الموسوعة الحديثية


- [عن] أوسط البجلي عن أبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضيَ اللَّهُ عنهُ قالَ : سَمِعْتُهُ يخطبُ النَّاسَ ، وقالَ مرَّةً : حينَ استُخْلِفَ فقالَ: رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قامَ عامَ الأوَّلِ مقامي هذا وبَكَى أبو بَكْرٍ ، رضيَ اللَّهُ عنهُ ، فقالَ : أسألُ اللَّهَ العفوَ والعافيةَ ، فإنَّ النَّاسَ لم يُعطَوا بعدَ اليقينِ شيئًا خيرًا منَ العافيةِ ، وعليكم بالصِّدقِ ، فإنَّهُ في الجنَّةِ ، وإيَّاكم والكَذِبَ ، فإنَّهُ معَ الفُجورِ ، وَهُما في النَّارِ ، ولا تَقاطَعوا ولا تباغَضوا ، ولا تحاسَدوا ، ولا تدابَروا ، وَكونوا إخوانًا كما أمرَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
الراوي : أبو بكر الصديق | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : تخريج المسند لشاكر | الصفحة أو الرقم : 1/38
| التخريج : أخرجه ابن ماجه (3849)، والبخاري في ((الأدب المفرد)) (724) باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: آداب الكلام - الصدق وما جاء فيه آفات اللسان - الكذب وما جاء فيه رقائق وزهد - التوكل واليقين رقائق وزهد - الحسد طب - فضل العافية
|أصول الحديث

عن أبي بكرٍ حين قُبِضَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ يقولُ قام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ في مقامي هذا عامَ الأولِ ثم بكى أبو بكرٍ ثم قال عليكم بالصدقِ فإنَّهُ مع البِرِّ وهما في الجنةِ وإياكم والكذبُ فإنَّهُ مع الفجورِ وهما في النارِ وسلُوا اللهَ المعافاةَ فإنَّهُ لم يُؤْتَ أحدٌ بعد اليقينِ خيرًا من المعافاةِ ولا تَحاسَدُوا ولا تباغَضوا ولا تقاطَعوا ولا تدابَروا وكونوا عبادَ اللهِ إخوانًا
الراوي : أبو بكر الصديق | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه
الصفحة أو الرقم: 3118 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم حريصًا على إرشادِ أُمَّتِه إلى الأمورِ المهمَّةِ الَّتي فيها نفْعُهم في الدُّنيا والآخرَةِ؛ ومِن ذلك: وصيَّتُه للمسلِمين بالحِرصِ على الصِّدقِ مع اليَقينِ والبُعدِ عن الكذبِ، ووصيَّتُه بالتَّحابُبِ وعدَمِ التَّنافُرِ والخِلافِ.
وفي هذا الحديثِ تَوضيحٌ لبعضِ وَصايا النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في هذا الأمْرِ، وفيه يُخبِرُ أوسَطُ بنُ إسماعيلَ البَجَليُّ: "أنَّه سَمِع أبا بَكرٍ"، أي: في خُطبَتِه. وفي رِوايةِ التِّرمذيِّ: "قام أبو بَكرٍ الصِّدِّيقُ على المِنبَرِ ثمَّ بَكى"، قال أَوسَطُ: "حين قُبِض النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يقولُ: قام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في مَقامي هذا"، أي: قام خَطيبًا في النَّاسِ على هذا المِنبَرِ، "عامَ الأوَّلِ"، أي: مِن الهِجرةِ، "ثمَّ بَكى أبو بَكرٍ"، أي: بَكى مِن ذِكرِه النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "ثمَّ قال"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "علَيكم بالصِّدقِ"، أي: الْزَموه وداوِموا عليه، والصِّدقُ هو الإخبارُ على وَفقِ ما في الواقِع، وقولُ الحقِّ، وقد يُستعمَلُ في أفعالِ الجوارحِ نحوَ: صَدَقَ فلانٌ في القِتالِ: إذا أوفاه حقَّه؛ "فإنَّه مع البِرِّ"، والبِرُّ: اسمٌ جامِعٌ للخَيرِ كلِّه، ويَحتمِلُ أنَّ المرادَ بالبِرِّ العِبادةُ، "وهما في الجنَّةِ"، أي: الصِّدقُ مع البِرِّ يُدخِلان صاحِبَهما الجنَّةَ، "وإيَّاكم والكذِبَ"، أي: فاجتَنِبوه واحذَروا الوقوعَ فيه، والكذبُ هو قولُ الباطلِ، والإخبارُ على غيرِ ما هو في الواقعِ، وأعظَمُه: الكَذِبُ على اللهِ تعالى ورَسولِه صلَّى الله عليه وسلَّم، وثَمَّةَ كذِبٌ بالفِعلِ أيضًا، كفِعلِ الإنسان خلافَ ما يُبطِنُ؛ فالمنافق كاذب لأنَّه يُظهرُ إيمانَه، ولكنَّه ليس مؤمنًا في الباطنِ؛ "فإنَّه مع الفُجورِ"، أي: الخُروجِ عن الطَّاعةِ، والميلِ عن الاستِقامَةِ، "وهما في النَّارِ"؛ فالكذِبُ معَ الفُجورِ يُدخِلان صاحِبَهما النَّارَ.
ثُمَّ قال: "وسَلوا اللهَ المعافاةَ" اطلُبوا منه عزَّ وجلَّ أن يَمُنَّ عليكم بالمعافاةِ، وهي السَّلامةُ في الدِّينِ مِن الفِتنةِ، وفي البدَنِ مِن سيِّئِ الأسقامِ وشدَّةِ المِحنةِ، فهي بذلك أجَلُّ نِعَمِ اللهِ على عبدِه، فيتعيَّنُ مُراعاتُها وحِفظُها؛ "فإنَّه لم يؤتَ أحَدٌ بعدَ اليَقينِ"، أي: عِلمِ اليَقينِ وهو الإيمانُ والبَصيرةُ في الدِّينِ، وبه يَتِمُّ تَحقيقُ الإيمانِ بالغيبِ وإزالةُ كلِّ شَكٍّ أو رَيبٍ في جَنبِ اللهِ، "خيرًا مِن المُعافاةِ".
ثمَّ قال صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "ولا تَحاسَدوا"، والحسَدُ المذمومُ: هو أن يرَى أحدُهم النِّعمةَ في غَيرِه فيتمنّى زوالَها عنه، سواءٌ حصلتْ لنَفْسِه هو أو لا، "ولا تَباغَضوا"، أي: تُقدِّموا أسبابَ البُغضِ والكَراهيةِ بين بعضِكم البعضِ، "ولا تَقاطَعوا"، أي: لا يُقاطِعْ بعضُكم بعضًا، والتَّقاطُعُ ضدُّ الوَصلِ، "ولا تَدابَروا"، وهذا كِنايةٌ عن العَدواةِ، وهو تأكيدٌ للنَّهيِ عن المقاطَعةِ، وهذا نَهيٌ عن وُقوعِ هذه الشُّرورِ بين المسلمين؛ بحيثُ لا يَحسُدُ بعضُهم بعضًا ولا يَكرَهُ بعضُهم بعضًا، ولا يَقطَعون الأرحامَ والصِّلاتِ فيما بينهم، فيكونَ بينَهم التَّدابُرُ والمخالَفةُ بين القلوبِ، "وكُونوا عِبادَ اللهِ إخوانًا"؛ بأنْ يكونَ المسلِمُ أخًا حقيقيًّا لأخيه المسلِمِ؛ في المحبَّةِ والأُلفَةِ، وعدمِ التَّعرُّضِ له بالسُّوءِ، والدِّفاعِ عن عِرضِه، وغيرِ ذلك مِن مُقتَضَياتِ الأخوَّةِ.
وفي الحديثِ: الحثُّ على التَّزامِ الصِّدقِ في كلِّ الأمورِ؛ فإنَّ عاقِبتَه إلى الجنَّةِ.
وفيه: التَّحذيرُ مِن الكذِبِ الدَّائمِ؛ لأنَّه يؤدِّي إلى النَّارِ ويُفسِدُ الأعمالَ.
وفيه: دعوةٌ إلى الأُلفةِ والتَّآخي بين المسلِمين، مع التَّحذيرِ والنَّهيِ عن وقوعِهم في الحِقدِ والحسَدِ، والتَّنافُرِ؛ وهذا كلُّه أساسٌ للمجتمَعِ السَّليمِ.
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها