الموسوعة الحديثية


- من قالَ عليَّ ما لم أقل فَليتبوَّأ مقعدَهُ من جَهَنَّمَ . قالَ : وسمِعتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يقول : إنَّ اللَّهَ حرَّمَ الخمرَ والميسرَ والكوبةَ والغُبَيْراءَ ، وَكُلُّ مُسكرٍ حرامٌ
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : عمدة التفسير | الصفحة أو الرقم : 1/727 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح | التخريج : أخرجه أبو داود (3685) مختصراً، وأحمد (6591) واللفظ له
الكَذِبُ عاقبتُه وَخيمةٌ، وعاقبةُ الكَذبِ على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أشدُّ مِن عاقبةِ الكذِبِ على غيرِه؛ لِمَا يَترتَّبُ على ذلِك مِن مفاسدَ في الدِّين والدُّنيا.
وفي هذا الحديثِ يُخبرُ الصَّحابيُّ عبدُ الله بنُ عمرِو بن العاصِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: "مَن قال عليَّ ما لم أقُلْ"، أي: مَن نقَلَ عنِّي ما لم أقُلْه كذِبًا عليَّ، "فلْيَتَبَوَّأْ مَقعدَهُ مِن جهنَّمَ"، أي: إنَّ لِلْكاذِبِ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الآخرةِ مَجلِسًا في النَّارِ، وذلك لا يُحْمَلُ على الخُلودِ في النَّارِ إلَّا لِمَن استحَلَّ ذلك؛ لأنَّ المُوحِّدَ يُجازَى على عمَلِهِ، أو يُعْفَى عنه، وإنْ أُدْخِلَ النَّارَ فإنَّه لا يُخَلَّدُ فيها، بلْ يُعذَّبُ على قَدْرِ عمَلِهِ، ثمَّ يُدْخِلُه اللهُ الجنَّةَ برَحمتِهِ، وإنَّما غُلِّظَتِ العُقوبةُ؛ لأنَّ الكذِبَ على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ليس مِثْلَ الكذِبِ على أحدٍ؛ لأنَّ كلامَهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَشريعٌ، وكلامَ غيرِهِ ليس كذلك؛ فالكذِبُ عليه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أعظَمُ مَضرَّةً، وأوقَعُ فَسادًا في نُفوسِ المُسلِمينَ، وهو أشدُّ في الإثْمِ مِنَ الكذِبِ على غيرِهِ.
وقدْ قدَّمَ عبدُ الله بنُ عمرِو حَديثَ الكَذِبِ على النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ؛ تَوْطِئَةً وتَمهيدًا لِمَا سيَسوقُهُ في أمْرِ لُبْسِ الحريرِ، وأنَّه صادِقٌ فيما سَمِعَه؛ لأنَّه يَعلَمُ عُقوبةَ الكذِبِ على رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فَقال: "وسمِعْتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: "إنَّ اللهَ حرَّمَ الخمْرَ"، أي: ما يُخمَّرُ مِن الفاكهةِ؛ كالعِنَبِ وغيرِه ويُتَّخذُ شَرابًا، "والمَيسِرَ" أي: القِمارَ؛ وهو أنْ يَتغالَبَ اثنانِ فأكثَرُ، على أنْ يكونَ بيْنهم مالٌ يأخُذُه الغالِبُ، "والكُوبةَ" أي: النَّردَ. وقيل: الطَّبلُ، "والغُبَيراءَ" وهي نوعٌ مِن الخُمورِ يُصنَعُ مِن الذُّرَةِ، وتُسمَّى السُّكُرْكةَ، وقال صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "وكلُّ مُسكِرٍ حرامٌ"، أي: وإنَّ كلَّ شرابٍ يُسكِرُ العقْلَ ويُذهِبُه، فهو حَرامٌ.
وفي الحديثِ: النَّهيُ والتَّحذيرُ الشَّديدُ مِن الكَذِب على النَّبي صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، والوعيدُ الشديدُ على ذلِك.
وفيه: تَحريمُ الخمْرِ والمَيسِرِ.