الموسوعة الحديثية


- جاءَ زيدُ بنُ صَوحانَ إلى عليٍّ رضيَ اللَّهُ عنهُ قالَ : حدِّثني ما نَهاكَ عنهُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ : نَهاني عنِ الحَنتَمِ ، والدُّبَّاءِ والنَّقيرِ والجعةِ وعن خاتمِ الذَّهبِ أو قالَ : حَلقةِ الذَّهبِ وعنِ الحريرِ والقِسِّيِّ ، والمَيثرةِ الحمراءِ قالَ : وأُهْديَتْ لرسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ حُلَّةُ حريرٍ فَكَسانيها ، فخرجتُ فيها ، فأخذَها فأعطاها فاطمةَ أو عمَّتَهُ ، إسماعيلُ يقولُ ذلِكَ
الراوي : مالك بن عمير | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : تخريج المسند لشاكر | الصفحة أو الرقم : 2/271 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح | التخريج : أخرجه أحمد (1162)، والضياء في ((الأحاديث المختارة)) (711)
كان التَّابعونَ رَحِمَهمُ اللهُ تعالى يَلْزَمونَ أصحابَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ لِيتَعلَّموا مِنهم أوامرَ الشَّريعةِ ونواهِيَها.
وفي هذا الحديثِ يَحكي التَّابعيُّ مالكُ بنُ عُمَيْرٍ: أنَّه "جاء زيدُ بنُ صُوحانَ إلى عَليٍّ"، وكان زيدٌ منَ التَّابعينَ، وكان قد شَهِدَ مع عليٍّ رضِيَ اللهُ عنه صِفِّينَ، "قال: قال: حَدِّثني ما نَهاك عنه رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، فقال عليٌّ رضِيَ اللهُ عنه: "نَهاني عنِ الحَنْتمِ" وهو نَوعٌ منَ الأواني المَصنوعةِ مِن الطِّينِ والشَّعرِ والدَّمِ، "والدُّبَّاءِ"، أي: وِعاءِ الدُّبَّاءِ، وهو القَرعُ إذا يَبِسَ وجَفَّ استُخْدِمَ وِعاءً، "والنَّقيرِ"، وهو ما يُنقَرُ ويُجوَّفُ مِن جُذوعِ النَّخلِ، والمَقصودُ هنا بالنَّهيِ عنِ النَّقيرِ والحَنتمِ والدُّبَّاءِ هو النَّهيُ عنِ اتِّخاذِها أوعيةً للنَّبيذِ وتَركِه فيها حتَّى يَشتَدَّ ويُسكِرَ، "والجِعَةُ"، وهي نَقْعُ الشَّعيرِ أوِ الحِنطَةِ حتَّى تُحَوَّلَ خَمرًا.
قال عليٌّ رضِيَ اللهُ عنه: "وعن خاتَمِ الذَّهبِ- أو قال: حَلْقةُ الذَّهبِ"، أي: عَن لُبسِ خاتمِ الذَّهبِ للرِّجالِ، "وعنِ الحريرِ"، أي: للرِّجالِ؛ فإنَّما يَحِلُّ الذَّهبُ والحريرُ للنِّساءِ، "والقَسِّيِّ"، وهيَ ثِيابٌ مِن كَتَّانٍ مَخلوطٍ بحَريرٍ، يُؤتَى بِها مِن مِصرَ، نُسِبَت إلى قَريةٍ على ساحلِ البَحرِ، قريبًا مِن تِنِّيسَ، يُقالُ لها: القَسُّ بالفَتحِ، وقيل: القَسُّ أصلُهُ القَرُّ، وهو نَوعٌ منَ الحريرِ، "والمِيثَرةِ الحَمراءِ"، وهي فَرْشٌ كانتْ تَصنَعُها العَجمُ؛ لتُوضَعَ تحتَ الرَّاكبِ على الدَّوابِّ مِثلَ السَّرجِ، وكانت تُصنَعُ منَ الحريرِ وتُحْشَى بالقُطنِ.
وقد ثبَتَ عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما يَنسَخُ النَّهيَ عن استخدامِ الأوعيَةِ المُشارِ إليها؛ ففي صَحيحِ مُسلمٍ عن بُريدَةَ الأسلميِّ رضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "نَهيتُكُم عنِ النَّبيذِ إلَّا في سِقاءٍ، فاشرَبوا في الأسقيَةِ كلِّها، ولا تَشرَبوا مُسكِرًا".
قال: "وأُهْدِيت لرَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حُلَّةُ حَريرٍ، فكَسانِيها"، أي: فأعْطاني إيَّاها، ولكنْ ليس لِيَلْبَسَها وإنَّما لِيَكْسُوها مَن يَحِلُّ له لُبْسُ الحريرِ مِن نسائِه، ولذلك قال عليٌّ: "فخرَجْتُ فيها"، أي: فخرَجَ وهو يلْبَسُها، "فأخَذَها، فأعطاها فاطمةَ أو عمَّتَه"، أي: أخَذَها النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن عليٍّ وأعطاها لابنَتِه فاطمةَ أو لِعَمَّتِه، قيل: هي فاطمةُ بنتُ أسَدِ بنِ هاشمِ بنِ عبدِ مَنافٍ؛ فإنَّها بنتُ عَمِّ أبيهِ، وهما مِنَ النِّساءِ، ويَحِلُّ لهنَّ الحريرُ، "إسماعيلُ يقولُ ذلك" وهو إسماعيلُ بنُ سُميعٍ أحدُ رُواةِ الحديثِ.