الموسوعة الحديثية


- ما بينَ خلقِ آدمَ إلى قيامِ الساعةِ أمرٌ أكبرُ من الدجالِ، وأنه ما من نبيٍّ إلا وقد أنذر به أمتَه، وأنه يجيءُ معَه بمثلِ الجنةِ والنارِ، فالتي يقولُ إنها جنةٌ نارٌ تحرقُ، والتي يقولُ إنها نارٌ ماءٌ عذبٌ طيبٌ، فمَن أدرك ذلك منكم فليقعْ فيه.
الراوي : - | المحدث : ابن عثيمين | المصدر : الضياء اللامع | الصفحة أو الرقم : 57 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

كُنَّا نَمُرُّ علَى هِشَامِ بنِ عَامِرٍ نَأْتي عِمْرَانَ بنَ حُصَيْنٍ، فَقالَ ذَاتَ يَومٍ: إنَّكُمْ لَتُجَاوِزُونِي إلى رِجَالٍ ما كَانُوا بأَحْضَرَ لِرَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مِنِّي، وَلَا أَعْلَمَ بحَديثِهِ مِنِّي، سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: ما بيْنَ خَلْقِ آدَمَ إلى قِيَامِ السَّاعَةِ خَلْقٌ أَكْبَرُ مِنَ الدَّجَّالِ. وفي روايةٍ: أَمْرٌ أَكْبَرُ مِنَ الدَّجَّالِ.
الراوي : هشام بن عامر | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 2946 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

كان الصَّحابةُ رِضوانُ اللهِ عَليهم حَريصينَ على حُضورِ مَجالسِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ليَسمَعوا مِنه ما يَنفعُهم في دُنياهُم وآخرَتِهم، ولم يَتْرُكِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَيرًا إلَّا دَلَّهم عليه، وما تَرَكَ شرًّا إلَّا حَذَّرهم منه، وإنَّ مِنَ الشَّرِّ المُستَطيرِ الَّذي حَذَّرَ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خُروجَ المسيحِ الدَّجَّالِ، وخُروجُه مِنَ عَلاماتِ السَّاعةِ الكُبْرى.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ التَّابعيَّانِ أَبو قَتادةَ نُذَيرُ بنُ قُنْفُذٍ العَدَويُّ، وأَبو الدَّهماءِ بنُ بُهَيْسٍ العَدَويُّ أنَّهما وجماعةً معهم كانوا يَمرُّون على الصَّحابيِّ هِشامِ بنِ عامرٍ رَضيَ اللهُ عنه ذاهِبين إلى الصَّحابيِّ عِمرانَ بنِ حُصينٍ رَضيَ اللهُ عنه، فَقال لهم هِشامُ بنُ عامرٍ رَضيَ اللهُ عنه ذاتَ يومٍ: «إنَّكم لَتُجاوِزوني» أي: تَمُرُّون علَيَّ ماشينَ إلى رِجالٍ مِن الصَّحابةِ لِأخذِ الحديثِ منهم، «ما كانوا بأَحضرَ» أي: ليْسوا بأكثَرَ حُضورٍ «لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ منِّي، وَلا أعلمُ بِحَديثِه منِّي» إشارةً إلى أنَّ عِمرانَ بنَ حُصينٍ، يُريدُ: لم يَكُنْ عِمرانُ أَكثرَ إِتيانًا لِمَجلسِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ منه وَلا أَعلمُ بَحديثِه منه، وإنَّما حَملَه على ذلكَ حِرصُه على تَبليغِ حَديثِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وذَكر لَهم حديثًا، فَقال: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقولُ: «ما بَينَ خَلْقِ آدَمَ إلى قِيامِ السَّاعةِ» أي: في هذه المدَّةِ المَديدةِ، لا يُوجدُ مَخلوقٌ أَعظمُ شوكةً وفِتنةً مِن الدَّجَّالِ؛ لأنَّ تَلبيسَه عظيمٌ وفِتنَتَه كَقِطَعِ اللَّيلِ البَهيمِ، وفي رِوايةٍ: «أمرٌ أكبرُ مِنَ الدَّجَّالِ»، يَعني لِشدَّةِ البَلاءِ به ولِمَا يَأتي به منَ الخَوارقِ المَقرونةِ بِدعواهُ الإلهيَّةِ. والدَّجَّالُ مأخوذٌ مِن الدَّجَلِ، وهو الكَذِبُ، وهو شَخصٌ مِن بَني آدمَ، ابتَلَى اللهُ به عِبادَه وأَقْدَره على أشياءَ مِن مَقدوراتِ اللهِ تَعالَى: مِن إحياءِ الميِّتِ الَّذي يَقتُله، ومِن ظُهورِ زَهرةِ الدُّنيا والخِصْبِ معه، وجَنَّتِه ونارِه، ونَهْرَيْهِ، واتِّباعِ كُنوزِ الأرضِ له، وأمرِه السَّماءَ أنْ تُمطِرَ فتُمطِرَ، والأرضَ أن تُنبِتَ فتُنبِتَ؛ فيَقَع كلُّ ذلك بقُدرةِ اللهِ تَعالَى ومَشيئتِه، ثُمَّ يُعجِزُه اللهُ تَعالَى بعد ذلك ويَبطُلُ أمرُه، ويَقتُلُه عِيسَى صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ويُثبِّت اللهُ الَّذين آمَنوا.