الموسوعة الحديثية


- أنَّ ناسًا من أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالوا للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : يا رسولَ اللهِ ! ذهب أهلُ الدُّثورِ بالأجورِ ، يُصَلُّون كما نصلي ، ويصومون كما نصومُ ، ويتصدقون بفضولِ أموالِهِم ، قال : أَوَلَيْس قد جعل اللهُ لكم ما تَصَدَّقُون ؟ إن بكلِّ تسبيحةٍ صدقةً ، [ وبكلِّ تكبيرةٍ صدقةً ، وبكلِّ تهليلةٍ صدقةً ، وبكلِّ تحميدةٍ صدقةً ] ، وأمرٌ بالمعروفِ صدقةٌ ، ونهيٌ عن منكرٍ صدقةٌ ، وفي بُضْعِ أحدِكم صدقةٌ ! قالوا : يا رسولَ اللهِ ! أيأتي أحدُنا شهوتَه ويكونُ له فيها أجرٌ ؟ ! قال : أرأيتم لو وضعها في حرامٍ أكان عليه فيها وزرٌ ؟ [ قالوا : بلى ، قال : ] فكذلك إذا وضعها في الحلالِ كان له [ فيها ] أجرٌ ، [ وذكر أشياءَ : صدقةً ، صدقةً ، ثم قال : ويُجْزِئُ من هذا كلِّه ركعتا الضُّحَى ] .
الراوي : أبو ذر الغفاري | المحدث : الألباني | المصدر : آداب الزفاف | الصفحة أو الرقم : 65 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه مسلم والزيادات كلها له،وإسنادها صحيح على شرط مسلم، وللنسائي الزيادة الأخيرة

 أنَّ نَاسًا مِن أَصْحَابِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قالوا للنَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: يا رَسولَ اللهِ، ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بالأُجُورِ؛ يُصَلُّونَ كما نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كما نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ بفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ، قالَ: أَوَليسَ قدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ ما تَصَّدَّقُونَ؟ إنَّ بكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عن مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ، وفي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، قالوا: يا رَسولَ اللهِ، أَيَأتي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكونُ له فِيهَا أَجْرٌ؟ قالَ: أَرَأَيْتُمْ لو وَضَعَهَا في حَرَامٍ، أَكانَ عليه فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذلكَ إذَا وَضَعَهَا في الحَلَالِ كانَ له أَجْرٌ.
الراوي : أبو ذر الغفاري | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 1006 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

كان الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عنهم لِشدَّةِ حِرصِهم على الأَعمالِ الصَّالحةِ، وقوَّةِ رَغبتِهم في الخيرِ؛ يَحزَنونَ على ما يَتعذَّرُ عَليهم فِعلُه مِنَ الخَيرِ ممَّا يَقدِرُ عليهِ غَيرُهم، فَكانَ الفُقراءُ يَحزَنونَ على فَواتِ الصَّدقةِ بالأَموالِ الَّتي يَقدِرُ عَليها الأَغنياءُ، ويَحزَنونَ على التَّخلُّفِ عنِ الخُروجِ في الجِهادِ؛ لِعدمِ القُدرةِ على آلتِه، كَما قالَ تعالَى: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ} [التوبة: 92].
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ الصَّحابيُّ الجَليلُ أَبو ذرٍّ الغِفاريُّ رَضِي اللهُ عنه أنَّ ناسًا مِن فُقراءِ أَصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، قالوا للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: «يا رَسولَ اللهِ، ذَهبَ أَهلُ الدُّثُورِ بالأُجورِ»، أي: استَأثَر أَصحابُ الأَموالِ الكثيرةِ بمَزيدٍ مِن الأجرِ مِن اللهِ سُبحانه، وأَخَذوهَا عنَّا ممَّا يَحصُلُ لَهم مِن أَجرِ الصَّدقةِ بأَموالِهم، «يُصلُّون كَما نُصلِّي، ويَصومونَ كَما نَصومُ، ويَتصدَّقونَ بفُضولِ أَموالِهم»؛ وهذِه شَكْوَى غِبطةٍ، لا شَكوى حَسدٍ، وَلا اعتِراضٍ على اللهِ عزَّ وجلَّ، ولَكنْ يَطلُبونَ فَضلًا يَتميَّزونَ به عمَّن أَغناهُم اللهُ؛ فتَصدَّقوا بفائضِ أَموالِهم، فَدلَّهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم على صَدقاتٍ يَقدِرونَ عَليها، فَقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: «أوَليسَ قدْ جَعَلَ اللهُ لَكُم ما تَصَّدَّقونَ؟!»، أي: تتَصَّدَّقونَ به، «إنَّ بكُلِّ تَسبيحةٍ صَدقةً»، أي: قَولِ: سُبحانَ اللهِ، يَحتسِبُ عليه أجْرًا صَدقةٌ للمُسبِّحِ، «وكُلِّ تَكبيرةٍ صَدقةً»، أي: قَولِ: اللهُ أَكبرُ، «وكُلِّ تَحميدَةٍ صَدَقةً»، أي: قَولِ: الحَمدُ للهِ، «وكُلِّ تَهليلَةٍ صَدقةً»، أي: قَولِ: لا إِلَهَ إلَّا اللهُ، «وأمرٌ بالمَعروفِ صَدَقةٌ» يَحتسِبُ عليه أجرًا، والمعروفُ: اسمٌ جامعٌ لكلِّ ما عُرِف مِن طاعةِ اللهِ تعالَى، والإحسانِ إلى النَّاسِ. «ونهيٌ عن مُنكَرٍ» يَحتسِبُ عليه أجرًا «صَدقةٌ» للنَّاهي، والمنكَرُ: هو كلُّ ما قَبُح مِنَ الأفعالِ والأقوالِ وأدَّى إلى مَعصيةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وهو اسمٌ شاملٌ لجميعِ أبوابِ الشَّرِّ. ثُمَّ أخبَرَهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنَّ الرَّجلَ إذا أَتى امرأَتَه -وهو كِنايةٌ عن جِماعِ الرَّجلِ زَوجتَه ومُعاشرتِها- فإنَّ ذلكَ يكونُ صَدقةً، فتَعجَّبوا، وَقالوا: يا رسولَ اللهِ، أَيَأتي أَحدُنا شَهوتَه مِن الجماعِ، ويَكونُ لَه فيها أَجرٌ؟! فَقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: «أَرأيتُم لَو وَضعَها في حَرامٍ، أكانَ عليه فيها وِزرٌ؟» يَعني: لَو زَنى ووَضَعَ الشَّهوةَ في الحَرامِ؛ هلْ يَكونُ عَليهِ إثمٌ وعُقوبةٌ؟ فكَذلكَ إذا وَضَعَها في الحَلالِ كانَ له أَجرٌ؛ فإنَّ المُباحاتِ تَصيرُ طاعاتٍ بالنِّيَّاتِ الصَّادقاتِ.
وفي رِوايةٍ لمُسلمٍ عن أبي هُرَيرةَ رَضِي اللهُ عنه: «فرجَعَ فُقراءُ المهاجرينَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، فقالوا: سَمِعَ إخوانُنا أهلُ الأموالِ بما فعَلْنا، ففَعَلوا مِثلَه، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: ذلك فضْلُ اللهِ يُؤتيهِ مَن يَشاءُ».
وفي الحَديثِ: أنَّ الرَّجلَ إذا استَغنَى بالحَلالِ عنِ الحَرامِ كانَ له بِهذا الِاستِغناءِ أَجرٌ.
وفيه: بيانُ أنَّ كلَّ نوعٍ مِن المعروفِ صِدقةٌ.
وفيه: بيانُ فَضيلةِ التَّسبيحِ، وسائرِ الأذكارِ، والأمرِ بالمعروفِ، والنَّهيِ عن المنكَرِ، واستحضارِ النِّيَّةِ في المُباحاتِ.
وفيه: ذِكرُ العالِمِ دليلًا لبعضِ المسائلِ الَّتي تَخْفَى.
وَفيه: ضَربُ المَثلِ والقَياسِ؛ لِيَكونَ أَوضَحَ وأَوقَعَ في نَفسِ السَّامعِ.