الموسوعة الحديثية


- بينما هوَ يحدِّثُ القومَ وَكانَ فيهِ مزاحٌ يضحِكُهم فطعنَهُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ في خاصرتِهِ بعودٍ فقالَ أصبِرني. فقالَ اصطبِر قالَ إنَّ عليْك قميصًا وليسَ عليَّ قميصٌ فرفعَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ عن قميصِهِ فاحتضنَهُ وجعلَ يقبِّلُ كَشحَهُ قالَ إنَّما أردتُ هذا يا رسولَ اللَّهِ
الراوي : أسيد بن حضير | المحدث : ابن مفلح | المصدر : الآداب الشرعية | الصفحة أو الرقم : 2/253 | خلاصة حكم المحدث : إسناده ثقات | التخريج : أخرجه أبو داود (5224)، والبغوي في ((معجم الصحابة)) (75)، والطبراني (1/205) (559)

بينما هو يحدِّث القومَ، وكان فيه مزاحٌ، بينا يُضحُكهم، فطعنه النبيّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في خاصِرته بعودٍ، فقال : أصبِرني فقال : اصطبرْ . قال : إنَّ عليك قميصًا وليس عليَّ قميصٌ، فرفع النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عن قميصِه، فاحتضنه وجعل يقبِّل كشحَه، قال : إنما أردتُ هذا يا رسولَ اللهِ
الراوي : أسيد بن حضير | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 5224 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح

التخريج : أخرجه أبو داود (5224) واللفظ له، والبغوي في ((معجم الصحابة)) (75)، والطبراني (1/205) (559)


لقدْ أَرْسَى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلم مَبادِئَ العَدلِ، حتَّى سَادَ العدلُ في عَهدِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، لدَرجةِ أنَّ مِن الصَّحابةِ رضِيَ اللهُ عنهم مَن طَلَبَ القِصاصَ منه صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فلم يَمتِنعْ، كما في هذا الحديثِ الذي يُخبِرُ فيه عبدُ الرَّحمنِ بنُ أبي لَيْلى، عن أُسَيدِ بنِ حُضيرٍ: أنَّه "بينَما هو يُحدِّثُ القومَ"، أي: بينَما أُسَيدٌ في حالِ حَديثِه معَ بعضِ الرِّجالِ، "وكان فيه مُزاحٌ"، أي: وكان في أُسيدٍ خِفَّةُ ظِلٍّ، فـ"بينا يُضْحِكُهم"، أي: بينَما هم في حالِ ضَحِكِهم مِن مُزاحِ أسيدٍ، "فطَعَنَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في خاصِرَتِه بعُودٍ"، أي: ضَرَبَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أسْفَلَ جَنْبِه بعَصًا كانَتْ في يَدِه، وكان ذلك على سبيلِ المُزاحِ مِنْه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال أُسَيدٌ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "أَصْبِرْني"، أي: مَكِّنِّي مِن القِصاصِ مِنْ نَفْسِكَ، كما ضَرْبتَني أَضْرِبُكَ، وهذا هو الشَّرعُ الَّذي يُطَبَّقُ على الأميرِ والرَّعيَّةِ، وإنَّما قال أُسيدٌ ذلك طَمعًا في الاقترابِ من النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم والتبرُّكِ به.
فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "اصْطَبِرْ"، أي: خُذْ حَقَّكَ في القِصاصِ واضْرِبْني، قال أُسَيْدٌ: "إنَّ عليكَ قَميصًا وليس عليَّ قَميصٌ"، أي: يُريدُ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ يَكْشِفَ ثيابَه عَنْ مَوضِعِ الضَّرْبِ كما كان الحالُ مَع أُسَيْدٍ حين طَعَنَه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، والتَّساوي في القِصاصِ يَقْتضي المماثلةَ في كُلِّ شيءٍ، فاسْتَجابَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لطَلَبِه "فرَفَع عَنْ قَميصِه، فاحْتَضَنَه وجَعَلَ يُقبِّلُ كَشْحَه"، أي: احْتَضَنَ أُسَيْدُ بنُ حُضيرٍ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقَبَّلَ ما ظَهَر مِنْ بَطْنِه وجَنْبِه فيما بين الضُّلوعِ إلى أَسْفَلِها مِن جِهَةِ الجَنْبِ، وهو ما يُقالُ له: الكَشْحُ؛ فلم يمتنعْ عنه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم سَواءٌ عندَ طَلبِه للقِصاصِ أو عِندَ مُعانقتِه له، وهذا مِن مَحاسِنِ شَمائِلِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ.
ثُمَّ قال أُسَيدٌ: "إنَّما أَرَدْتُ هذا يا رسولَ اللهِ"! أي: ما أَرَدتُ القِصاصَ مِنْكَ يا رسولَ اللهِ، ولكِنَّني أَرَدتُ أنْ أُقبِّلَ جِلْدَك وأحتَضِنَك.
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ القصاصِ مِن الضَّربِ وغيرِه.
وفيه: بيانُ مَدَى حُبِّ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهم للنَّبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ.