مؤسسة الدرر السنية
  • الرئيسة
  • التعريف بالموقع
    • التعريف بالمؤسسة
    • سجل زوار المؤسسة
    • لماذا الدرر السنية؟
    • أقسام الموقع
    • الدرر السنية في وسائل الإعلام
  • الموسوعات
    • موسوعة التفسير
    • الموسوعة الحديثية
    • الموسوعة العقدية
    • موسوعة الأديان
    • موسوعة الفرق
    • المذاهب الفكرية
    • الموسوعة الفقهية
    • الأحاديث المنتشرة
    • موسوعة الأخلاق
    • الموسوعة التاريخية
  • الصفحات المتجددة
    • مقالات وبحوث
    • نفائس الموسوعات
    • قراءة في كتاب
    • شارك معنا
  • صفحات متنوعة
    • إصداراتنا
    • مداد المشرف
    • تطبيقات الجوال
    • الأرشيف
    • راسلنا
  • معلمة الدرر
  • Dorar - English
الدرر السنية

المشرف العام/

الشيخ علوي بن عبدالقادر السقاف
لجنة الإشراف العلمي منهج العمل في الموسوعات
لجنة الإشراف العلمي منهج العمل في الموسوعات
المتجر التعريف بالموقع مداد المشرف
لجنة الإشراف العلمي

تقوم اللجنة باعتماد منهجيات الموسوعات وقراءة
بعض مواد الموسوعات للتأكد من تطبيق المنهجية

الشيخ هتلان بن علي الهتلان

قاضي بمحكمة الاستئناف بالدمام

الشيخ أسامة بن حسن الرتوعي

المستشار العلمي بمؤسسة الدرر السنية

الشيخ الدكتور حسن بن علي البار

عضو الهيئة التعليمية بالكلية التقنية

الشيخ الدكتور منصور بن حمد العيدي

الأستاذ بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل

منهج العمل في الموسوعات

موسوعة التفسير

منهج العمل في الموسوعة

راجع الموسوعة

الشيخ الدكتور خالد بن عثمان السبت

أستاذ التفسير بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل

الشيخ الدكتور أحمد سعد الخطيب

أستاذ التفسير بجامعة الأزهر

اعتمد المنهجية

بالإضافة إلى المراجعَين

الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري

أستاذ التفسير بجامعة الملك سعود

الشيخ الدكتور مساعد بن سليمان الطيار

أستاذ التفسير بجامعة الملك سعود

الشيخ الدكتور منصور بن حمد العيدي

أستاذ التفسير بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل

الموسوعة الحديثية

منهج العمل في الموسوعة

الموسوعة العقدية

منهج العمل في الموسوعة

موسوعة الأديان

منهج العمل في الموسوعة

موسوعة الفرق

منهج العمل في الموسوعة

موسوعة المذاهب الفكرية

منهج العمل في الموسوعة

الموسوعة الفقهية

منهج العمل في الموسوعة

تم اعتماد المنهجية من
الجمعية الفقهية السعودية
برئاسة الشيخ الدكتور
سعد بن تركي الخثلان
أستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود
عضو هيئة كبار العلماء (سابقاً)

موسوعة الأخلاق

منهج العمل في الموسوعة

الموسوعة التاريخية

منهج العمل في الموسوعة

راجع الموسوعة

الأستاذُ صالحُ بنُ يوسُفَ المقرِن

باحثٌ في التَّاريخ الإسْلامِي والمُعاصِر
ومُشْرِفٌ تربَويٌّ سابقٌ بإدارة التَّعْليم

الأستاذُ الدُّكتور سعدُ بنُ موسى الموسى

أستاذُ التَّاريخِ الإسلاميِّ بجامعةِ أُمِّ القُرى

الدُّكتور خالِدُ بنُ محمَّد الغيث

أستاذُ التَّاريخِ الإسلاميِّ بجامعةِ أمِّ القُرى

الدُّكتور عبدُ اللهِ بنُ محمَّد علي حيدر

أستاذُ التَّاريخِ الإسلاميِّ بجامعةِ أمِّ القُرى

الموسوعة الحديثية

  1. الرئيسة
  2. الموسوعة الحديثية
  3. شروح الأحاديث

- عن ابن عباس قال: لم أزل حريصا على أن أسأل عمر بن الخطاب رضي اللهُ عنه عن المرأتين من أزواج النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اللتين قال الله تعالى: إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما حتى حج عمر رضي اللهُ عنه وحججت معه فلما كنا ببعض الطريق عدل عمر رضي اللهُ عنه وعدلت معه بالأداوة فتبرز ثم أتاني فسكبت على يديه فتوضأ فقلت: يا أمير المؤمنين من المرأتان من أزواج النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اللتان قال الله تعالى إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما فقال عُمَرُ رضي اللهُ عنه واعجبا لك يا ابن عباس قال الزهري كره والله ما سأله عنه ولم يكتمه عنه قال هي حفصة وعائشة قال ثم أخذ يسوق الحديث قال: كنا معشر قريش قوما نغلب النساء فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم قال: وكان منزلي في بني أمية بن زيد بالعوالي قال فتغضبت يوما على امرأتي فإذا هي تراجعني فأنكرت أن تراجعني فقالت: ما تنكر أن أراجعك فوالله إن أزواج النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل قال: فانطلقت فدخلت على حفصة فقلت: أتراجعين رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالت: نعم قلت وتهجره إحداكن اليوم إلى الليل قالت نعم قلت قد خاب من فعل ذلك وخسر أفتأمن إحداكن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله فإذا هي قد هلكت لا تراجعي رسول اللهِ ولا تسأليه شيئا وسليني ما بدا لك ولا يغرنك إن كانت جارتك هي أوسم وأحب إلى رسولِ اللهِ منك يريد عائشة رضي اللهُ عنها قال: وكان لي جار من الأنصار وكنا نتناوب النزول إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فينزل يوما وأنزل يوما فيأتيني بخبر الوحي وغيره وآتيه بمثل ذلك قال وكنا نتحدث أن غسان تنعل الخيل لتغزونا فنزل صاحبي يوما ثم أتاني عشاء فضرب بابي ثم ناداني فخرجت إليه فقال: حدث أمر عظيم قلت: وماذا أجاءت غسان قال لا بل أعظم من ذلك وأطول طلق الرسول نساءه قلت قد خابت حفصة وخسرت قد كنت أظن هذا كائنا حتى إذا صليت الصبح شددت علي ثيابي ثم نزلت فدخلت على حفصة وهي تبكي فقلت: أطلقكن رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقالت: لا أدري هو هذا معتزل في هذه المشربة فأتيت غلاما له أسود فقلت: استأذن لعمر فدخل الغلام ثم خرج إلي فقال: قد ذكرتك له فصمت فانطلقت حتى أتيت المنبر فإذا عنده رهط جلوس يبكي بعضهم فجلست قليلا ثم غلبني ما أجد فأتيت الغلام فقلت: استأذن لعمر فدخل الغلام ثم خرج علي فقال: قد ذكرتك له فصمت فخرجت فجلست إلى المنبر ثم غلبني ما أجد فأتيت الغلام فقلت: استأذن لعمر فدخل ثم خرج إلي فقال: قد ذكرتك له فصمت فخرجت فجلست إلى المنبر ثم غلبني ما أجد فأتيت الغلام فقلت استأذن لعمر فدخل ثم خرج إلي فقال قد ذكرتك له فصمت فوليت مدبرا فإذا الغلام يدعوني فقال: ادخل فقد أذن لك فدخلت فسلمت على رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فإذا هو متكئ على رمل حصير وحدثنا يعقوب في حديث صالح قال: رمال حصير قد أثر في جنبه فقلت: أطلقت يا رسولَ اللهِ نساءك فرفع رأسه إلي وقال: لا فقلت الله أكبر لو رأيتنا يا رسولَ اللهِ وكنا معشر قريش قوما نغلب النساء فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم فتغضبت على امرأتي يوما فإذا هي تراجعني فأنكرت أن تراجعني فقالت: ما تنكر أن أراجعك فوالله إن أزواج رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل فقلت: قد خاب من فعل ذلك منهن وخسر أفتأمن إحداهن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله فإذا هي قد هلكت فتبسم رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقلت: يا رسولَ اللهِ فدخلت على حفصة فقلت: لا يغرك إن كانت جارتك هي أوسم وأحب إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم منك فتبسم أخرى فقلت: استأنس يا رسولَ اللهِ قال: نعم فجلست فرفعت رأسي في البيت فوالله ما رأيت فيه شيئا يرد البصر إلا أهبة ثلاثة فقلت: ادع يا رسولَ اللهِ أن يوسع على أمتك فقد وسع على فارس والروم وهم لا يعبدون الله فاستوى جالسا ثم قال: أفي شك أنت يا ابن الخطاب أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا فقلت: استغفر لي يا رسولَ اللهِ وكان أقسم أن لا يدخل عليهن شهرا من شدة موجدته عليهن حتى عاتبه الله عزَّ وجَلَّ

الراوي : عمر بن الخطاب | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : مسند أحمد

الصفحة أو الرقم: 1/120 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح


- عن ابن عباس قال: لم أزل حريصا على أن أسأل عمر بن الخطاب رضي اللهُ عنه عن المرأتين من أزواج النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اللتين قال الله تعالى: إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما حتى حج عمر رضي اللهُ عنه وحججت معه فلما كنا ببعض الطريق عدل عمر رضي اللهُ عنه وعدلت معه بالأداوة فتبرز ثم أتاني فسكبت على يديه فتوضأ فقلت: يا أمير المؤمنين من المرأتان من أزواج النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اللتان قال الله تعالى إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما فقال عُمَرُ رضي اللهُ عنه واعجبا لك يا ابن عباس قال الزهري كره والله ما سأله عنه ولم يكتمه عنه قال هي حفصة وعائشة قال ثم أخذ يسوق الحديث قال: كنا معشر قريش قوما نغلب النساء فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم قال: وكان منزلي في بني أمية بن زيد بالعوالي قال فتغضبت يوما على امرأتي فإذا هي تراجعني فأنكرت أن تراجعني فقالت: ما تنكر أن أراجعك فوالله إن أزواج النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل قال: فانطلقت فدخلت على حفصة فقلت: أتراجعين رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالت: نعم قلت وتهجره إحداكن اليوم إلى الليل قالت نعم قلت قد خاب من فعل ذلك وخسر أفتأمن إحداكن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله فإذا هي قد هلكت لا تراجعي رسول اللهِ ولا تسأليه شيئا وسليني ما بدا لك ولا يغرنك إن كانت جارتك هي أوسم وأحب إلى رسولِ اللهِ منك يريد عائشة رضي اللهُ عنها قال: وكان لي جار من الأنصار وكنا نتناوب النزول إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فينزل يوما وأنزل يوما فيأتيني بخبر الوحي وغيره وآتيه بمثل ذلك قال وكنا نتحدث أن غسان تنعل الخيل لتغزونا فنزل صاحبي يوما ثم أتاني عشاء فضرب بابي ثم ناداني فخرجت إليه فقال: حدث أمر عظيم قلت: وماذا أجاءت غسان قال لا بل أعظم من ذلك وأطول طلق الرسول نساءه قلت قد خابت حفصة وخسرت قد كنت أظن هذا كائنا حتى إذا صليت الصبح شددت علي ثيابي ثم نزلت فدخلت على حفصة وهي تبكي فقلت: أطلقكن رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقالت: لا أدري هو هذا معتزل في هذه المشربة فأتيت غلاما له أسود فقلت: استأذن لعمر فدخل الغلام ثم خرج إلي فقال: قد ذكرتك له فصمت فانطلقت حتى أتيت المنبر فإذا عنده رهط جلوس يبكي بعضهم فجلست قليلا ثم غلبني ما أجد فأتيت الغلام فقلت: استأذن لعمر فدخل الغلام ثم خرج علي فقال: قد ذكرتك له فصمت فخرجت فجلست إلى المنبر ثم غلبني ما أجد فأتيت الغلام فقلت: استأذن لعمر فدخل ثم خرج إلي فقال: قد ذكرتك له فصمت فخرجت فجلست إلى المنبر ثم غلبني ما أجد فأتيت الغلام فقلت استأذن لعمر فدخل ثم خرج إلي فقال قد ذكرتك له فصمت فوليت مدبرا فإذا الغلام يدعوني فقال: ادخل فقد أذن لك فدخلت فسلمت على رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فإذا هو متكئ على رمل حصير وحدثنا يعقوب في حديث صالح قال: رمال حصير قد أثر في جنبه فقلت: أطلقت يا رسولَ اللهِ نساءك فرفع رأسه إلي وقال: لا فقلت الله أكبر لو رأيتنا يا رسولَ اللهِ وكنا معشر قريش قوما نغلب النساء فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم فتغضبت على امرأتي يوما فإذا هي تراجعني فأنكرت أن تراجعني فقالت: ما تنكر أن أراجعك فوالله إن أزواج رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل فقلت: قد خاب من فعل ذلك منهن وخسر أفتأمن إحداهن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله فإذا هي قد هلكت فتبسم رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقلت: يا رسولَ اللهِ فدخلت على حفصة فقلت: لا يغرك إن كانت جارتك هي أوسم وأحب إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم منك فتبسم أخرى فقلت: استأنس يا رسولَ اللهِ قال: نعم فجلست فرفعت رأسي في البيت فوالله ما رأيت فيه شيئا يرد البصر إلا أهبة ثلاثة فقلت: ادع يا رسولَ اللهِ أن يوسع على أمتك فقد وسع على فارس والروم وهم لا يعبدون الله فاستوى جالسا ثم قال: أفي شك أنت يا ابن الخطاب أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا فقلت: استغفر لي يا رسولَ اللهِ وكان أقسم أن لا يدخل عليهن شهرا من شدة موجدته عليهن حتى عاتبه الله عزَّ وجَلَّ. الراوي: عمر بن الخطاب | المحدث: أحمد شاكر | المصدر: مسند أحمد الصفحة أو الرقم: 1/120 خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

