الموسوعة الحديثية


- عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: ثَلَاثَةً لَمْ يَبْلُغُوا الحِنْثَ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 102 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الأولادُ نِعمةٌ مِن اللهِ سُبحانه، ومَحبَّتُهم تقَعُ في قُلوبِ الآباءِ مَوقعًا عَظيمًا، بلْ قد يَكونونَ فِتنةً لآبائِهِم، ولكنَّ الموتَ قدَرٌ مَكتوبٌ على جَميعِ الخلْقِ، وقد جَعَلَ اللهُ للوالدينِ جَزاءَ الصَّبرِ على مَوتِ الأولادِ أجْرًا عَظيمًا.وهذا الحديثُ الذي يَرْويه أبو هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه هو جُزءٌ مُتِمٌّ لرِوايةِ أبي سَعيدٍ الخُدريِّ رَضيَ اللهُ عنه في صحيحِ البُخاريِّ، وفيها: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعَظَ النِّساءَ، وقال لهنَّ: «ما مِنكنَّ امرأةٌ تُقدِّمُ ثَلاثةً مِن وَلَدِها، إلَّا كان لها حِجابًا مِن النارِ، فقالتِ امرأةٌ: واثنتينِ؟ فقال: واثنتَينِ»، فزاد أبو هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه: «ثَلاثَةً لمْ يَبْلُغوا الحِنْثَ»، فأخبَرَ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال للنِّساءِ: مَن مات لها ثلاثةُ أولادٍ مِن الصِّغارِ قبْلَ بُلوغِهم سِنَّ التَّكليفِ، فلم تُكتَبْ عليهم الآثامُ، إلَّا كان هذا البَلاءُ حِجابًا وحاجزًا لها مِنَ النَّارِ، فسَأَلَت امرأةٌ: ومَن ماتَ لها اثنانِ؛ هلْ لها مِثلُ مَن مات لها ثلاثةٌ؟ فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «واثنينِ»، فمَن ماتَ لها اثنان مِن ولدِها في حياتها كان ذلك البلاءُ حاجزًا ومانعًا لها مِن دُخولِ النَّارِ. وخُصَّ الحُكْمُ بالَّذين لم يَبلُغوا الحِنْثَ؛ لأنَّ قَلْبَ الوالدينِ على الصَّغيرِ أرحَمُ وأشفَقُ دونَ الكبيرِ؛ لأنَّ الغالبَ على الكبيرِ عدَمُ السَّلامةِ مِن مُخالَفةِ والِدَيْه.وقيل: خُصَّ الحكْمُ بالثَّلاثةِ أوَّلًا؛ لأنَّ الثَّلاثةَ داخلةٌ في حيِّزِ الكثيرِ، وقد يُصابُ المؤمنُ فيكونُ في إيمانِه مِن القوَّةِ ما يَصبِرُ بها على المُصيبةِ، ولا يَصبِرُ لتَكرُّرِها عليه، فلذلك صار مَن تَكرَّرت عليه المَصائبُ فَصَبَر أوْلَى بجَزيلِ الثَّوابِ، والولَدُ مِن أجلِّ ما يُسَرُّ به الإنسانُ، حتى إنَّه يَرْضى أنْ يَفدِيَه بنفْسِه، هذا هو المعهودُ في الناسِ والبَهائمِ، فلذلك قَصَدَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى أعْلى المَصائبِ والحضِّ على الصَّبرِ عليها.وهذا الحديثُ جاء الخِطابُ فيه للنِّساءِ، وقدْ روَى البخاريُّ عَن أبي هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «لا يموتُ لِمسلمٍ ثَلاثةٌ مِنَ الولدِ فَيِلجَ النَّارَ إلَّا ‏‏تَحِلَّةَ القَسَمِ»؛ فهذا يَشمَلُ النِّساءَ والرِّجالَ.