- عنِ ابنِ عُمرَ , رضي اللهُ عنهما قال: لَقيتُ ابنَ صيادٍ يومًا ومعه رجلٌ منَ اليهودِ فإذا عينُه طفِئَتْ وكانتْ خارجةً مثلَ عينِ الجملِ فلما رأيتُها قلتُ: ابنَ صيادٍ أنشُدُكَ اللهَ متى طفِئَتْ عينُكَ ؟ فمسَحها وقال: لا أدري والرحمنِ فقلتُ: كذَبتَ لا تدري وهي في رأسِكَ فزعَم لي اليهوديُّ أني ضربتُ بيدي على صدرِه ولا أعلمُ أني فعلتُ ذلك فقلتُ: اخسَأْ فلن تعدُوَ قدْرَكَ , قال: أجَل لا أعدُو قدْري قال: وذكَر شيئًا لا أحفَظُه قال: فذكَرتُ ذلك لحفصةَ فقالتْ: اجتَنِبْ هذا الرجلَ فإنا نتحدَّثُ أنَّ الدجالَ لَيخرُجُ عندَ غضبةٍ يغضَبُها
الراوي : [سالم بن عبدالله بن عمر] | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة
الصفحة أو الرقم: 8/124 | خلاصة حكم المحدث : سنده صحيح
وفي هذا الحَديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما: "لَقِيتُ ابنَ صيَّادٍ يَومًا ومعه رجُلٌ مِن اليهودِ، فإذا عَينُه طُفِئَتْ"، أي: ذهَبَ بصَرُها وبقِيَت قائمةً لم يَتغيَّرْ شكْلُها ولا صِفَتُها، "وكانتْ خارجةً مثْلَ عَينِ الجَملِ"، أي: بارزةً مِن جَفْنِها، "فلمَّا رأيْتُها، قلْتُ: ابنَ صيَّادٍ، أنشُدُكَ اللهَ، متى طُفِئَت عَينُك؟ فمسَحَها، وقال: لا أدْري والرَّحمنِ"، أي: يُقسِمُ أنَّه لا يَدْري في أيِّ وقْتٍ ذهَبَ بصَرُ عَينِه، "فقلْتُ: كذبْتَ، لا تَدْري وهي في رأْسِك؟!" يُنكِرُ عليه ابنُ عمَرَ إجابتَه، "فزعَمَ لي اليهوديُّ أنِّي ضَربْتُ بيَدِي على صدْرِه، ولا أعلَمُ أنِّي فعلْتُ ذلك"، أي: يُدافِعُ اليهوديُّ عن ابنِ صيَّادٍ، ويدَّعي على ابنِ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما، "فقلْتُ: اخسَأْ"، أي: اسكُتْ صاغِرًا مَطرودًا، "فلنْ تَعدُوَ قدْرَك"، أي: لنْ تُجاوِزَه، "قال: أجَلْ، لا أعدُو قَدْري"، قال ابنُ عمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما: "وذكَرَ شيئًا لا أحفَظُه"، أي: وقال ابنُ صيَّادٍ كلامًا آخَرَ نسِيَه ابنُ عمَرَ، قال: "فذكَرْتُ ذلك لِحَفصةَ" زوجُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أي: أخبَرَها بقصَّتِه مع ابنِ صيَّادٍ، وهي أخْتُه، فقالت حَفصةُ رضِيَ اللهُ عنها: "اجتنِبْ هذا الرَّجلَ"، تقصِدُ ابنَ صيَّادٍ؛ "فإنَّا نَتحدَّثُ أنَّ الدَّجَّالَ لَيخرُجُ عند غَضْبةٍ يَغضَبُها". وفي روايةِ مُسلمٍ، قالتْ حفصةُ رضِيَ اللهُ عنها: "أمَا عَلِمْتَ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: إنَّما يَخرُجُ مِن غَضبَةٍ يَغضَبُها"؛ كأنَّها خافَتْ أنْ يكونَ ابنُ صيَّادٍ هو الدَّجَّالَ؛ فيكونَ تعرُّضُ ابنِ عُمَرَ له سببًا لِخُروجِه بفِتْنتِه.
وفي الحَديثِ: بيانُ تعدُّدِ الدَّجَّالينَ قَبلَ قِيامِ الساعةِ، وأنَّ ابنَ صيادٍ دَجَّالٌ كذَّابٌ منهم، وإنْ كان ليس هو الدَّجالَ الذي يَقتُلُه عيسى ابنُ مريمَ عليه السلامُ.
وفيه: البُعدُ عن إثارةِ غَضَبِ الظَّلَمةِ والطُّغاةِ والفَجرةِ بغير داعٍ؛ لِمَا فيه من إثارةِ الفِتنةِ والشَّرِّ.