مَكَثْتُ سَنَةً أُرِيدُ أنْ أسْأَلَ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ عن آيَةٍ، فَما أسْتَطِيعُ أنْ أسْأَلَهُ هَيْبَةً له، حتَّى خَرَجَ حَاجًّا فَخَرَجْتُ معهُ، فَلَمَّا رَجَعْنَا وكُنَّا ببَعْضِ الطَّرِيقِ عَدَلَ إلى الأرَاكِ لِحَاجَةٍ له، قالَ: فَوَقَفْتُ له حتَّى فَرَغَ ثُمَّ سِرْتُ معهُ، فَقُلتُ: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ مَنِ اللَّتَانِ تَظَاهَرَتَا علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن أزْوَاجِهِ؟ فَقالَ: تِلكَ حَفْصَةُ وعَائِشَةُ، قالَ: فَقُلتُ: واللَّهِ إنْ كُنْتُ لَأُرِيدُ أنْ أسْأَلَكَ عن هذا مُنْذُ سَنَةٍ، فَما أسْتَطِيعُ هَيْبَةً لَكَ، قالَ: فلا تَفْعَلْ ما ظَنَنْتَ أنَّ عِندِي مِن عِلْمٍ فَاسْأَلْنِي، فإنْ كانَ لي عِلْمٌ خَبَّرْتُكَ به، قالَ: ثُمَّ قالَ عُمَرُ: واللَّهِ إنْ كُنَّا في الجَاهِلِيَّةِ ما نَعُدُّ لِلنِّسَاءِ أمْرًا، حتَّى أنْزَلَ اللَّهُ فِيهِنَّ ما أنْزَلَ، وقَسَمَ لهنَّ ما قَسَمَ، قالَ: فَبيْنَا أنَا في أمْرٍ أتَأَمَّرُهُ، إذْ قالتِ امْرَأَتِي: لو صَنَعْتَ كَذَا وكَذَا، قالَ: فَقُلتُ لَهَا: ما لَكَ، ولِما هَا هُنَا وفيمَ تَكَلُّفُكِ في أمْرٍ أُرِيدُهُ، فَقالَتْ لِي: عَجَبًا لكَ يا ابْنَ الخَطَّابِ، ما تُرِيدُ أنْ تُرَاجَعَ أنْتَ وإنَّ ابْنَتَكَ لَتُرَاجِعُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى يَظَلَّ يَومَهُ غَضْبَانَ، فَقَامَ عُمَرُ فأخَذَ رِدَاءَهُ مَكَانَهُ حتَّى دَخَلَ علَى حَفْصَةَ، فَقالَ لَهَا: يا بُنَيَّةُ إنَّكِ لَتُرَاجِعِينَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى يَظَلَّ يَومَهُ غَضْبَانَ، فَقالَتْ حَفْصَةُ: واللَّهِ إنَّا لَنُرَاجِعُهُ، فَقُلتُ: تَعْلَمِينَ أنِّي أُحَذِّرُكِ عُقُوبَةَ اللَّهِ، وغَضَبَ رَسولِهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، يا بُنَيَّةُ لا يَغُرَّنَّكِ هذِه الَّتي أعْجَبَهَا حُسْنُهَا حُبُّ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إيَّاهَا - يُرِيدُ عَائِشَةَ - قالَ: ثُمَّ خَرَجْتُ حتَّى دَخَلْتُ علَى أُمِّ سَلَمَةَ لِقَرَابَتي منها، فَكَلَّمْتُهَا فَقالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: عَجَبًا لكَ يا ابْنَ الخَطَّابِ، دَخَلْتَ في كُلِّ شيءٍ حتَّى تَبْتَغِيَ أنْ تَدْخُلَ بيْنَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَزْوَاجِهِ، فأخَذَتْنِي واللَّهِ أخْذًا كَسَرَتْنِي عن بَعْضِ ما كُنْتُ أجِدُ، فَخَرَجْتُ مِن عِندِهَا، وكانَ لي صَاحِبٌ مِنَ الأنْصَارِ إذَا غِبْتُ أتَانِي بالخَبَرِ، وإذَا غَابَ كُنْتُ أنَا آتِيهِ بالخَبَرِ، ونَحْنُ نَتَخَوَّفُ مَلِكًا مِن مُلُوكِ غَسَّانَ، ذُكِرَ لَنَا أنَّه يُرِيدُ أنْ يَسِيرَ إلَيْنَا، فَقَدِ امْتَلَأَتْ صُدُورُنَا منه، فَإِذَا صَاحِبِي الأنْصَارِيُّ يَدُقُّ البَابَ، فَقالَ: افْتَحِ افْتَحْ فَقُلتُ: جَاءَ الغَسَّانِيُّ، فَقالَ: بَلْ أشَدُّ مِن ذلكَ، اعْتَزَلَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أزْوَاجَهُ، فَقُلتُ: رَغَمَ أنْفُ حَفْصَةَ وعَائِشَةَ، فأخَذْتُ ثَوْبِي فأخْرُجُ حتَّى جِئْتُ فَإِذَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في مَشْرُبَةٍ له يَرْقَى عَلَيْهَا بعَجَلَةٍ، وغُلَامٌ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أسْوَدُ علَى رَأْسِ الدَّرَجَةِ، فَقُلتُ له: قُلْ: هذا عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ فأذِنَ لِي، قالَ عُمَرُ: فَقَصَصْتُ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هذا الحَدِيثَ، فَلَمَّا بَلَغْتُ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ تَبَسَّمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وإنَّه لَعَلَى حَصِيرٍ ما بيْنَهُ وبيْنَهُ شيءٌ، وتَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مِن أدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، وإنَّ عِنْدَ رِجْلَيْهِ قَرَظًا مَصْبُوبًا، وعِنْدَ رَأْسِهِ أهَبٌ مُعَلَّقَةٌ، فَرَأَيْتُ أثَرَ الحَصِيرِ في جَنْبِهِ فَبَكَيْتُ، فَقالَ: ما يُبْكِيكَ؟ فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ إنَّ كِسْرَى وقَيْصَرَ فِيما هُما فِيهِ، وأَنْتَ رَسولُ اللَّهِ، فَقالَ: أما تَرْضَى أنْ تَكُونَ لهمُ الدُّنْيَا ولَنَا الآخِرَةُ.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 4913 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

رُبَّما كان مِنْ نِساءِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَنْ يَقَعُ منها في حَقِّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كزَوجٍ مِثْلُ ما يَقَعُ مِنَ النِّساءِ في حَقِّ أزواجِهِنَّ مِنَ الغَيْرَةِ والمُضايَقاتِ وما شابَه، وفي هذا الحديثِ يَحكي عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنه فيقولُ: "مَكَثْتُ"، أي: انتظَرْتُ، "سَنَةً أُريدُ أنْ أسألَ عمرَ بنَ الخطابِ عن آيةٍ، فمَا أَستطيعُ أنْ أسأَلَهُ؛ هَيْبَةً لهُ"، أي: إنَّ سَبَبَ ذلك هو الخوفُ من عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنه وإجْلالُهُ وتَوْقيرُهُ، ومعرِفَةُ قَدْرِهِ، وتعظيمُ مَقامِهِ، مع صِغَرِ سِنِّ ابنِ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما، "حتَّى خرَجَ حاجًّا، فخرَجْتُ معَهُ، فلمَّا رجَعْتُ" أي: انتهَوْا من حَجَّتِهم راجعينَ إلى المدينةِ، "وكُنَّا ببعضِ الطَّريقِ، عَدَلَ"، أي: مالَ عمرُ رضِيَ اللهُ عنه وتنحَّى، وقيل: إنَّهما كانا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، وهو مَوْضِعٌ قريبٌ من مَكَّةَ، "إلى الأَرَاكِ لحاجةٍ لهُ"، أي: لِقضاءِ حاجتِهِ من بولٍ أو غائِطٍ، والأَراكُ هو الشَّجرُ الَّذي يُتَّخذُ منه السِّوَاكُ، قالَ ابْنُ عبَّاسٍ: "فوَقفْتُ لهُ حتَّى فَرَغَ"، أي: انتهى من قَضاءِ حاجتِهِ، "ثمَّ سِرْتُ معهُ، فقُلْتُ: يا أميرَ المؤمنينَ، مَنِ اللَّتانِ تَظَاهَرَتَا على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مِنْ أزواجِهِ"، أي: تَعاوَنَتا عليه مِنْ شِدَّةِ الغَيْرَةِ حتَّى أَساءَ ذلك إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟ فقالَ عمرُ رضِيَ اللهُ عنه: "تلكَ حفْصَةُ وعائشةُ"، قالَ ابنُ عبَّاسٍ: "فقُلْتُ: واللهِ إنْ كنْتُ لَأُريدُ أنْ أسألَكَ عن هذا مُنْذُ سَنَةٍ، فمَا أَستطيعُ؛ هيبةً لكَ"! أي: يمنَعُني عن هذا السُّؤالِ مع شِدَّةِ حِرْصي عليه الخوفُ منك ومَهابَتُكَ، قالَ عمرُ: "فَلا تفعَلْ"، أي: فَلا يَمْنَعَنَّكَ الخوفُ والمهابةُ عَنِ السُّؤالِ، "ما ظنَنْتَ أنَّ عِندي من عِلْمٍ فاسْأَلْني"، أي: إذا ما عَلِمْتَ أنَّ عِندي عِلْمًا لِمَا تُريدُ فاعرِضْ عليَّ سؤالَكَ، "فإنْ كانَ لي عِلمٌ خبَّرتُكَ بهِ"، أي: أجبْتُكَ وعرَضْتُ عليك ما عِندي، وهذا تَشجيعٌ من عمرَ لابنِ عبَّاسٍ ألَّا يجعَلَ شيئًا يمنعُهُ عن السُّؤالِ وطَلَبِ العِلْمِ.
قالَ ابنُ عبَّاسٍ: "ثمَّ قالَ عمرُ"، أي: سَارِدًا لِقِصَّةِ عائشةَ وحَفْصَةَ وما كان من خبرِهِما مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "واللهِ إنْ كنَّا في الجاهِليَّة ما نَعُدُّ للنِّساءِ أمْرًا"، أي: لم يكُنْ لَهُنَّ شأْنٌ، "حتَّى أنزَلَ اللهُ فيهنَّ ما أنْزَلَ"، أي: ما كان من وَصِيَّةٍ مِنَ اللهِ عزَّ وجلَّ بمُعاشَرَتِهِنَّ بالمعروفِ والإحسانِ إليهِنَّ، "وقَسَمَ لَهُنَّ ما قَسَمَ"، أي: مِنَ النَّفقةِ والميراثِ الَّذي لم يكُنْ لَهُنَّ حَقٌّ فيه في الجاهليَّةِ، قالَ عمرُ: "فبَيْنَا أنَا في أمْرٍ أَتَأَمَّرُهُ"، أي: مشغولٌ بالتَّفكُّرِ فيه، "إذْ قالتِ امْرأتِي: لو صَنَعْتَ كذا وكذا"، أي: تَعرِضُ عليه رأيَها ومَشورتَها فيه، فقُلْتُ لهَا: "ما لَكِ ولمَا ها هنا فيما تَكَلُّفُكِ في أمرٍ أريدُهُ؟" أي: ما بالُكِ تتدخَّلينَ فيما ليس من شأْنِكِ مِمَّا أُفكِّرُ فيه، فقالَتْ لي: "عَجَبًا لكَ يا ابنَ الخطَّابِ! ما تُريدُ أنْ تُرَاجَعَ أنتَ؟" أي: تَستنكِرُ ما رَدَّ به عليها، وإنكارَهُ عليها أنْ تُراجِعَهُ في أمْرِهِ وتُشاوِرَهُ فيه وتَعرِضَ عليه رأيَها، "وإنَّ ابْنَتَكَ لَتُرَاجِعُ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ"، أي: تَحتَجُّ بفِعْلِ حَفصةَ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "حتَّى يظلَّ يَوْمَهُ غضبانَ"، أي: حتَّى يَبقى سائِرَ يومِهِ في غَضَبٍ ممَّا تفعَلُهُ حَفصةُ، قال ابنُ عبَّاس: "فقامَ عمرُ، فأخذَ رِداءَهُ مكانَهُ"، وفي هذا إشارةٌ إلى سُرعتِهِ في الذَّهابِ إلى حَفصةَ بعدَما سمِع ما قالَتْ زوجتُهُ عنها، "حتَّى دخَلَ على حفصةَ فقالَ لها: يا بُنَيَّةُ، إنَّكِ لَتُراجِعينَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم حتَّى يظلَّ يومَهُ غضبانَ؟!" أي: يُريدُ أنْ يَتَثَبَّتَ ممَّا قالَتْهُ فيها زوجتُهُ، فقالَتْ حَفْصَةُ: "واللهِ إنَّا لَنُراجِعُه"، أي: إنَّنا- أزواجَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم- نُراجِعُه، وليسَتْ حفصةُ وَحْدَها، فجعَلَ عمرُ رضِيَ اللهُ عنه ينصَحُها ويُبْعِدُها عن مِثْلِ هذا التَّصرُّفِ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال عمرُ: "فقُلْتُ: تَعلَمِينَ أنِّي أُحَذِّرُكِ عقوبَةَ اللهِ، وغَضَبَ رسولِهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، يا بُنَيَّةُ، لا تَغُرَّنَّكِ"، أي: لا تُجَرِّئَنَّكِ، "هذِهِ الَّتي أَعْجَبَها حُسْنُها حُبُّ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّم إيَّاهَا- يُريدُ عائشَةَ-"، أي: بما لها مِن حَظٍّ وحُبٍّ عِند رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قالَ عمرُ: "ثمَّ خرجْتُ"، أي: من عِند حفصةَ، "حتَّى دخَلْتُ على أمِّ سَلَمَةَ؛ لِقَرابَتي منها"، قيل: إنَّ أمَّ عمرَ كانتْ مَخْزومِيَّةً كأُمِّ سَلَمَةَ، وهي بِنْتُ عَمِّ أُمِّهِ، "فَكَلَّمْتُهَا"، أي: في هذا الشَّأنِ ومُراجَعَتِهِنَّ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالَتْ أمُّ سَلَمَةَ زوجُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "عَجَبًا لكَ يا ابنَ الخطَّابِ، دخَلْتَ في كلِّ شيءٍ"، أي: في أُمورِ النَّاسِ، وذلك أنَّ عمرَ رضِيَ اللهُ عنه كان يُعْرَفُ بكثرةِ ما يَقترِحُ به على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في شؤونِ العامَّةِ والخاصَّةِ، حتَّى إنَّ نِساءَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كُنَّ يَهَبْنَهُ وَيَخْشَيْنَهُ، "حتَّى تَبْتَغِيَ"، أي: تُريدَ، "أنْ تدخُلَ بينَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم وأزواجِهِ"، أي: تتدخَّلَ في شؤونِهِ الَّتي مع زوجاتِهِ! قال عمرُ: "فأَخَذَتْنِي واللهِ أَخْذًا"، أي: أَوْقَفَتْهُ ومنعتْهُ أنْ يُكْمِلَ نُصحَهُ لها، "كَسَرتْنِي عن بعضِ ما كنتُ أجدُ"، أي: صرفَتْني عمَّا كان بي من غَضَبٍ، وأخذتني بلِسانها أخذًا دفَعَني عن مَقصِدي وكلامِي. "فخرجْتُ من عِنْدِها"، أي: من عِند أُمِّ سلمةَ، قال عُمرُ: "وكانَ لي صاحبٌ مِنَ الأنصارِ"، قيل: هو أَوْسُ بنُ خَوْلِيٍّ، وقيل: هو عِتْبانُ بنُ مالِكٍ، "إذا غِبْتُ"، أي: عن مجلِسِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "أتانِي بالخَبَرِ"، أي: بما كان من أخبارٍ من عِنْدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنَ الوَحْيِ وغيرِ ذلك، "وإذا غَابَ، كنتُ أنَا آتِيهِ بالخبرِ"، وذلك أنَّ الصَّحابةَ رضِيَ اللهُ عنهم كانوا يَتَناوَبونَ معًا على مجالِسِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَمَّا كانتْ أشغالُهم