الموسوعة الحديثية


- من أحيا سنَّةً من سنَّتي قد أميتت بعدي فإنَّ لَه منَ الأجرِ مثلَ أجورِ من عملَ بِها من غيرِ أن ينقصَ من أجورِهم شيئًا ومنِ ابتدعَ بدعةً ضلالةً لا يرضاها اللَّهُ ورسولُه كانَ عليهِ منَ الإثمِ مثلُ آثامِ من عملَ بِها لا ينقصُ ذلِك من أوزارِهم شيئًا
الراوي : بلال بن الحارث | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : هداية الرواة | الصفحة أو الرقم : 1/132 | خلاصة حكم المحدث : [حسن كما قال في المقدمة] | التخريج : أخرجه البغوي في ((شرح السنة)) (110)

مَن أحيا سنَّةً من سنَّتي ، فعملَ بِها النَّاسُ ، كانَ لَهُ مثلُ أجرِ من عَمِلَ بِها ، لا يَنقصُ مِن أجورِهِم شيئًا ، ومن ابتدعَ بدعةً ، فعمِلَ بِها ، كانَ عليهِ أوزارُ مَن عملَ بِها ، لا ينقُصُ مِن أوزارِ من عملَ بِها شيئًا
الراوي : عمرو بن عوف المزني | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه
الصفحة أو الرقم: 174 | خلاصة حكم المحدث : صحيح لغيره

التخريج : أخرجه الترمذي (2677)، وابن ماجه (209) واللفظ له.


قال اللهُ تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80]؛ فجعَلَ اللهُ سُبحانَه وتعالى طاعةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن لَوازِمِ طاعتِه سُبحانَه، والسُّنَّةُ النَّبويَّةُ مع القُرآنِ الكريمِ يُمَثَّلانِ المصدرَ الأوَّلَ والثَّانيَ للتَّشريعِ الإسلاميِّ، وعلى كلِّ مُسلمٍ أنْ يَتَّبِعَ ما جاء فيهما مِن الأوامِرِ والنَّواهي، وقد رغَّب النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في اتِّباعِ سُنَّتِه وبيَّن أجْرَ ذلك، وحذَّرَ مِن ترْكِ سُنَّتِه واتِّباعِ البِدَعِ، كما في هذا الحديثِ، حيث يقولُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "مَن أحيا سُنَّةً مِن سُنَّتي، فعمِلَ بها النَّاسُ، كان له مثْلُ أجْرِ مَن عمِلَ بها، لا ينقُصُ مِن أُجورِهم شيئًا"، أي: يُعْطيه اللهُ أجرًا مُساويًا لِأُجورِ كلِّ مَن عمِلَ بها مِن النَّاسِ، والمُرادُ بالسُّنَّةِ هنا: ما شَرَعَه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن الأحكامِ، وهي قد تكونُ فرضًا؛ كزكاةِ الفِطْرِ، أو غيرَ فرضٍ، كقِيامِ اللَّيلِ، وصيامِ النوافِل ونحوِ ذلك. وإحياؤُها: أنْ يعمَلَ بها، ويُحَرِّضَ النَّاسَ ويحُثَّهم على إقامتِها، ويدخُلُ في نِطاقِ الإحياءِ أيضًا: تعليمُها للنَّاسِ، ونشْرُها بينهم قولًا وفعلًا، والتَّحذيرُ مِن مُخالفتِها.
ثُمَّ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "ومَن ابتدَعَ بِدعةً، فعمِلَ بها، كان عليه أَوزارُ مَن عمِلَ بها، لا ينقُصُ مِن أَوزارِ مَن عمِلَ بها شيئًا"، أي: فله مِن الإثمِ ما يُساوي آثامَ وذُنوبَ كلِّ مَن عمِلَ بها، وفي روايةٍ مُوَضِّحةٍ عندَ التِّرمذيِّ: "ومَنِ ابتدَعَ بِدعةَ ضلالةٍ لا تُرضِي اللهَ ورسولَه، كان عليه مثْلُ آثامِ مَن عمِلَ بها لا ينقُصُ مِن أوزارِهم شيئًا"، والبِدعةُ: هي ما لا يُوافِقُ أُصولَ الشَّرعِ، وقولُه في البِدعةِ: "فعُمِلَ بها" على البِناءِ للمَفعولِ، وقد حذَّرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الَّذين لا يأْخُذونَ بسُنَّتِه، مُكْتَفينَ بكتابِ اللهِ وحدَه، فقال- كما عند ابن ماجه-: "يُوشِكُ رجُلٌ منكم مُتَّكِئًا على أريكتِه يُحَدَّثُ بحديثٍ عنِّي، فيقولُ: بيننا وبينكم كِتابُ اللهِ، فما وجَدْنا فيه مِن حرامٍ حرَّمْناه، أَلَا وإنَّ ما حرَّمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مثْلُ الَّذي حرَّمَ اللهُ عزَّ وجلَّ"، ولقدِ الْتزَمَ الصَّحابةُ رِضوانُ اللهِ عليهم بتوجيهاتِه فيما يتعلَّقُ بلُزومِ السُّنَّةِ، حيث كانوا يزْجُرونَ كلَّ مَن لا يلتزِمُ بالكتابِ والسُّنَّةِ سُلوكًا وأدَبًا وعِبادةً، وإنْ كان يفعَلُ ذلك بنِيَّةٍ حَسَنةٍ قاصدًا التَّقرُّبَ إلى اللهِ تعالَى بالطَّاعاتِ.