- أنَّ أعرابيًّا - يقالُ لَهُ : أبو ثَعلبةَ - قالَ : يا رسولَ اللَّهِ ، إنَّ لي كلابًا مُكَلَّبةً ، فأفتِني في صيدِها . فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : إنَّ كانَ لَكَ كلابٌ مُكَلَّبةٌ ، فَكُل مِمَّا أمسَكْنَ عليكَ . فقالَ : ذَكيًّا وغيرَ ذَكيٍّ ؟ قالَ : نعَم . قالَ : إن أَكَلَ منهُ ؟ فقالَ : نعَم ، وإن أَكَلَ منهُ . قالَ : يا رسولَ اللَّهِ ، أفتِني في قوسي . قالَ : كُلْ ما ردَّت عليكَ قوسُكَ قالَ : ذَكيًّا وغيرَ ذَكيٍّ ؟ قالَ : وإن تغيَّبَ عنكَ ما لم يَصِلَّ ، أو تجدْ فيهِ أثرَ غيرِ سَهْمِكَ . قالَ : أفتِني في آنيةِ المَجوسِ إذا اضُّطرِرنا إليها . قالَ : اغسِلها وَكُل فيها
الراوي : [جد عمرو بن شعيب] | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : عمدة التفسير
الصفحة أو الرقم: 1/633 | خلاصة حكم المحدث : [أشار في المقدمة إلى صحته]
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عمرٍو رَضِيَ اللهُ عنهُما: "أنَّ أعرابيًّا"، والأعرابُ هم البَدْوُ الَّذين يَسْكُنونَ في الصَّحراءِ، "يُقالُ له"، أي: اسْمُهُ: "أبو ثَعْلَبَةَ"، قال: "يا رسولَ اللهِ، إنَّ لي كِلابًا مُكلَّبَةً"، أي: مُعلَّمَةً مُدرَّبةً على الصَّيدِ، "فأَفْتِني في صيدِها"، أي: عن حُكْمِ صَيدِها؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنْ كان لك كلابٌ مُكلَّبةٌ"، أي: مُعلَّمَةٌ ومُدرَّبةٌ على الصَّيدِ، "فكُلْ ممَّا أَمْسَكْنَ عليكَ"، أي: فانْتَفِعْ بما اصطادَتْ لكَ وكُلْهُ، قال: "ذَكيًّا أو غيرَ ذَكيٍّ؟"؛ مِن التَّذْكِيةِ، وهي الذَّبْحُ مع ذِكْرِ اسمِ اللهِ عزَّ وجلَّ.
والمرادُ: وإنْ وجَدتُ ما اصطادتْه الكلابُ حيًّا فذَكيَّتُهُ أنا بالذَّبْحِ، أو وَجدتُه قد أماتَهُ الكَلْبُ؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "نَعَمْ"، أي: كُلْهُ وإنْ وجدتَه ذكيًّا أو غيرَ ذَكيٍّ، قال أبو ثَعْلَبَةَ: "فإنْ أَكَلَ منه؟"، أي: فإنْ أَكَلَ الكَلْبُ مِن الصَّيدِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "وإنْ أَكَلَ منه"، أي: كُلْهُ وإنْ وَجَدْتَ كَلْبَكَ قد أَكَلَ مِن الصَّيدِ الذي اصْطادَه، قال أبو ثَعْلَبَةَ: "يا رسولَ اللهِ، أَفْتِني في قَوسِي"، أي: في حُكْمِ الصَّيدِ بالقوسِ؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "كُلْ ما رَدَّتْ عليك قوسُكَ"، أي: انْتفِعْ بما اصْطَدتَ بقوسِكَ.
قال أبو ثَعْلَبَةَ: "ذَكيَّا أو غيرَ ذَكيٍّ؟"، أي: إنْ أَدْركتُ الصَّيدَ حيًّا فذَكَّيتُه بالذَّبْحِ أو وجَدتُه قد مات من السَّهْمِ؟ قال أبو ثَعْلَبَةَ: "وإن تَغيَّبَ عَنِّي؟"، أي: وإنِ اخْتَفى عَنِّي فلَمْ أَرَه ثُمَّ وَجْدتُه، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "وإنْ تَغيَّبَ عَنْكَ"، أي: كُلْهُ وانْتفِعْ به وإنِ اختَفى عن عينِكَ، "ما لم يَصِلَّ"، أي: ما لم يَنْتُنْ ويَتغيَّرْ رِيحُه إلى العَفَنِ، "أو تَجِدْ فيه أثرًا غيرَ سَهْمِكَ"، أي: أو تَجِدْ في الصَّيدِ أثرًا غيرَ سَهْمِكَ؛ كأَثَرِ حيوانٍ مُفْتَرِسٍ مثلًا.
قال أبو ثَعْلَبَةَ: "أَفْتِني في آنيةِ المجوسِ"، أي: في حُكْمِ اسْتِخدامِ أواني المجوسِ؟ والمجوسُ: هم عَبَدةُ النَّارِ، "إنِ اضْطُرِرْنا إليها"، أي: إنْ لم نَجِدْ غيرَها، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "اغْسِلْها"، أي: اغْسِلْ أوعيةَ وأوانيَ المجوسِ، "وكُلْ فيها"، أي: واسْتَعْمِلْها وانْتَفِعْ بها في الأكلِ والشُّربِ.
وفي الحَديثِ: النَّهيُ عن أكلِ الصَّيدِ إذا أَنْتَنَ، وعن أكلِ صيدِ الكلابِ غيرِ المُدرَّبةِ.
وفيه: النَّهيُ عن أكلِ الصَّيدِ إذا وُجِدَ به أثَرٌ غيرُ أثَرِ الآلةِ التي صادَه بِها.