تَصرِفُهم عن حُضورِ بعضِ تلك المجالِسِ، "ونحنُ نَتَخَوَّفُ مَلِكًا من ملوكِ غسَّانَ ذُكِرَ لنَا أنَّهُ يريدُ أنْ يسيرَ إلينَا"، أي: ربَّما يقَعُ منه غَزْوٌ للمدينةِ، وفي ذلك إشارةٌ إلى أنَّهم كانوا مُهْتَمِّينَ بمعرفةِ الأخبارِ، خاصَّةً أنَّ المدينةَ كانتْ في هذا الوقتِ مُهَدَّدَةً بالغَزْوِ، وغَسَّانُ قيل: اسمُ ماءٍ باليَمَنِ قُرْبَ سدِّ مأرِبَ، "فقدِ امتلأتْ صُدورُنَا منه"، أي: خوفًا من غَزْوِهِ لنا، "فإذا صَاحِبِيَ الأنصاريُّ يدُقُّ البابَ، فقالَ: افتحْ افتحْ"، أي: يَستعجِلُ عمرَ في الفَتْحِ؛ نَظَرًا لأهمِّيَّةِ ما معه من أخبارٍ، وقيل: إنَّه أتاه عِشاءً، فقلْتُ: "جاءَ الغسَّانيُّ؟" أي: يَسبِقُهُ عمرُ بالكلامِ بما هو مُتوقَّعٌ في مِثلِ تلك الظُّروفِ، فقالَ: "بلْ أشدُّ من ذلكَ"، أي: إنَّ الحدثَ أكبرُ ممَّا لو أتى مَلِكُ غسَّانَ، "اعتَزَلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أزواجَهُ"، أي: لا يدخُلُ عليهِنَّ، فقلْتُ: "رَغِمَ أَنْفُ حَفصةَ وعائشةَ"! أي: لَصِقَتْ أُنوفُهُمَا بالتُّرابِ، وقيل: إنَّه خصَّهما بالذِّكْرِ لِتَرَؤُّسِهما على هذا الأمرِ حتَّى أغضَبَ ذلك رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
قال عُمرُ: "فأخَذْتُ ثَوْبي فأَخْرُجُ حتَّى جِئْتُ"، أي: إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "فإذا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في مَشْرُبَةٍ لهُ"، والمَشرُبةُ: الغُرْفةُ، "يَرْقَى عليها بِعَجَلَةٍ"، أي: يصعَدُ لها بدَرَجَةٍ، "وغلامٌ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أَسْوَدُ"، قيل في رِوايةٍ: إنَّ اسمَهُ رَباحٌ، "على رأسِ الدَّرَجَةِ"، أي: يَقِفُ عليها، فقلتُ لهُ: "قلْ: هذا عمرُ بنُ الخطَّابِ"، أي: يطلُبُ الإذْنَ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "فأَذِنَ لي"، أي: فأذِنَ له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قالَ عمرُ: "فقَصَصْتُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هذا الحديثَ"، أي: ما سبَقَ منه مِن نُصْحٍ لابنتِهِ ولِأُمِّ سَلَمَةَ، "فلمَّا بلغْتُ حديثَ أمِّ سلَمَةَ"، أي: الَّذي ذَكَرَتْ له فيه أنَّه يتدخَّلُ في شأنِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مع أزواجِهِ، "تَبَسَّمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، والتَّبسُّمُ: الضَّحِكُ بلا صَوْتٍ، "وإنَّهُ لعَلى حَصِيرٍ ما بينَهُ وبينَهُ شيءٌ"، أي: مُضْطَجِعٌ عليه دونَ فَرْشٍ، والحَصيرُ: البِساطُ المَنْسوجُ من جَريدِ النَّخْلِ أو غيرِهِ، "وتحتَ رأسِهِ وِسادةٌ من أَدَمٍ"، أي: من جِلْدٍ مَدْبوغٍ، "حَشْوُهَا لِيفٌ، وإنَّ عِنْدَ رِجليْهِ قَرَظًا مَصْبُوبًا"، والقَرَظُ قيل: نَوْعٌ مِنَ الشَّجرِ يُدْبَغُ به الجُلودُ، والمُرادُ بَعْضُ ثَمَرِ القُرَظِ كان مَصْبوبًا أي: مُكَوَّمًا ومُجَمَّعًا عِند قَدَمِهِ، "وعِنْدَ رأسِهِ أَهَبٌ مُعَلَّقَةٌ"، والأَهَبُ: جَمْعُ إهابٍ، وهو الجِلْدُ غَيْرُ المَدْبوغِ، وهذا كلُّه كِنايةٌ عن رَثاثَةِ هيئةِ المكانِ الَّذي كان به النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وشِدَّةِ الحالِ الَّتي كان عليها النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، "فرأيْتُ أَثَرَ الحصيرِ"، أي: علامتَهُ، "في جَنْبِهِ، فَبَكَيْتُ"، أي: إشفاقًا على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالَ له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "ما