الموسوعة الحديثية


- أنَّهُ كانَ إذَا سَلَّمَ سَلَّمَ ثَلَاثًا، وإذَا تَكَلَّمَ بكَلِمَةٍ أعَادَهَا ثَلَاثًا.
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 94 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَريصًا أشدَّ الحِرصِ على تَعليمِ أُمَّتِه وتَربيتِها، وكان يَستخدِمُ أَساليبَ التَّعليمِ التي تُوصِلُ المعلومةَ بشَكلٍ صَحيحٍ، وفي هذا الحديثِ يُعلِّمُنا أدبًا مِن آدابِ الكلامِ والسَّلامِ، فيَروي عَبدُ اللهِ بنُ عمَرَ بنِ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان إذا سلَّمَ سلَّمَ ثلاثًا، ولعلَّ هذا كان هَدْيَه في السَّلامِ على الجمْعِ الكثيرِ الَّذين لا يَبلُغُهم سَلامٌ واحدٌ، أو هَدْيَه في إسماعِ السَّلامِ الثَّاني والثَّالثِ إنْ ظنَّ أنَّ الأوَّلَ لم يَحصُلْ به الإسماعُ، أو يكونُ إعادةُ السَّلامِ مُرادًا به الاستئذانُ إذا لم يَسمَعِ السَّلامَ الأوَّلَ ولم يُجِبْ، فأمَّا إذا مرَّ على مَجلسٍ فعَمَّهم بالسَّلامِ، أو أتى دارًا فسلَّمَ فأجابوا؛ فلا وَجْهَ للإعادةِ. ويَحتمِلُ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان إذا أتَى على قَومٍ سلَّمَ تَسليمةَ الاستِئذانِ، وإذا دخَلَ سلَّمَ تَسليمةَ التَّحيَّةِ، ثُمَّ إذا قام مِنَ المجلسِ سلَّم تسليمةَ الوداعِ، وهي في معنى الدُّعاءِ.وكان إذا تكلَّمَ بالجُملةِ مِن القولِ أعادَها ثَلاثَ مرَّاتٍ؛ مِن أجلِ أنْ يَفهَمَها المخاطَبون ويَستوعِبوا معْناها؛ لأنَّ التَّكرارَ أعوَنُ على الحِفظِ، وبه يتَّضِحُ اللَّفظُ فيَنقطِعُ عنه المُحتمَلاتُ، وخاصَّةً إذا خشِيَ ألَّا يُفهَمَ كَلامُه، أو لا يُسمَعُ، أو إذا أراد الإبلاغَ في التَّعليمِ، أو الزَّجرِ في المَوعظةِ، وهذا مِن أصولِ التَّربيةِ التَّعليميَّةِ في الإسلامِ؛ لأنَّ الثَّلاثةَ غايةُ ما يقَعُ به البيانُ والإعذارُ، وقدْ كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُداوِمُ على ذلك عمَليًّا؛ لكي تَقتديَ به أُمَّتُه، وحتَّى يكونَ أُسوةً لغيرِه.