثابِتٌ: "فصرَفَهُ اللهُ عنِّي. وكان إذا قِيلَ لأحدٍ: أنتَ سمِعْتَه، غضِبَ"، أي: إذا سُئِلَ أحدُ الصَّحابةِ عن حَديثٍ رواهُ: هل سمِعَه مِن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ غضِبَ مِن السَّائلِ؛ لأنَّهم أهْلُ الثِّقةِ، ولا يُشَكُّ في رِواياتِهم، ولأنَّهم كانوا يَرْوُون ما سمِعُوه أو استَوثَقوا منه؛ لِعِلْمِهم بعُقوبةِ وخطَرِ الكذِبِ على رسولِ اللهِ، مع ما فيهم مِن حُبِّ الصِّدقِ وأنفَةِ الكذِبِ، "وهَمَّ يُخاصِمُه"، أي: عزَمَ أنْ يُخاصِمَه.
وقد ثبَتَ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما يَنسَخُ هذا النَّهيَ؛ ففي صحيحِ مُسلمٍ عن بُريدةَ الأسلميِّ رضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "نَهيتُكم عن النَّبيذِ إلَّا في سِقاءٍ، فاشْرَبوا في الأسقيةِ كلِّها، ولا تَشْرَبوا مُسكِرًا"؛ فظهَرَ أنَّ النَّهيَ كان بسبَبِ الإسكارِ، وليس عن الأواني لذاتِها.