يُبْكِيكَ؟" فقلتُ: "يا رسولَ اللهِ، إنَّ كِسْرَى وقَيْصَرَ فيما هُما فيهِ"، أي: الرَّفاهِيَةِ ونَعيمِ الدُّنيا، "وأنتَ رسولُ اللهِ"، أي: أنْتَ أَوْلَى منهم بهذا النَّعيمِ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "أمَا تَرْضَى أنْ تكونَ لهم"، أي: للكُفَّارِ، "الدُّنيا"، أي: نعيمُها الَّذي يَفْنَى ويَنْتَهي إمَّا بِمَوْتِ صاحبِهِ أو بزوالِ النَّعيمِ عنه أو بزوالِ الدُّنيا، "ولنَا"، أي: المُسلِمينَ، "الآخرةُ"، أي: نَعيمُها وما فيها من خُلودٍ وبَقاءٍ.
وفي رِوايةٍ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان قد أَقْسَمَ ألَّا يَدخُلَ على زوجاتِهِ شهْرًا، فلمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وعِشرونَ دخَلَ على عائِشَةَ...، وكان ذلك الشَّهْرُ تِسعًا وعِشرينَ، قالَتْ عائشةُ: فَأُنْزِلَتْ آيةُ التَّخْيِيرِ، فبدَأَ بي أوَّلَ امرأةٍ، فقال: "إنِّي ذاكِرٌ لكِ أمْرًا، ولا عليكِ ألَّا تَعْجَلي حتَّى تَسْتَأْمِري أَبَوَيْكِ"، قالَتْ: قد أَعلَمُ أنَّ أَبَوَيَّ لم يكونَا يأمُراني بفِراقِكَ.
قيل في بعضِ الرِّواياتِ: إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اعتزَلَ نِساءَهُ من أَجْلِ ما كان يشرَبُهُ من عَسَلٍ عِند زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، تقولُ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: "فَتَوَاصَيْتُ أنا وحَفْصَةُ: أنَّ أَيَّتَنا دخَلَ عليها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَلْتَقُلْ: إنِّي أَجِدُ مِنكَ ريحَ مَغافيرَ، أَكَلْتَ مَغافيرَ- والمَغافيرُ: صَمْغٌ حُلْوٌ له رائحةٌ كريهةٌ-، فدخَلَ على إِحْداهُمَا، فقالَتْ له ذلك، فقال: لا، بَلْ شرِبْتُ عسلًا عِند زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، ولَنْ أَعودَ له، فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] إلى {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ} [التحريم: 4] لعائشةَ وحَفْصَةَ، {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ} [التحريم: 3]؛ لقوله: بل شرِبْتُ عسلًا"، وقيل: السَّبَبُ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد وَطِئَ جارِيَتَهُ مارِيَةَ في بيتِ حَفصةَ، فعَرَفَتْ حفصةُ، فشَرَطَ عليها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ألَّا تُخْبِرَ عائشةَ، فأَفْشَتْ حَفصةُ سِرَّ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لعائشةَ، وقيل السَّبَبُ: مجموعُ ما كان مِنْهُنَّ من إغْضابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وليس حَدَثًا بِعَيْنِهِ.
وفي الحديثِ: حُسنُ خُلقِه صلَّى الله عليه وسلَّم وتَبسُّمه؛ إكرامًا لِمَن يتبسَّمُ إليه.
وفيه: بيانُ ما كان عِند ابنِ عبَّاسٍ مِنْ حِرْصٍ على التَّعلُّمِ، وبيانُ هَيبتِه لعُمرَ رضِي اللهُ عنه.
وفيه: مَنقبَةٌ ظاهرةٌ لعُمرَ رضِي اللهُ عنه.
وفيه: مَوعظةُ الرَّجُلِ ابنتَه، وإصلاحُ خُلقِها لزَوجِها.
وفيه: مشاورةُ المرأةِ الرَّشيدةِ لأبويها أو ذَوي الرَّأيِ مِن أهلِها في أمْرِ نفْسِها التي هي أحقُّ به مِن وليِّها. ( ).

شرح الحديث

  • الحرم المكي ومضاعفة الأجر فيه ...
  • مسابقة الدرر - جمادى الآخرة 1442
  • شراء نسخ pdf ...
  • dorar English ...
  • شارك معنا ...
  1. خدمة API للموسوعة الحديثية
  2. نافذة البحث فى الحديثية
  3. الأرشيف
  4. إصداراتنا
  5. راسلنا

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة الدرر السنية 1441 هــ